وظيفة السكرتيرة أختراع ذكوري للأسف انساقت له المرأة، وقبلت ان تنجر الى عمل هو في جوهره اعادها الى عصور الحريم والجواري والمحضيات وحولها الى مجرد أداة لخدمة الرجل والترفيه عنه انطلاقا من نظرته الذكورية العنصرية البشعة لها بأعتبارها كائنا أقل مكانة منه خلقت من اجل خدمته فقط!

ومجرد أنتشار ظاهرة عمل المرأة في وظيفة سكرتيرة في كافة المجتمعات.. يعكس خللا أخلاقيا فظيعا حتى في الدول المتحضرة الغربية، فتواجد النساء بهذه الاعداد الهائلة في هذا العمل هو أستدراج ذكوري لهن، وتكريس لمفهوم عنصري ينظر للمرأة بأستعلاء ويعاملها بدونية، اذ لانرى في المقابل إلا قلة قليلة جدا من الرجال يقبلون بالعمل كسكرتير حتى في المجتمعات المتحضرة التي تحترم العمل وليس لديها تحسس منه مهما كان نوعه مما يدلل على ان القصد من وراء هذه الوظيفة ليس تنظيم شؤون المكتب حصرا.

ومع أحترامنا الشديد للنساء اللواتي عملن بهذه الوظيفة أضطرارا من اجل كسب لقمة العيش، والى المحترمات اللائي قبلن به طوعاً.. فأن الكثير من السكرتيرات عملهن مجرد ستار لإخفاء علاقات غرامية مهينة لكرامتهن تربطهن برؤساء العمل كونها قائمة على المصالح وليس الحب الراقي الذي يجمع المرأة بالرجل، فالصفقة هنا تكون كالتالي: هي تمنح جسدها لرئيسها في العمل، مقابل التمتع ببعض المزايا الوظيفية والمالية والنفوذ في مكان العمل، فبعض السكرتيرات هن من يهيمن على شؤون ومكان العمل والتحكم به وحياكة الدسائس داخله، وعقد الصفقات وأستلام العمولات والرشاوي وغيرها من الألاعيب!

والمجتمع امام هذه الحالة يجب عليه ان يقوم بواجبه الاخلاقي في حماية المرأة من استغلال الرجل الجنسي لها ومن مفاهيمه الهمجية، ونزعته الذكورية في إذلالها وتحويلها الى مجر جارية في مكتبه لخدمته... وايضا يجب ان يقوم المجتمع بحماية المرأة من نفسها وضعفها امام مغريات هذه الوظيفة، وذلك بمحاربة أشتغال المرأة كسكرتيرة وتصعيد الامور الى أصدار تشريعات بهذا الخصوص، واعتقد ان من يتحمل المسؤولية أولا للقيام بهذه الحملة الانسانية الشريفة هي منظمات المجتمع المدني كافة وخصوصا منظمات الدفاع عن حقوق المرأة أضافة الى وسائل الاعلام وكل انسان شريف يحترم كرامة المرأة.

قد يقول قائل: ان العلاقات الجنسية لايمكن منعها، وان مفاهيم الرجل حول المرأة والنظر لها بدونية كذلك مترسخة في وعيه.. فما هي الجدوى من الحديث عن موضوع هامشي مثل وظيفة السكرتيرة؟.. الجواب: هو ان شرعنة إذلال المرأة وإهانة كرامتها في الدوائر الحكومية في جميع بلدان العالم، وفي المكاتب الأهلية... شيء خطير وتكريس دائم لهذه المفاهيم الذكورية المتخلفة وأضفاء الشرعية الرسمية والشعبية عليها، وهذا مايجب محاربته دائما.

والسؤال هو: هل يقبل الرجل المتوازن نفسيا وعقليا ولديه قيم انسانية نبيلة... بأن تعمل أمه أو أخته أوزوجته أو ابنته سكرتيرة؟

[email protected]