واحدة من اهم ما افرزته هذه المرحلة واحداثها وتحديثاتها وما صاحب عملية التغيير الحادة لنظام الحكم وكل ما يتعلق به من انظمة وقوانين، وما تم تثبيته في الدستور الدائم وتم تنفيذه منذ انتخابات الدورة الاولى في كانون ثاني 2005م، وهو نسبة عدد المقاعد في مجلس النواب العراقي المخصصة للنساء والتي حددت بما لا يقل عن 25% من المقاعد الكلية للبرلمان واكثر من ثلاثين بالمئة في برلمان اقليم كردستان العراق.
وقد شهدنا خلال السنوات الاربع المنصرمة نوعية من شغل تلك المقاعد المخصصة للنساء ومستوى الاداء والدور الذي وصفه الكثير من المراقبين بانه لا يمثل بشكل مرضي الهدف الاساسي من تشريعه، بل ان الكثير من الناشطات في مجال حقوق النساء اتهموا الاحزاب والكتل السياسية باستغلال هذا التشريع الخاص بالمرأة لتحقيق اكبر عدد من المقاعد دون الاهتمام بقضيتها وحقوقها والاسباب الموجبة لتشريعه، وتبرز هنا الكثير من التساؤلات حول وظيفة هذا العدد من النساء في مجلس النواب والذي يفترض ان يكون على خلفية التشريع متناسبا مع نسبتهن في المجتمع، أي اكثر من الربع بكثير وما يقرب النصف من عدد المقاعد الكلية او يفوق مقارنة مع الهدف الاساسي الذي من اجله وبواسطته ذهبن الى هناك، وباستثناء عدد لا يتجاوز اصابع الكف الواحدة (ربما) من مجموعة عضوات المجلس لهذه الدورة، فان الباقيات منهن انما ذهبن لارادات لا علاقة لها بالمرأة اطلاقا حالهم حال بقية الرجال ليس الا، كما حصل في الدورة الاولى وما شهدناه طيلة اربع سنوات.
وبقراءة سريعة للمشهد خلال الدورة الاولى للمجلس وبالذات للمرأة هناك ودورها ووظيفتها على خلفية الاهداف والاسباب الموجبة في تشريع وتحديد تلك النسبة ( بما لا يقل عن الربع من الكل ) نرى تناقضا كبيرا بين الاداء الفعلي لتلك المجموعة من النساء والغاية المرجوة على خلفية احداث متغير اجتماعي كبير بتحديد تلك النسبة ووجودها، حيث استخدمت كثير من الاحزاب والكيانات السياسية ذلك التشريع وبالذات في الانتخابات الاخيرة لزيادة عدد مقاعدها على حساب النوعية ودفعت اعداد كبيرة من النساء اللاتي لا يمثلن ارادة المشرع اساسا، وهن بالتالي أي تلك الاعداد من النساء تم استخدامهن كادوات او وسائل لتحقيق نسب اكبر للرجال اذا صح التعبير في نتائجه الاخيرة ليس الا؟
واذا ما استثنينا النسوة اللاتي خضن الانتخابات بجدارة اذهلت الكثير في نتائجها لكونها جاءت تمثل نبض النساء وعمق الاحساس الحقيقي لدى المجتمع في ايصال مستويات رفيعة منهن الى البرلمان ليمثلن ارادة المرأة في الانعتاق والتحرر، فان العديد من الكيانات والاحزاب والحركات انما دفعت الكثير من المرشحات لاشغال اكبر عدد من المقاعد على حساب المرأة واهدافها والاساءة الى مبدأ التحديد والنسبة والغرض من التشريع اساسا؟
فاذا كانت هذه الاعداد من النسوة لا تتميز عن اقرانها من الرجال في الاداء البرلماني كنوع سياسي واجتماعي من اجل تحقيق الغاية المرجوة من تشريع هذه النسبة، فلماذا تحصل الكيانات السياسية على مقاعد سهلة باقل من حجمها الحقيقي، بل وبأقل من خمسة الاف صوت في مناطق معدلها الوطني لم يقل عن ثلاثين الف صوت للمقعد، الا باستخدام هذا السلم، او الكوتة كما يطلقون عليها؟
ان تحديد نسبة النساء في المجلس وفرضه بقانون انما يعني احداث تغييرات مهمة في المجتمع وفي دور المرأة وبنية المؤسسات القائدة اجتماعيا وسياسيا وبالذات في اعلى مؤسسة تشريعية في البلاد وهي مجلس النواب لا الى ارسال مجاميع من النسوة لزيادة عدد المقاعد والامتيازات وهن لا يفرقن عن الرجال الا بملابسهن!؟
التعليقات