جرى إتصال هاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي طيب اردوغان.....

اردوغان: مرحبا سيادة الرئيس

الأسد: اهلاً دولة الرئيس. أرجو أن تكونوا بخير....

اردوغان: والله يا ريس كل ما قلته لي كان صحيحاً .....لا أعرف كيف أرد لك الجميل. ولكن كيف توصلت الى تلك الحكمة الخارقة؟ شيء لا يصدق....

الأسد: هذا سر....وبما أنك من أقرب الأصدقاء الي,سوف تكون أول من يعلم ذلك السر...

اردوغان: ولو.....نحن أكثرمن مجرد أصدقاء.....لقد تقاسمنا الخبز والخيزرانة لأربعة قرون....وعلمناكم االمدنية والحضارة....وعفونا عنكم في اضنة ....

الأسد: في الحقيقة صاحب هذه النظرية كان المرحوم والدي.....

اردوغان مندهشاً: تعني والدك حافظ؟؟.....لقد توفي منذ زمن بعيد...

الأسد: نعم الوالد بالذات......فقد كان يجمعنا,نحن أولاده وأنا من ضمنهم,عدة مرات في السنة بهدف التحضيرلإستلام السلطة من بعده....ولم يكن يخفي إعجابه بي بشكل غير مباشر. كان يقول: ولدي بشار كم تشبهني من الرقبة وما فوق....

في إحدى المرات توقف فجأة عن الكلام وطلب السكوت والإستماع بكل دقة وقال: إذا عملتم بنصيحتي فإنكم ستحكمون سوريا الى الأبد.....

الجميع رد بانهم سيطبقون كل وصاياه بحذافيرها. قال الوالد وهو ينظر في عيني: الأمر بسيط جداً......إفعلوا عكس ما تقولون.....لا تنسوا هذه النصيحة أبداً.....التطبيق على أرض الواقع ليس سهلاً. مفتاح النجاح هو أن ترفع الشعارات والوعود لا أكثر......طبعاً هناك دائماً ضحايا بلا ذنب.....مثلاُ القتلى في حروب حزيران وتشرين....وإلا كيف كنا سنحصل على المال من أصحاب العقال....

بدى الإستغراب على وجوهنا ونحن نستمع بوجوم.....ثم أردف قائلاً: هذا هو السر في السياسة التي مكنتني من الحكم كل هذه العقود.....ألم تكتشفوا ذلك؟. قلنا أننا سنحررفلسطين...... ولكن أعطينا الجولان حتى تقضيquot;الجماهيرالبليدةquot; وقتها في البكاء واللطم على الخدود. قلنا لا صوت فوق صوت المعركة.......ولا رصاصة واحدة على اسرائيل. قلنا أن عدونا هي امريكا والراسمالية....الخ.....ولكننا سمن على عسل معهم..... لا تنسوا أن ملايينكم من الدولارات في البنوك لم تأتي من الاشتراكية.... نادينا بالإشتراكية.....ووزعنا عليهم الفقروالجوع بمساواةٍ لم ينجح فيها أي بلد إشتراكي. أما الحرية فقد رددناها كل يوم......ولكن بنينا كل يوم فرع جديد من المخابرات. النزاهة طبقناها على الشعب فقط.....أما المسؤولين وقيادات الجبهة التقدمية فقد دربناهم على اللصوصية وفنquot;البلعquot;....لم نبذل أي جهد في تعليمهم..... في الأساس كانوا حثالة الشعب السوري كما تعرفون من خلال علاقاتكم بهم....ماشاء الله كانوا جميعاً متفوقين وكأنهم قضوا سنين الطفولة في سجون الأحداث....في الإجتماعات كانوا دائماً ينظرون الى جيوبي وعيونهم على قلمي الذهبي....الأفواه مفتوحة كفم السمكة لايشبعون......طبعاً الرفاق في حزب البعث صقلت مواهبهم أكثرفاكثرفيما بعد.... أما الوحدة العربية فقد رددناها خمسين مرة في اليوم....ولكن دخلنا النزاع مع كل البلدان العربية إلا الصومال....الحدود مع quot;البعث العراقي الشقيقquot; بقيت مغلقة لمدة 17 سنة....ولا ذبابة واحدة لم تتجرأ على خرق الحدود بيننا.....مع ذلك أضطررنا الى تحقيق الوحدة مع لبنان كما تعلمون.... العروبة كان شعارنا quot;المقدسسسسس.....quot; ولكن تخاصمنا مع كل العرب وأصبحنا أصدقاء لكم تركيا ولـ quot;ايران الشقيقةquot;......

يا دولة الرئيس هذه شعوب بليدة وهذا ما يستحقونه.....

اردوغان: لقد عملت بنصيحتك يا سيادة الرئيس وطبقتها على الكرد أولاً في تركيا.....رفعنا شعارquot;الإنفتاح الكرديquot; ولكن أدخلنا 1500 سياسي منهم الى السجون وإنطلت عليهم اللعبة... بعدها أغلقنا حزبهم.....في الحقيقة لم أكن أتوقع أن يكون الكرد أيضاً سذج كالعرب....

الأسد: إنهم أشد بلادة...وفوق ذلك بلادة أهل الجبال.....تصور أني تناقشت في البيت مع أم الاولاد بصدد تفصيل بدلة من الجوخ (القماش) الانكليزي وكررت كلمة معامل النسيج كثيراً....بعدها أعطيت تصريحاً حول الاكراد ...وفجأةً جاءت تلك الكلمة quot;النسيجquot; بسبب ذلك النقاش.....وكنت أقصد مسح الجوخ الذي يمارسه سياسيوهم....قنبلة نووية وإنفجرت.... الأكراد بدأوا الرقص والدبك والزمر والزعيق لتلك الكلمة...ليس عامة الناس فقط بل كل الأحزاب والسياسيين ....تصورأن الأطفال لا ينامون دون تمتمة الأمهات بـ نسيييج..نننسيج نانانسييييج....لكثرة ما سمعوها من آبائهم.....حسب تقارير الموساد....

ولكني يادولة الرئيس قلق كثيرأ على ولدي حافظ الذي سيحكم من بعدي....

اردوغان: لماذا؟ أعتقد أنه يحمل جينات أسرتكم وسينجح دون شك.....ثم أنه يعيش في quot;قصر الشعبquot; وسيعرف كيف يحل أرواحهم....عفواً مشاكلهم

الأسد: القضية أعقد بكثير....ياسيدي والدته عاشت وتعلمت في بريطانيا....ولا تعرف الكذب واللف والدوران ومسح النسيج...عفواً الجوخ....وحافظ يتربى على يديها....إذا لم نجد حلاً سيكون ذلك نهاية حكم أسرتنا وبالتالي نهاية الإستقرار في البلد.....

اردوغان: البلد مليء بالبعثيين,ألا يمكن أن تجد له مربية بعثية تعلمه تلك الخصال في فن الحكم؟

الأسد: سامحك الله...أمر مستحيل...سوف يقوم بالإنقلاب وهو لم يبلغ الخامسة عشرة,بل وسوف يعلقني على عود المشنقة بتهمة العمالة لإسرائيل.....الايمان بالبعث وأخلاقياته ليست عملية سهلة.....القضية تؤرقني كثيراً....

اردوغان: فعلاً الأمر معقد جداً....أنا أيضاُ أصابني الدوار....بعثي أم إنكليزي....الله يكون في عونك...

الأسد: أنا قلق من ولدي...قضية الجماهيرسهلة جداُ.....إنهق معهم حتى تدخلهم المزاريب وأقفل عليهم الباب وبعدها لا يطلبون شيئاً غيرالشعارات والشعير.......
مع السلامة...وشكراً على هذه المكالمة....

طبيب كردي سوري ـ السويد
[email protected]