احتفلت مصر هذا الاسبوع بمرور 58 عاما علي ثورة 23 يوليو 1952 الذي اطلق عليه في البداية الحركة المباركة ثم الثورة مع انها وفي حقيقة الامر لم تكن اكثر من مجرد انقلاب عسكري!

ورغم ان مباديء يوليو لم يعد لها وجود في مصر الآن الا ان وسائل الاعلام الرسمية نصبت زفة كبيرة للثورة حتى اننا تخيلنا ان الضباط الاحرار عادوا الى الحكم من جديد!
وكان غريبا ان تشارك في الزفة احزاب لا علاقة لها بثورة يوليو التي الغت الاحزاب في عام 1954 واعتبرتها رجسا من عمل الشيطان. كما شارك في الزفة رجال اعمال ورأسماليون كبار مع ان الثورة قامت بهدف القضاء على الاقطاعيين واصحاب رؤوس الاموال. وكان مثيرا للسخرية ان نرى سياسيين ورجال اعمال ومثقفين لاعلاقة لهم بثورة يوليو يكيلون لها المديح بعد ان وجهوا لها اللعنات طوال عقود من الزمان.

وحتى أنصار السلام شاركوا في الزفة مع ان الثورة لم تؤمن ابدا بالمفاوضات حلا للنزاع العربي الاسرائيلي ورفعت باستمرار شعار ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.
لا اعرف حقيقة لماذا لا نسمى الامور بمسمياتها؟!

لقد صارت ثورة 23 يوليو 1952 في ذمة التاريخ بعد الانقلاب عليها في مايو 1971 وهو انقلاب مازال قائما حتى اليوم. بل ان الشعارات التي رفعتها من أجل اقامة حياة ديمقراطية سليمة و القضاء على سيطرة راس المال و اقامة عدالة اجتماعية صارت في خبر كان. وحتى الضباط الذين قاموا بالثورة لم يعد لهم وجود على الساحة بعد أن اختفوا جميعا او غيبوا بالموت او المرض او الانزواء.

لم يبق للمصريين الآن من ثورة يوليو غير الزفة التي تنصب سنويا للاحتفال بها والتي يشارك فيها بكل اسف أناس لا علاقة لهم بالثورة من قريب او بعيد. ويبدو والله اعلم أن الهدف من هذه الزفة هو الايحاء بان ثورة يوليو مازالت هي المرجعية ومصدر الشرعية مع ان سياسات اليوم تتناقض تماما مع سياسات الامس!

كنت اتمنى ان يقتصر الاحتفال بذكرى 23 يوليو 1952 على الذين شاركوا فيها أو المؤمنين بمبادئها أو الذين استفادوا منها. والاهم من الاحتفال في تقديري هو ان نسال أنفسنا هل استفادت مصر حقا من ثورة 1952؟! وهل كانت ثورة بالفعل ام مجرد انقلاب عسكري؟ّ!