في وقت تواجه حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صعوبة في منع مسلحي تنظيم القاعدة من السيطرة على مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الانبار، تبدو الشكوك المتبادلة بين ادارة اوباما وبغداد عائقا أمام توحيد جهودهما ضد عدوم شترك.


عبد الإله مجيد من لندن: دفع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتعزيزات الى الانبار فيما تقدمت عشائر لاسناد قوات الشرطة ضد مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام quot;داعشquot; الذين سيطروا على مناطق من مدينة الرمادي نشروا فيها قناصة وعلى القسم الأعظم من مدينة الفلوجة.

ولكن في مؤشر الى انعدام الثقة بين واشنطن وبغداد أوقفت حكومة المالكي مؤخرا عمليات الاستطلاع السرية التي كانت تقوم بها طائرات اميركية بدون طيار في سماء الانبار.

وعلى الجانب الآخر من الحدود في سوريا حيث يثير تعاظم نفوذ الجهاديين قلق الغرب والمعارضة السورية الوطنية، اشتبك مسلحو داعش يوم الجمعة مع مقاتلي الجيش السوري الحر في مناطق متعددة من ريف حلب.

ولاحظ مسؤولون اميركيون حاليون وسابقون ان البيت الأبيض لم يقرر حتى الآن الى أي مدى يريد ان يمضي في مساعيه لاحتواء خطر الجهاديين سواء في العراق أو في سوريا.

وقال راين كروكر السفير الاميركي في العراق من 2007 الى 2009 quot;ان الوضع كان سيئا بما فيه الكفاية عندما كان الوباء محصورا في سوريا ولكنه ينتشر الآن، وهذا اسوأ بكثيرquot;.

واضاف كروكر quot;ان لا شيء يمكن ان يكون أشد مدعاة للقلقمن خطة الجماعات الاسلامية المتطرفة لتوسيع قبضتها على الأرض واقامة قاعدة تنطلق منها لتنفيذ عمليات بعيدة المدىquot;.

ونقلت صحيفة quot;لوس انجيليس تايمزquot; عن مسؤول اميركي رفيع ان طائرات استطلاع اميركية بدون طيار كانت تحلق فوق محافظة الانبار على امتداد ثمانية اسابيع تقريبا لجمع معلومات من اجل استهداف مسلحي القاعدة quot;ولكنها أُوقفت بصورة مؤقتة بناء على طلب الحكومة العراقيةquot;.

كما رفضت الحكومة العراقية مقترحات لاستخدام طائرات اميركية مسلحة بدون طيار خوفا من غضب العراقيين وردود افعالهم على عودة الاميركيين من النافذة بعد خروجهم من الباب.

ويرى مراقبون ان جذر ما يحدث في الانبار سياسي سببه نهج حكومة المالكيالذي اشاع شعورا بالتهميش والاستبعاد بين قطاعات واسعة من السنة.

وان الجماعات الاسلامية المتطرفة تستغل هذا الوضع الذي تجد فيه حواضن بين الساخطين والناقمين بسبب سياسة الاقصاء والتهميش تحديدا.

ويصح الشيء نفسه على سوريا حيث استعدى نظام بشار الأسد الغالبية السنية بنظام دكتاتوري غاشم غالبية اركانه من الأقلية العلوية.

وكانت حكومة المالكي قامت طيلة الشهر الماضية بتحرك نشيط في واشنطن لشراء اسلحة ومعدات عسكرية متطورة.

ولكن المسؤولين الاميركيين يخشون ان تُستخدم هذه الأسلحة لا ضد الجماعات الجهادية فحسب بل ولقمع خصوم مالكي السياسيين من السنة ايضا.

كما تساور البيت الأبيض مخاوف من ان الأسلحة التي تُباع الى بغداد يمكن ان تجد طريقها الى سوريا ليستخدمها مقاتلون في تشكيلات مثل ميليشيا ابو فضل العباس العراقية وحزب الله اللبنانيفي الدفاع عن نظام الأسد.

وتتوجس حكومة المالكي من جهتها إزاء الأنشطة التجسسية التي تمارسها الولايات المتحدة بطائرات الاستطلاع بدون طيار وردود الأفعال الشعبية التي يمكن ان يثيرها التعاون مع قوة محتلة سابقا.

ويرى مسؤولون اميركيون ان المالكي لا يريد ان يبدو بمثل هذه الحميمية مع الولايات المتحدة في وقت يسعى الى الفوز بولاية ثالثة، يضاف الى ذلك ان ابقاء المالكي على مسافة بينه وبين واشنطن ليس بعيدا عن نفوذ ايران في العراق.

وقال الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في مركز التقدم الاميركي براين كاتوليس انه رغم التعاون الذي قام بين واشنطن وبغداد فان هناك quot;اختلافا اساسيا بين ما تكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديمه وما تكون مستعدة للقبول بهquot; من المالكي.

وعرضت الولايات المتحدة مساعدتها في العمل الاستخباراتي والمعدات المرتبطة به، ولكن كاتوليس اشار الى ان حكومة المالكي لا تريد ذلك لأنه يتيح للاميركيين ان يروا ما تفعله بصورة مباشرة.

وطلب المالكي بدلا من ذلك بيع جيشه اسلحة يستطيع استخدامها بنفسه، بما ذلك طائرات اف ـ 16 ومروحيات اباتشي.

وكانت وزارة الدفاع الاميركية ارسلت في كانون الأول/ديسمبر 75 صاروخا من طراز quot;نار جهنمquot; الى القوات الجوية العراقية لاسىتخدامها ضد مسلحي القاعدة وتعتزم ارسال طائرة استطلاع صغيرة ذات مدى تكتيكي محدود من طراز quot;سْكان ايغلquot;.

ولكن محللين عسكريين قالوا ان العراق يحتاج الى أكثر من ذلك بكثير لمحاربة الجماعات الجهادية التي كثيرا ما تكون لديها اسلحة اثقل من أسلحة الجيش العراقي.

وكانت عمليات الاستطلاع السرية التي قامت بها طائرات اميركية بدون طيار بدأت بناء على طلب المالكي نفسه خلال زيارته للولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر داعيا الى مده بمساعدات عسكرية أكبر.

ورد المسؤولون الاميركيون وقتذاك قائلين ان تزويد الجيش العراقي بأسلحة يستغرق بعض الوقت ولكن عمليات الاستطلاع يمكن ان تبدأ على الفور تقريبا، فوافقت بغداد.

وقال مسؤولون اميركيون ان هذه العمليات تجمع معلومات أكثر مما تجمعه طائرات quot;سكان ايغلquot; الأصغر وانها كانت قادرة على استطلاع ما يجري في عمق سوريا فضلا عن المناطق الحدودية.

ونقلت صحيفة لوس انجيليس عن جيمس جيفري السفير الاميركي في بغداد خلال ولاية اوباما الاولى انالادارة الاميركية quot;ليس امامها من خيارquot; سوى تقديم مزيد من المساعدات العسكرية للحكومة العراقية.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف ان اهتمام الادارة ينصباولا على المجهود الدبلوماسي لاقناع الحكومة العراقية بضم قواها الى القيادات السنية في محافظة الانبار ضد المتطرفين. واعلنت هارف quot;ان هدفنا اجمالا هو تشجيع المعتدلين من كل الأطراف وعزل المتطرفينquot;.