من مفكرة سلطان القحطاني

middot; الجمعة ndash; 5 مارس
1-أبو ظبي تحتاج إلى المترو والهايد بارك... وشيكسبير !
شيئان في الإمارات يمكنهما أن يجعلاك تتذكر أجزاءً من المشهد البريطاني المعتاد، هما شاي الخامسة نهار كل يوم الذي يأتيك ممزوجًا مع الحليب في كوب صغير الحجم، إضافة إلى الصحف الأسبوعية التي تأتيك في يوم الجمعة بحجم ضخم يذكرك بصحف الأحد اللندنية، وإن إختلف اليوم المقدس أسبوعيًّا بين الدولتين.
قلت ذلك لصديقي فقال لي ولا تنسى quot;الوزارquot; الذي يلبس تحت الثوب وهو تقليد اسكتلندي والربطة التي تتدلى من عنق الثوب وكأنها الكرافتة !
حاليًّا لا ينقص أبو ظبي لتكون quot;لندنquot; جديدة تولد في الخباء الخليجي، الذي يشهد فورة إنمائية، إلا الحصول على مترو أنفاق يسري في أوصالها المترامية، أضف إلى حديقة كبيرة تشابه quot;الهايد باركquot; في خضرتها ووجوها الحسنة وحريتها، ومحاولة إيجاد شكسبير جديد، والأخيرة قد لا تكون بصعوبة ما قبلها إذ إنه من الصعوبة إيجاد منبر حر في العامل العربي يشابه بريطانيا.
(التحدي الحقيقي في رأيي هو quot;الوجوه الحسنةquot;، وما أقلها، وquot;شيكسبيرquot; وما أصعبه رغم ملايين quot;شاعر المليونquot; الذي وصفه أحد أصدقائي بأنه quot;ستار أكاديمي البدوquot;).
حينما قلت هذه الأمنيات لصديقي الظبياني قال لي أن الأمارة تفكر جدياً في إنشاء هذا المترو لكنها كانت تنتظر ما يمكن أن تفعله دبي للإستفادة من تجربتها. تذكرت فجأة تاكسي لندن فقال لي أنه موجود. وفتشت عنه في الشوارع لكنني لم أجده.
من الصعوبة على مشتري صحف الجمعة في الإمارات، التي تشهد صعودا اقتصاديا سريعاً، أن يتمكنوا من ثني الصحف نظرا لضخامة حجمها بعد أن تكون تحوي وجبة دسمة مليئة بالملاحق والمجلات المساندة التي لا تظهر مع العدد إلا في هذا اليوم من الإسبوع.
وكل هذه الأجواء اللندنية قد تعتبر سلوة وتذكاراً لأيام الشباب لأولئك الذين درسوا في بريطانيا العظمى وعلى رأسهم ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد باني النهضة الحديثة في الأمارة الغنية بالنفط والأحلام بالمستقبل!
middot; الأربعاء ndash; 3 مارس
2-quot;كوبونات النفطquot; وquot;كوبونات الثقافةquot; في أبو ظبي !
حين وصلت إلى أبو ظبي بعد رحلة لطيفة - رغم أن وداع لندن ليس لطيفاً أبداً - لم أتمكن من النوم. حاولت عدة مرات لكنني لم أستطع. حين نظرت من نافذة غرفتي في الفندق إلى معرض الكتاب الذي لا يبعد عني سوى خطوات قليلة، قلت في نفسي لأستغل الوقت وأذهب فالنوم بعيد المنال.
مشيت وشمس أبو ظبي تمدني بالدفء. حاولت الدخول فراعني عدد الأطفال الذين رأيتهم، إضافة إلى حافلات النقل المدرسي، والأصوات المزعجة. فكرت في العودة مرة أخرى إلى فندقي وليكن ما يكن، لكن نداء غريباًُ شدني ودخلت إلى المعرض. دخلت في غابة كبيرة من الأجيال، والأحلام، والإبتسامات التي كلها أمل في المستقبل.
ولكن لماذا هم هنا؟ لأن محمد بن زايد أمر لهم بأكثر من مليون دولار قيمة كتب يشترونها مجاناً عن طريق كوبونات يحصلون عليها تمكنهم من شراء ما يحتاجون إليه. في دول أخرى تمضي quot;كوبونات النفطquot; لسرقة الشعوب، بينما أبو أظبي توزع quot;كوبونات الثقافةquot; مجاناً على الصغار ليلحقوا بالمستقبل، وأبو ظبي هي المكان الوحيد في المنطقة الذي يتفرغ تماماً لصناعة مستقبله.
ولم يكن صدفة أن أسمع في نفس اليوم حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي يقول أن علينا أن ننمي في الأطفال حب القراءة منذ الصغر لأن هذه هي العلاقة التي سوف تستمر معهم حتى سنوات الكهولة.
بالفعل لوأنني لم أقرأ قصة quot;الدجاجة الحمراءquot; في مكتبة المدرسة الإبتدائية التي درست فيها لما قرأت حتى الآن أي كتاب. أتذكر أن أمين المكتبة جاءني بعدها بأسبوعين وهو يلحظ ذلك الطفل الذي يحاول الوصول إلى أحد الرفوف العالية للحصول على كتاب كبير.حينما قلبه بين يديه قال لي: quot;إنه كبير عليك لا يصلح فتش عن كتاب آخرquot;. شعرت بالخيبة وهو يعيد كتابا كان عنوانه quot;ديوان المتنبيquot; إلى الرف.
بعدها قرأت المتنبي بعنف، وسكنت أنا وهو سكنى الروح والجسد، ولا اعرف مالذي حدث، هل صغر المتنبي ؟ أم كبرت؟ أم قصر الرف؟
middot; الخميس ndash; 4 مارس
3-خطر يتهدد صحافة الإمارات من quot;القومجية الفلسطينيةquot; !
بدأت علاقتي مع أبو ظبي منذ خمس سنوات سمان حينما أرسلني أستاذي في المهنة والحياة، ناشر إيلاف، لتغطية إحدى القمم الخليجية. منذ ذلك الوقت نمت علاقتي بها بفضل ثلاثة من أصدقائي الذين فتحوا لي الأبواب وأبواب الأبواب، رغم أن الرياح تمضي بالبعض، وتأتي بالبعض، وعزاءنا أننا نعيش في غابة متشابكة لها القدرة على الحكم والحكمة أحيانا !
أقول أن أكثر ما كان يقلقني على أبو ظبي حينها، والإمارات بشكل عام، هو ندرة المواطنين في المؤسسات الإعلامية رغم أن جريدة quot;الإتحادquot; تحاول قدر الإمكان تطعيم صحيفتها بالوجوه الإماراتية الشابة. هذا يعني أن فكر البلاد سيكون غائباً عن الأماكن التي يجب أن لا يغيب عنها.
وكشفت حرب quot;حزب اللهquot; الأخيرة التي سببها خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين عن quot;الأقلية الصامتةquot; من الإعلاميين العرب الذين احتضنتهم أمارة دبي على وجه الخصوص، وظهروا مبالغين في تأييدهم للحزب بشكل فاق مناصريه من quot;الحزبيين المعتقينquot; في بيروت وطهران خارجين بذلك عن السرب الرسمي الحكومي للإمارات، الذي كان متسماً مع رؤى عواصم الخليج الأخرى الأربع، باستثناء قطر، حول الأزمة.
أتذكر أنه في أحد حلقات برنامج quot;قلم رصاصquot; الذي يقدمه الإعلامي المصري حمدي قنديل ويبثه تلفزيون دبي الذي تموله الحكومة الرسمية للإمارة، قال قنديل أن حسن نصر الله quot;إمامه وسيده وزعيمهquot;، وأنه quot;أشرف من الزعماء العرب جميعهمquot;، دون أن يستثني قنديل حكام دولة الإمارات التي يعمل فيها، إضافة إلى أن العديد من التقارير الصحافية التي كتبها صحافيون من جنسيات عربية غمزت من قيادات بعض دول الخليج دون تسمية وقتها.
حين قلت لصحافي كبير في أبو ظبي، قصة شكوكي وظنوني قال لي بديبلوماسية :quot; إن حدث ذلك في الماضي فأتمنى أن لا يحدث في المستقبلquot;.
وبالفعل أتمنى أن لا يحدث ذلك لا في الماضي، ولا في الحاضر، ولا في المستقبل !

[email protected]
مقالات أخرى في مدونة سلطان القحطاني