منذ ان تم الاعلان المتوقع لائتلاف دولة القانون مع الائتلاف الوطني وحال الاعلام العربي وخلفه الموقف السياسي العربي لايسر صديق ولاعدو، فهو تارة يصف هذا الائتلاف بالطائفي وتارة اخرى يصفه بنصر ايران في العراق، مع العلم ان هذا الائتلاف منطقي وجدا طبيعي في ظل التمترس الطائفي والعرقي في العراق الحالي وكل من ينفي هذا التمترس فانه اما حالم مثالي يرافقه صفاء النية او انه يحاول ان يلتف على عقول العراقيين طبعا مع فقدان صفاء النية تلك التي لاتصلح ان تكون في السياسة لا من بعيد ولامن قريب.
ان كل القوائم الفائزة في الانتخابات العراقية تمثل طائفة او قومية معينة، وهذه نتيجة جدا منطقية مع دورة التاريخ في العراق بعد قرون وعقود من الاقصاء والتفرد، لذلك اذا كان هناك من أمل ان تتحول هذه القوائم الى جامع عراقي يترفع على الموقف الطائفي والقومي فان هذا الامل بحاجة الى اكتمال عناصر تواجده من خلال بناء عوامل الثقة المشتركة بين كل ابناء العراق دون استثناء، وهذا الجانب المأمول ان توفرت عناصر نجاحه فهو بحاجة الى اربعة دورات انتخابية قادمة في أقل تقدير بما يعادل حوالي عشرين عام وهي مشروطة مسبقا بتوفر أرضية واضحة من الثقة المشتركة.
من جانب أخر يريد البعض مثلا ان يقنع الجمهور بان القائمة العراقية هي قائمة وطنية جامعة دون غيرها من القوائم، والجميع يعرف ان هذه كذبة كبرى يريد البعض جعلها مطية للوصول الى سدة الحكم في العراق، فالقائمة العراقية هي جزء من وضع عراقي وهي قائمة quot; سنية quot; وان كان رئيسها المعلن هو شيعي علماني يرافقه بعض الوجوه الشيعية المعروفة هنا او هناك، لكن الجميع يعرف بل وارقام المفوضية تكشف ان الاصوات التي جمعها اياد علاوي هي جاءت من مناطق شيعية معروفة بينما الاصوات التي جمعها الهاشمي والنجيفي وقائمة المطلك والعيساوي جاءت محصورة من الموصل والرمادي وصلاح الدين وجزء من ديالى. لذلك عصر التلاعب بالمفردات وتقديم جملة وتاخير جملة وأغتصاب العروبة بشعارات قومجية لن يغير هذا الواقع وايضا محاولة جعل علاوي واجهة وجسر لاغتصاب الحكم على اعتبار انه quot; شيعي quot; هذه الامور مجتمعة لاتنطلي على ابسط مواطن عراقي، و ايضا لااعتقد ان الغالبية الساحقة من عرب العراق تنتظر استلام او تاشيرة صك نقاء عروبتها من رموز القائمة العراقية.
ان تحالف القانون والوطني اصبح في ظل هذه الحقائق ضرورة لابد منها لتثبيت الامور في نصابها الحقيقي ولصد كل محاولات الالتفاف الطائفي على حق الاغلبية الساحقة من ابناء العراق، واذا كان البعض من القائمة العراقية يجيز لنفسه ان يتكلم بلغة السنة والشيعة ولغة الطوائف ويقدم اياد علاوي الشيعي لرئاسة حكومة العراق، ففي المقابل فان الحق الدستوري ويسبقه الحق الانساني والتاريخي في العراق ونتائج التصويت والواقع السكاني في العراق تعطي كامل الحق لائتلاف القانون والوطني في تشكيل الحكومة الجديدة. وهذا يحاكي في واقع الامر لغة الطوائف والقوميات التي يتكلم بها رموز القائمة العراقية و بعض الاعلام العراقي والعربي الداعم لهم بشكل هستيري يثير الاستغراب ومعه بعض العطف والرأفة.
والدول العربية ستبقى هي الخاسر الاكبر طالما رأت الامور بمنظور طائفي في العراق، لان رئيس الحكومة العراقية كان وسيبقى من الشيعة العراقيين العرب، لذلك عليهم التحلي بالحكمة وبعد النظر والتعامل مع هذا الواقع ومع البرامج وليس مع حسابات الطوائف لان هذه الاخيرة لن تكون في العراق الجديد لصالحهم في يوم من الايام. اما التبجح الاعلامي العربي بفوز ايران في العراق فهو ينتمي الى اضطراب فكري وسياسي ورسمي له نتائج خطيرة وكبرى قد يدفع الاخرين بالفعل نحو ايران، لذلك هذا التخبط السياسي و الاعلامي العربي لن يغير من الواقع على الارض شيء، وهذا الواقع يقول ان علاوي لن يكون رئيس للحكومة المقبلة وان الرئيس المرتقب سيكون من صفوف ائتلاف القانون والوطني، فعليهم التعامل مع الحقائق لا مع الامنيات، وخاصة الامنيات الطائفية.
التعليقات