كما كان متوقعا أعاد الإتحاد الوطني نفس الوجوه القيادية السابقة الى الواجهة عبر فرض تجديد إنتخاب بعضهم للمكتب السياسي وهو أعلى مراكز السلطة في التنظيم، وبذلك قضى الإتحاد على كل أمل وفرصة للتجديد والتحديث والذي كانت القواعد الحزبية والشعبية تعلق آمالها عليهما، وهما كانا شعار المؤتمر المرفوع وهو quot; التجديد والتحديثquot;، فلا جرى التجديد ولا حصل التحديث ولا هم يحزنون؟؟!!

فأصبح قدر هذا الحزب الإشتراكي الديمقراطي الإبتلاء مجددا ببعض من رموز الفساد المعروفين في كردستان، الذين عادوا ليطلوا برؤوسهم من جديد ليشربوا دماء هذا الشعب المستضعف المكتوي بنيران الفساد في الإقليم.

ففي الوقت الذي إدعت قيادات الإتحاد الوطني قبل وأثناء إنعقاد المؤتمر الثالث، بأن هذا المؤتمر سيشهد صعود قيادات شبابية الى مراكز قرار الحزب، يلاحظ بأن المكتب السياسي ضم نفس شيوخ الحزب وصقوره المتحكمين به، وكان كل ذلك على حساب القيادت الشبابية التي لم تجد لها نصيبا في الوصول الى مركز القيادة بسبب صراع التكتلات التي ينفيها قادة تلك التكتلات اليوم لحفظ ماء وجوههم، وإلا فإن جميع من شارك في المؤتمر الثالث يعلم جيدا كيف سارت الأمور داخله، وكيف تلاعبت تلك التكتلات بمصير الإنتخابات القيادية، التي لم نر فيها أي تغيير، بل على العكس كانت تلك الإنتخابات مذبحة للطاقات الجديدة والشابة داخل الحزب، وأعادت تحكم مجموعة العسكريين وبعض الرموز الفاسدة الى المستوى القيادي مرة أخرى، وكأننا نستعد لحرب عالمية تحتاج الى عسكر الحزب. ولعبة التكتلات تلك هي التي حالت دون فوز أي من مرشحي الأقليات على الرغم من أن الإتحاد الوطني يدعي دائما أنه حزب quot; شدة الوردquot; المختلف ألوانها، فلم يحظ قياديو منطقة بهدينان ولا الكرد الفيليين ولا اليزيديين الكرد ولا التركمان وهم شرائح قومية مختلفة قدمت تضحيات جسيمة في صفوف الإتحاد الوطني، بأي فرصة للوصول الى المركز القيادي بسبب تلك اللعبة الخبيثة التي مارسها أصحاب التكتلات وإن في الخفاء.

قبل أيام كتب أحد أنصار الإتحاد الوطني مقالا رد فيه على مقال سابق لي كتبته عن المؤتمر الثالث، ولم يتحرج من كشف هويته بالقول بأنه يعمل في موقع ( PUK ) التابع للإعلام المركزي للإتحاد الوطني الكردستاني الذي هو تابع للإتحاد لدوره في تضليل جماهير الحزب، وهذا الإدعاء من الكاتب يعني ببساطة أنه قلم من أقلام الإعلام المركزي، وأنه كلف بالرد على مقالي، خصوصا بعد أن وجهت قيادة الإتحاد الوطني الجديد في أول إجتماعاته إنتقادات عنيفة الى بعض القيادات التي فشلت في الإنتخابات داخل المؤتمر، وإتهتمهم بكتابة مقالات والإدلاء بتصريحات

هنا وهناك يخالف الإتحاد، وهذا يعني ببساطة أن هناك توجيه من القيادة الجديدة بشن حملة إعلامية ضد المنتقدين للمؤتمر ومن بينهم كتاباتي.

لقد كتبت في مقالي السابق بأنني أمضيت أكثر من عشرين سنة وأنا أناضل في جبال كردستان بثورة شعبي التحررية، وسأكشف لكاتب المقال المذكور ولأصحاب نعمته بأنني تركت صفوف الإتحاد الوطني بعد أن وجدت فيه تنكرا لكل القيم الثورية والمباديء الإنسانية التي ناضلت ورفاقي من أجلها، وبعدما إنزلق العديد من قياداته الى مستنقع الفساد الذي بات ينهش جسد شعبي ويحرمه من كل مقومات الحياة، وأستغرب كيف أجاز الكاتب لنفسه بأن يصف تأخير عقد المؤتمر لتسع سنوات بأنه quot; وكعة بسيطةquot; مستبعدا أن يكون حزبه قد وقع في هاوية الفساد لا سامح الله كما يدعي، وينسى بأن من أسباب الإنشقاق الكبير الذي حدث في الإتحاد الوطني بخروج النائب السابق نوشيروان مصطفى وربع أعضاء المكتب السياسي وأكثر من نصف أعضاء وكوادر الإتحاد الوطني وغالبية مؤيديه، إنما كان بسبب عدم إنعقاد ذلك المؤتمر، خصوصا وأنه كانت هناك حاجة ملحة ودعوات مستمرة من القواعد الحزبية للتجديد والتحديث ومراجعة الذات.

كما نسي بأن أسباب التأخير لها علاقة مباشرة بالفساد الذي إستشرى بأوصال الإتحاد الوطني، لأنه لم يلحظ بأن المؤتمر الثاني الذي عقد عام 2001 كان يفترض أن يليه المؤتمر الثالث عام 2004 أو عام 2005، ولكن بسبب إنهمار المليارات من الدولارات على الإقليم من بغداد بعد سقوط النظام السابق، هو الذي أسال لعاب قادته الذين سارعوا الى عقد إتفاق إستراتيجي لتقاسم تلك الثروة الهابطة على رؤوسهم، والا ما كان يمنع الإتحاد الوطني من عقد مؤتمره الثالث، خصوصا وأن قادته كانوا في مقدمة المتبجحين بالإستقرار الأمني في كردستان؟!.

وسوف أربأ بنفسي عن الرد على هذا الكاتب عندما وجه الي تهمة العمل لصالح جهة معينة، فهذا ديدن كل اتباع الإعلام الفاشي، ولكني أذكره بما خطه قلمه عندما أشار الىquot; ان الإتحاد الوطني الكردستاني كان، وما يزال، يعتبر الرأي والرأي الأخر، من المقومات الأساسية التي بنيّ عليها، ويأخذ دوماً برحابة صدر كل من يزج عليه بفكرة، سلبية كانت أو إيجابيةquot; فما الداعي إذن الى كيل الإتهامات وعدم قبول هذا الرأي الآخر الصادر مني؟!!!.

في الختام أعيد التذكير بما قلته وأصوغه هنا بعبارة أخرى لأقولquot; بأنه كان هناك خلل في تفكير الناخبين بالمؤتمر، أليس مخجلا للمؤتمرين أن يمتنعوا عن إنتخاب أشخاص في القيادة المؤسسة ضحوا بكل ما لديهم من أجل مباديء هذا الحزب، وينتخبوا بدلا عنهم أولئك المتورطون بقضايا الإختلاس والسرقات من أصحاب الملفات المودعة بديوان الرقابة المالية ومراكز الشرطة وأصحاب الفايلات التجسسية؟!.

ذلك هو الخلل الذي أسبغ الشرعية على عدد من اللصوص وسراق أموال الشعب الملتفين حول الأمين العام، الذين إستعادوا دورهم ومراكزهم لنفس الخلل الموجود في عقلية قيادة الإتحاد الوطني التي لا تقبل quot; التجديد ولا التحديثquot;!