تم مؤخرا تنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت والذي تم في ظل الأزمة التي يعيشها العراق بسبب تأخر تشكيل الحكومة وعدم تمكن الأجهزة الأمنية من دحر الإرهاب وإيقاف مسلسل العنف الدامي في العراق وبالتالي لم يصدر أي تصريح رسمي من الحكومة العراقية حتى الآن حول هذا التطور ولو صدر فمن المحتمل انه لن يكون في الضد من هذا التطور خشية من أن ينظر لتصريحها على انه مخالفة للقرارات الدولية ما قد يحرم العراق من المساعدة الدولية التي هو بأمس الحاجة لها للتخلص من النفق الذي وضعه الأمريكان فيه بقصد أو دونه أو للخوف من أن يتم إبقاء العراق تحت طائلة الفصل السابع بحجة عدم التزامه بالقرارات الدولية ذات الصلة.

وهنا لابد لنا أن نسال : إذا كان من واجب العراق تنفيذ القرارات الدولية التي هي قرارات سياسية لا قانونية أليس من واجب مجلس الأمن بالمقابل تنفيذ التزاماته بحق العراق؟ ومنها إنهاء العقوبات الدولية وحماية مصالح العراق التي تتهددها الكثير من المطالبات الجائرة وإيقاف الملاحقات التي تتعرض لها أموال العراق المنقولة وغير المنقولة من قبل بعض الدول والشركات تحت دواعي التعويضات ومنع الانتهاكات التي يتعرض لها البلد سواء كانت هذه الانتهاكات أمنية أو سياسية أو اقتصادية.

أن قرار ترسيم الحدود قد يعبر عن إرادة دولية إلا أن تحديد الحدود لابد أن يحضا بموافقة ورضا طرفي النزاع أو إذا تعذر ذلك لابد أن يتفق مع قيم العدالة المتعارف عليها ومنها وجود الوثائق والوضع على الأرض وان لا يسبب القرار ضررا قانونيا لأي طرف من الأطراف.

وبالنسبة للقرار انف الذكر فانه تبنى ترسيما غير متفق عليه بين طرفي النزاع فقد رفضه النظام السابق لمدة طويلة قبل أن يوافق عليه مرغما بعد أن وعد بإنهاء العقوبات الدولية ولم يتم الأخذ بالوثائق التي تؤيد وجهة نظر العراق لان المجتمع الدولي كان يعده آنذاك بلدا مذنبا وربما تقاعس النظام السابق عن تقديم الوثائق جهلا أو مكابرة لكن هذا لا يعني أن القرار سيكون عادلا استنادا لهذا الأمر.

إن مصادرة القرار أو الترسيم الخاص به لأملاك خاصة يعد انتهاكا لواحدة من أهم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على انه لا يجوز سلب الملكية تعسفا فوجود ملكية أيا كان نوعها شخصية أو عامة تفقد القرار قانونيته لأنه حتى لو تنازل هؤلاء فان تنازلهم هو تأكيد على أن القرار يحوي قدرا من التعسف وانه بالتالي غير قانوني ولا يمثل أرضية لحل هذا الأمر.