من أستاذ جامعي إلى وكيل وزارة الإعلام السعودية، إلى سفير في العاصمة التركية، ثم سفيرًا في موسكو، فالرباط، وأخيرًا بيروت. ليعود هذه المرة وزيرًا ومقرباً من صاحب الأمر والنهي في البلاد.

خاص بإيلاف من الرياض: هو الشاعر والأديب عبد العزيز خوجة، وزير الإعلام السعودي، الذي يتشمّس داخل بحر من العواصف العاتية، أهمها وأخطرها عاصفة الانفجار الكبير والضخم للمعلومات وحرية التعبير، والذي قيدت إليه المنطقة اقتيادًا، فلم يعد الوزير السعودي يقود عددًا محدودًا من الصحافيين والصحف، يوجه إليهم التعليمات ثم ينام هادئًا على قرار آخر لو خالفوه.

quot;لدينا في السعودية 700 وسيلة إعلامية الكترونية مرخص لها من جانب الوزارة، وقد أنشأنا هيئة خاصة بالصحافيين الإلكترونيين منفصلة عن هيئة الصحافيين السعوديين، التي إمكانياتها المالية لا تساعدها بسبب التعقيدات الماليةquot;، هكذا قال الوزير لـquot;إيلافquot; من منزله القريب من وزارته والديوان الملكي في ضاحية المعذر، الباذخة السكان والبنيان.

عدد وفير، معالي الوزير. هل صاحب هذه التراخيص تدريب وتأهيل وشروط إنشاء مالية؟

خبير إعلامي قال لـquot;إيلافquot;: quot;هذا انفلات إعلامي يبدو أن الهدف هو السيطرة على تلك المواقع، لا إنشاء منظومة إعلامية متكاملة، ذات استيعاب لقيم الحداثةquot;. لكن الوزير يعترف: quot;رغم التقدم التكنولوجي وتطور العالم السريع وثورة المعلومات والمعرفة، إلا أن عقلياتنا ومفاهيمنا وردود أفعالنا لم تتغيّرquot;.

يضيف الوزير الشاعر، الذي لا ينسى أشعاره، المبثوث بعضها في أرجاء البيت الأنيق، quot;لم يعد بإمكان أحد أن يوقف هذا الإعصار، الجميع تحول إلى باث للمعلومة والحدثquot;.

إذًا، ما الذي يمكن عمله في هذا الظرف؟

quot;لقد انصرفت كثيرًا إلى إعادة بناء الوزارة من الداخل، حيث البنية التحتية ونظام المأسسة

جرى تحويل قطاعات التلفزيون إلى مؤسسة قائمة بذاتها، لها صلاحياتها المالية والإدارية. كذلك فعلنا مع وكالة الأنباء السعودية، التي أضحت ذات استقلالية عن جهاز الوزارة، وأنشأنا هيئة للسمع والبصر، التي لا توجد في كثير من بلدان العالم، كما تم تقنين الصحافة الإلكترونية عبر نظام خاص بهاquot;.

وبدا الوزير فخورًا، وهو يتحدث عن إصداره الجديد لليومية quot;مكةquot;، وهي جريدة يومية صدرت من العاصمة المقدسة مكة بحر الأسبوعين الماضيين. quot;ساعدنا على إصدار جريدة مكة لأسباب كثيرة، منها معناها المقدس وضرورة وجود جريدة من المدينة التي انبثقت منها الرسالة المحمديةquot;.

علمًا أن الصحف السعودية بلغت 12 جريدة يومية غير المتخصصة وباللغات الأخرى، في مجتمع قوته الشرائية من الصحف لا تبلغ ثلث مليون نسخة على أكثر التقديرات تفاؤلاً، فضلاً عن النقص المهني. الوزير يعلم ذلك، لكن الصحف في العادة لا تصدر بقرار من السوق.

يبقى أن وزير الإعلام في السعودية، كما هو في البلدان المسافرة quot;حديثاًquot; للنمو، الشغل الشاغل للجميع، فعليه تقذف الأخطاء، فضلاً عن سباحته في بحر من الشائعات، مثل سؤال هل يبقى الوزير أم يُغادر؟

المختلفون معه يحددون ساعته، التي لا ريب فيها، بأيام أو أسابيع، والأصدقاء يقولون خلاف ذلك، وإن ذهب فربما إلى موقع أعلى.

الوزير يبتسم:

quot;سأخرج راضيًا من عملي في وزارة الإعلام كوني وضعت الأسس التي ستسير عليها الوزارة إلى سنوات بعيدة. حين يأتي وزير شاب سيرى بعينيه أن الأمور ستسير أفضل، البعض انتقدني حين فككت الوزارة على اعتبار أن الكثير من المسؤولين يعشقون المركزية، لكنني أردت المصلحة العامةquot;.

يختم الإعلامي المتقاعد، ردًا على كلام د. عبد العزيز خوجة في إشارته quot;للوزير الشابquot;:

منذ 1962 حين تولى جميل الحجيلان وزارة الإعلام، وهو بالثلاثينات، لم يتولَّ الوزارة الا الشيوخ.

الوزير ودخول عش الدبابير مع quot;العربيةquot; وquot;أم بي سيquot;

الدكتور خوجة يشعر بفخر كونه أنشأ مشروعًا لقياس نسبة المشاهدة التلفزيونية، الذي يقول عنه أقوى رجل في الوزارة، الدكتور رياض نجم، رئيس هيئة الإعلام السمعي والبصري، إنه يستهدف أخذ النصيب الأوفر للمملكة من الإعلان في المنطقة، وإنه quot;سيكون بداية لتنظيم سوق الإعلام، التي تعتبر في الوقت الحالي بعيدة عن الحياديةquot;.

لكن البعض يرى أن الموضوع صراع خفي بين أجهزة وزارة الاعلام مع مجموعة من الوكلاء، بمساندة من الامير الوليد بن طلال، صاحب روتانا، لانتزاع حصة quot;أم بي سيquot; من السوق.

وليد آل ابراهيم، صاحب quot;أم بي سيquot; وquot;العربيةquot;، يرى في حديث لـ quot;إيلافquot;، أن من يقرر النسب هو جهة محايدة تنبع من المعلنين أنفسهم. المشروع ساقط كون المعلنين غير متأكدين من حيادية تلك الجهة، بل هم رفضوهquot;.