لم أقم بزيارة الى العراق منذ أن غادرته أوائل عام 1991، كما ليس لي النيّة في زيارة البلد السابق !! وأهلي هناك، فهم قد تغيروا، أصبحت لا أعرفهم مثل قبل، خاصة وأني غادرتهم في الثامنة عشر من العمر،ثم غادرت البلد ( العراق ) تماما ً وأنا في الثلاثين من العمر،وفي الخمسين الأن أنظر للعراق وكأنه طفل مرمي على قارعة الأمم المتخلفة، بعض الأحيان استحي من عراقيتي، على الرغم من عراقويتي،وبعض الأحيان أتعصب وأرد بمزاج غير مسالم لسؤال: الأخ عراقي : نعم عراقي :- مسيحي لو مسلم؟ سني لو شيعي عراقي كردي لو عربي؟، خلطة قبيحة من الإسئلة التي ُتهين كيان الإنسان وديمومته وخصوصياته،هنا ليس بودي أن أقول كلاما ً مكررا ً عن العراق ووحدته وتلائم شعبه المفقود تماما ً سابقا ً و حاليا ً،ولكن مايثير المراقب هو الإصرار على بناء أضرحة ومراقد وتكيّات للقتلة والحكام الفاسدين الذين أذلوا أمّة العرب والأمّة العراقية على الخصوص كونهم قادّة شعوب وثوّار، فالشعوب العربية والناطقين بالعربية الشرقية ليس لهم ثائرا ً معاصرا ومهما في التاريخ الحديث،لذا عمدوا الى تدريس عبد القادر الجزائري وعمر المختار وكلاهما من المغربيين على أنهم ثوار العروبة والوطن العربي الموهوم، والتاريخ يعلمنا جيدا أن الإصرار على عبادة الضريح لاتعني حب الضريح نفسه، بل العكس،فكان صديقي ( علي عبد الأنبياء ) يقف على اضرحة وهمية لسادة وأولياء في جنوب العراق فيهزأ متشمتا ً بأولياء عظام!!

ونكاية بحب الشيعة العراقيين و(ليس أحزابهم ) للديمقراطية وكراهيتم الشديدة لصدام حسين وعشيرته والذي تبرع بملايين الدورلات لضحايا فلسطين ولبنان وموريتانيا بينما أمهاتهم يتضورن جوعا ً وعوزا ً واسفا ً على عراق واحد، قسّمه( صدام ) في التسعينات بين (وهابي ) و(شيعي )،لذا فأن عائلة صدام وأحبابهم قد كلفوا شركة ( البسّام ) الأردنية لعمل قبر الرئيس العراقي المشنوق صدّام على أنه قبر رئاسي، وضريح عبارة عن قصر رئاسي تزينه الصور والأشعار المنقوشة بالعاميّة العراقية والعربية الفصحى والبلاط الملكي الإيطالي والمناضد الرئاسية والمقاعد البيضاء الفاخرة التي لاتليق سوى بمؤخرة الرئيس وزبائنه والورود الطازجة والإصطناعية والقبر محاط بالبياض والنقوشات القرآنية المختارة من السّور والآيات!!، وقد أفتتحته السيدة ساجدة وابنتها رغده في زيارة سرية الى تكريت عاصمة عشيرة الرئيس المعدوم بموافقة الحكومة الشيعية، كونهما سيدتان عراقيتان تزوران بلدهما وقبر الزوج والأب..!!

هل هناك أكثر من ديمقراطية الحكم الشيعي في العراق، مَنّ يعرف المالكي أوالجعفري أو غيرهم..، أو من يتعرف اليهم عن قرب، سوف يخرج بدون أسئلة، فقط يقول : والله أوادم خوش أوادم، مو مثل صدام هذا (الأخرق )،المشكلة لماذا الشيعة وأحزابهم ورؤسائهم يحبون الأضرحة واللطم على الرؤوس والصدور....؟؟؟.ولماذا كل هذا الفساد والفضائح والتراجع المدني، ولماذا ليس لهم المناهج والخطط التنموية والتطويرية،وما هي علاقتهم بولاية الفقيه الإيراني كـ(أساس) للحكم الشيعي في العراق، هل رفض الجعفري والمالكي اساس الحكم الشيعي، أم كان إعترافهما بالديمقراطية الغربية هي نوع من التسلق لسلطة كريهة وعُقد ذاتية تمثل طائفة رئيسية عراقية برمتها وهي مرفوضة تماما ً من قبل الشيعة العراقيين، وهل تقسيم العراق العاطفي لحد الأن، لا يؤدي بتسليم الجنوب العراقي الى بلد أجنبي...وهل سنشاهد في مستقبل قريب أو بعيد أن بعض الشيعة يلطمون أمام قبر ( الشهيد ) صدام حسين..!!

الذي أدمن الغزوات و اختراعها والتصدي لها،ناسيا ً التجارة والمهارة والصناعة والسلام ونشر المعرفة والمدنية بين الأطفال والأشبال،وإذا كان هناك من يزور القائد في ضريحه وملايين يزورون الإمام الحسين في ضريحه جد ُ صدّام(حسب ختم مراجع الشيعة ) في شجرة عائلته، فلماذا هذا العناء الكبير، يمكنهم التبرع لطفل عراقي فقد أمه وابيه أثناء حروب قائده والتي تبعت سقوطه من الضحايا والتصفيات،أو الى مستشفيات العراق ودور الحضانة والأيتام هناك، الحل...، ما هو الحل؟؟ الإنتماء للعراق بلا سياسة واحترام حقوق الإنسان،واشاعة أجواء العمل وليس البطالة.............الخ