تونس: بدأ المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الجمعة المصادقة على دستور تونس الجديد الذي صاغه المجلس المنبثق من انتخابات 23 تشرين الأول/اكتوبر2011.

ويفترض الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل إحياء الذكرى الثالثة لـquot;الثورةquot; التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتأمل النخب السياسية إقرار الدستور قبل هذا التاريخ لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي ،عضو المجلس التأسيسي، الذي قتل بالرصاص يوم 25 تموز/يوليو 2013.

وحضر 192 من إجمالي 217 نائبًا في المجلس التأسيسي الجمعة الجلسة العامة المخصصة لمناقشة الدستور والمصادقة عليه. وفي أول عملية اقتراع، صوت 175 نائبا بنعم على تسمية الدستور الذي أطلق عليه اسم quot;دستور الجمهورية التونسيةquot;.

وخُصصت الفترة الصباحية من الجلسة لمناقشة quot;توطئةquot; الدستور على أن تتواصل الجلسة بعد الظهر. وفي الأول من يونيو/حزيران 2013 نشر المجلس التأسيسي على موقعه الالكتروني نسخة quot;نهائيةquot; من المشروع الجديد لدستور تونس تضمنت quot;توطئةquot; و146 فصلا.

ورفضت المعارضة، وقتئذ، هذه النسخة واتهمت حركة النهضة الاسلامية الحاكمة وصاحبة غالبية المقاعد في المجلس التأسيسي بـquot;تزويرquot; النسخة الاصلية من مشروع الدستور وتضمينها فصولًا قالت انها تمهد لإقامة دولة quot;دينيةquot;. وفي 18 يونيو/حزيران 2013 أنشأ المجلس التأسيسي quot;لجنة توافقاتquot; مهمتها تحقيق توافق واسع بين المعارضة وحركة النهضة حول المسائل الخلافية الرئيسية في مشروع الدستور.

وتعطلت أعمال اللجنة بعد دخول تونس في أزمة سياسية حادة إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي. وصاغت اللجنة أخيرا مسودة جديدة للدستور ضمّنتها العناصر quot;التوافقيةquot; التي تم التوصل اليها. ولا ينصّ quot;النظام (القانون) الداخليquot; للمجلس التأسيسي على وجود لجنة توافقات فيه.

والخميس صوّت المجلس خلال جلسة عامة على إدخال تعديل على نظامه الداخلي أحدث بموجبه quot;لجنة التوافقات حول مشروع الدستورquot;. وتتمثل مهام اللجنة في quot;النظر في المسائل الخلافية بخصوص مشروع الدستور واقتراح التعديلات الضرورية وإضافة فصول بتوافق أعضائهاquot; بحسب نص التعديل.

وبحسب التعديل، تكون توصيات لجنة التوافقات quot;ملزمة للكتل (النيابية في المجلس التأسيسي) بمختلف تياراتها السياسية والمجموعات الممثلة بهاquot;.

ودعت منظمات حقوقية دولية الجمعة إلى تعديل فصل في مشروع الدستور لضمان quot;سمو جميع الاتفاقات الدوليةquot; التي ابرمتها تونس على القوانين التونسية بما فيها الدستور. وهذه المنظمات هي هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومركز كارتر ومنظمة quot;البوصلةquot; التونسية المتخصصة في رصد انشطة المجلس التأسيسي.

وطالبت المنظمات في بيان مشترك بتعديل الفصل 19 من الدستور الذي ينص في صيغته الحالية على ان quot;المعاهدات (الدولية) الموافق عليها من قبل مجلس نواب الشعب، والمصادق عليها، اعلى (درجة) من القوانين (العادية) وادنى من الدستورquot;.

وقالت quot;يجب تعديل الفصل 19 لضمان سمو جميع الاتفاقيات (الدولية) التي صادقت عليها تونس، على القانون الداخلي (التونسي)quot; بما في ذلك الدستور. ولاحظت ان الفصل 19 quot;لا يمنح هذا السمو إلا للاتفاقيات التي صادق عليها مجلس نواب الشعب، وهو الاسم المستقبلي للمجلس التشريعيquot;، موضحة ان هذا quot;قد يعني أن المعاهدات التي وافق عليها المجلس التشريعي السابق لن يكون لها صفة قانونية أسمىquot;.

وقالت quot;يجب أن يُشير الفصل 19 إلى جميع الاتفاقيات +التي تمت الموافقة والمصادقة عليها+، دون تحديدها بتلك التي وافق عليها مجلس نواب الشعب لتجنب أي تفريق بينهاquot;. وكان خبراء قانون حذروا من أن الصيغة الحالية للفصل 19 من الدستور قد تكون مدخلا للتنصل من معاهدات دولية سبق لتونس الالتزام بها.

وبحسب قوانين المجلس التأسيسي، يتعين أن تصوت الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس (في مرحلة أولى) على كل فصل من الدستور بشكل منفصل. وبعد ذلك، يتعين أن يصوت ثلثا الأعضاء على الدستور كاملا في اقتراع منفصل.

وإن تعذر ذلك يتم عرضه مرة ثانية على التصويت للحصول على الثلثين. وفي حال عدم تصويت الثلثين عليه يتم عرض الدستور على استفتاء شعبي.