الهجرة حركة انتقالية طبيعية يمارسها الإنسان بحثاً عن ذاته، استمتاعاً وترفيهاً، أو طلباً للعلم، أو العلاج، أو الأمن، أو الشغل، أو غيرها من الحاجات والرغبات.

ويعتبر المغرب وجهة هامةً للهجرة، بل إنَّ عدداً من رؤساء وحكام الدول في العالم اختاروا المغرب وجهة للاستقرار بعد انتهاء مراحل حكمهم، وكذا العديد من المشاهير في الرياضة والآداب والعلوم... وذلك لما يتمتع به هذا البلد من أمن وأمان، وتعايشٍ وسلام، وقَبُولٍ للآخر في وِدٍّ ووئام.

ولأنَّ المغرب بلد إفريقي، فإنَّ الهجرة الإفريقية تجري أولاً داخل أفريقيا، لكن لا يمكن تنظيم الهجرة دون دعم لضمان المسارات القانونية للتنقل البشري ومكافحة شبكات تهريب البشر والمهاجرين، دون الخلط بين المجرمين والضحايا. ولذلك فإنه لا ينبغي وضع الثقل على كاهل بلدان العبور بشكل غير عادل، لأنَّ ذلك سيكون نقيضاً للمسؤولية المشتركة، التي تقتضي أيضاً شراكات متوازنة، ترتكز على المعاملة على قدم المساواة، لأن إفريقيا لا تسعى إلى الحصول على المساعدة بقدر ما تبحث عن شركاء.

إنَّ الصلة بين الهجرة الدولية والتنمية تستحق إعادة النظر فيها وفقاً لنهج قائم على الإمكانات وليس على المخاطر، مما ينقل رسالة تضامن ومسؤولية مشتركة وإنسانية.

وقد أثبت المغرب، تماشياً مع الرؤية الملكية وكفاعل لا محيد عنه فيما يتعلق بإدارة الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، أنه اكتسب خبرة في إدارة تدفقات الهجرة على مدى أكثر من عقدين، وأنَّ الرؤية الملكية تنعكس ليس فقط في السياسة الوطنية للهجرة واللجوء، ولكن أيضاً في الأجندة الأفريقية للهجرة التي قدمها الملك محمد السادس بصفته رائد الاتحاد الأفريقي بشأن قضية الهجرة.

وترى الأجندة الأفريقية للهجرة أن الهجرة عامل من عوامل التقارب بين الشعوب والحضارات، وركيزة من ركائز التعاون بين بلدان الجنوب.

والجدير بالذكر أنَّ المغرب لا يتعامل مع قضية الهجرة على أنها رهان نظري، بل واقع معيش! ولأجل ذلك قدمت المملكة المغربية استجابات ملموسة على المستويات الوطنية والإقليمية والقارية والمتعددة الأطراف بالرغم من العديد من التحديات، وذلك بأنْ طَوَّرَ المغربُ، على المستوى الوطني، ممارسات جيدة في دمج المهاجرين، ولا سيما من خلال عمليتي تسوية الأوضاع، وإنشاء إدارة مسؤولة وإنسانية للحدود، وحماية صحة المهاجرين خلال جائحة كورونا... أما على المستوى القاري، فقد استضافت المملكة المرصد الأفريقي للهجرة، الذي أنشئ عام 2021، وقد سبق أن كان المغرب فاعلاً مبادراً في إطلاق الحوار الأوروبي الإفريقي حول الهجرة والتنمية في عام 2006، والمعروف بمسلسل الرباط، الذي يترأسه حالياً.

كما أنَّ المغرب على المستوى متعدد الأطراف، هو الوديع المعنوي للميثاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، والمعروف باسم ميثاق مراكش.

وقد أصبح المغرب، اليوم، بفضل جهوده لتسوية أوضاع المهاجرين الأفارقة، بلدَ إقامةٍ بعد أن كان بلدَ عُبور يعيشون في أمن وأمان، واستقرار وسلام.