لم يكن السيد مسعود البارزاني مجانبا للصواب حين اكد أن العراق القوي الموحد الذي لا زال يداعب احلام بعض العراقيين ، لا اكثر من احلام عصافير .

الرجل عايش المسار العراقي منذ ايام حلبجة والأنفال والهجرة المليونية صوب تركيا وإيران والسعودية لملايين العراقيين ، عايش إنتفاضات الشيعة والأكراد ، ولاحقا مؤتمرات لندن وفيينا وصلاح الدين ، وايام التأسيس للمؤتمر الوطني العراقي والبيت الشيعي والزيارات المكوكية السرية والعلنية لإسرائيل من قبل العديد من عمائم المعارضة وحراميتها .

والرجل عايش الكراهية العراقية التي تجلت بأقذر اشكالها إبان هجمة القاعدة والمقاومين العرب على فئة واحدة محددة من عرب العراق ، وحملات التفجير والتقتيل الواسعة التي طالت مئات الآلاف من هؤلاء قبل أن تنتقل إلى الفئة الأخرى بمشيئة وإرادة ذات اللاعبين الثلاثة الكبار .. امريكا وإسرائيل وإيران ..!

والرجل عايش عبر عقود من السنين حجم ضعف العرب ، ضعف حجتهم .. ميوعة مواقفهم ... تخاذلهم التاريخي كراهيتهم لبعضهم وإستعداد كل واحد منهم لأكل لحم اخيه حيا من اجل التنعم بعيش آمن بعده ولو إلى حين ، ولهذا سلّموا رقبة صدام ومفاتيح بغداد للأمريكان والإيرانيين ، ثم شرعوا بتوجيه كراهيتهم صوب اهل العراق الأبرياء المساكين لإعادة تصحيح الخرق الذي فتقوه بحماقتهم .

والرجل يعرف جيدا ( اكثر بكثير من بعض الحكام العرب والكثير من العراقيين الحالمين ) وهو القريب من دوائر القرار الإسرائيلي الأمريكي الإيراني ، يعرف حجم المخطط الكبير المرصود منذ ايام بوش الأب مرورا بكلينتون وبوش الأبن وإنتهاء بأوباما .

الرجل يعرف ويعرف جيدا أن آخر أيام العراق الموحد هو التاسع من نيسان 2003 وأن آخر حاكم فعلي حقيقي لهذا العراق الموحد هو الدكتاتور صدام حسين .

ما تلى ذلك من مجلس حكم ودستور وإنتخابات وووو ، لا اكثر من ديكور تجميلي للمهمة الخطيرة الكبيرة التي صرف الأمريكان عليها دماء قلوبهم .

مهمة بناء الشرق الأوسط الجديد ... !

الشرق الأوسط بدويلات طوائف صغيرة عديدة متناحرة متقاتلة تؤمن لإسرائيل السلام الدائم لألف .. أو الفين من السنين .

وهل من سبيل لذلك غير ادواتنا غير المباركة التي نتفاخر ونباهي العالم بها ؟

ثقافتنا المريضة وميراثنا غير المبارك .