تعرف الثقافة بأنها قضية حسب المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد كما يعرف الاشاعرة الثقافة بأنها نضال، أن مفهوم الثقافة لم يبق منحصرا في المجال الأدبي والنظري بل تجاوزه إلى مجالات أوسع.

كما تعرف اليونسيكو الثقافة بأنها : منظومة تظم السمات المميزة للأمة من مادية وروحانية وفكرية وفنية ووجدانية.. وتشمل مجموعة المعارف والقيم والالتزامات الأخلاقية المستقرة فيها وطرائق التفكير والإبداع الجمالي والفني والمعرفي والتقني وسبل السلوك والتصرف والتعبير وطرز الحياة كما تشمل أخيرا تطلعات الإنسان للمثل العليا ومحاولاته إعادة النظر في منجزاته والبحث الدائوب عن مدلولات جديدة لحياته وقيمه ومستقبله وإبداع كل ما يتفوق به على ذاته.

ومن هذا المنطلق يمكننا أن نلخص الثقافة بأنها ليست الحديث بالنحوي كما يتصور البعض بل الجمع بين هموم الفكر وهموم الوطن كما تعرف العبادة بأنها الجمع بين الأيمان والعمل الصالح.

أما مفهوم التنمية فلم يبق مقتصرا على الجانب المادي الصرف بل تجاوزه إلى مجال أوسع وأشمل. إنه حاليا أصبح يتضمن ما يسمي بالاقتصاد اللامادي وخاصة بعد تطور المجالات التكنولوجية ورسوخ مجتمع المعرفة.

فأين متقفوا هذا الوطن من هموم التنمية وماهي مساهمتهم المجانية بالعلم والعمل لبني جلدتهم الأقل منهم حظا في العلم والمال والمعرفة،
ولماذا تتحول الوطنية إلي نظام الدفع المسبق ككروت الهاتف النقال بمعني أن نعمل لمن يدفع مسبقا.

وأين مفهوم الكرم العربي القديم وأين مفهوم المسئولية الاجتماعية المعاصر، أن الكرم العربي اليوم تحول إلي نكتة فلا يجد الضيف القادم من القرى إلي المدينة مكانا ينام فيه بأقل من 100 دل (لا يوجد دينار عربي ) علي الأقل في الليلة الواحدة،ونحن امة تتغني كل يوم وليلة بالكرم الحاتمي.

ان دولة مثل بريطانيا تقول الإحصائيات أن أكثر من 45 % من شعبها ينخرط في الإعمال الخيرية المجانية داخل وخارج الدولة،
فتري منضمة اهلية كمنضمة اكوسفام البريطانية مثلا، أول مؤسسة خيرية وصلت وتعمل في دارفور حتى ألان، قال لي احد سكان دافور التقيته صدفه في مطار هيترو في لندن تستقبله منظمة اكوسفام : أين العرب والمسلمين من هذه القضية في بعدها الشعبي والإنساني والديني ؟؟


وانا أقول أين نحن من هذه الثقافة (ثقافة العمل الصالح ) ؟؟
اليس التاريخ الاسلامي مليئ بهذه المبادئ والعبر، بداءا من الزكاة وصولا الي الصدقة ومرورا بالوقف الاسلامي،الم نسأم من سرد قصص عمر وتوزيعه الدقيق ليلا علي فقراء المدينة، ولكن المشكل ان كل هدا تحول الي تاريخ ولم نستطع اليوم ادارة بيت من بيوت الشباب او توزيع ملابس واغذية لفقرائنا و للدول الاشد فقرا علي غرار ما يجري في العالم المتقدم اليوم.

لقد تحول المثقفون العرب إلي منظرين ومفكرين ومهاجمين للأخريين
ولا يري المثقف (المفترض ) إلا أخطاء غيره ولا يعترفا بأحد حيا سواه، ويتحدث في كل الموضوعات وعندما يأتي الحديث عن العمل لا تري إلا غباره من سرعة الفرار.

يقول المفكر محمد عابد الجابري : (إن المعرفة بالشيء لا تعني اكتسابه )

يقول أخر معللا إن سيطرة المستوي السياسي علي باقي المستويات مثل الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية جعلنا نتأخر في هذه المجالات جميعها و التي تحولت الي تحديات تواجه أي مجتمع اليوم.

وإزاء هذا التحدي العالمي والإنساني المهم ألان التأكيد على ترسيخ ثقافة الاعتماد على الذات.. الذات الفردية والجماعية.. وذلك في جميع المجالات، والتأكيد علي ثقافة العمل الجماعي وثقافة التغلب على مختلف العراقيل والمصاعب والتحديات،ضد ثقافة الخنوع والانتظار والاستسلام للواقع وسلبياته،
والبدء بالتخطيط للتنمية الثقافية تماما كالتخطيط للتنمية الاقتصادية
وعلى أن يتصدر العمل الثقافي مقدمة الاهتمامات والأولويات
وفي أولي أولياته ثقافة العمل الخيري ( العمل الصالح ).