لقد نجحت ثورة الشباب في مصر وأزاحت نظام مبارك عن الحكم، الأمر الذي يُعد معجزة بكل المقاييس، ولكن ماذا بعد نظام مبارك؟؟؟ سؤال حائر علي ألسنة الملايين بل وعلي ألسنة العالم كله، مما جعل العالم ينظر لمصر في حالة ترقب وخوف، وسر الخوف هو التيار الإسلامي المتشدد الذي لو لا قدر الله وسيطر على مصر فقل علي مصر السلام، هذا الخوف أمتد من الأفراد والجماعات إلى قيادات العالم بل ولأكبر منظماته الدولية، التي تبلور خوفها في عدم اتخاذها حتي الآن خطوة واحدة من أجل إيقاف جرائم القذافي ضد أبناء شعبة لخوفهم أن تتحول ليبيا إلي إسلامية أيضا وهي المجاورة لمصر وتونس والسودان.
الجميع يعلم في مصر أن الإخوان لا يتعدوا نسبة الخمسة في المئة من الشعب المصري، فلماذا كل هذا الخوف؟؟ الإجابة علي هذا السؤال تكمن في ثلاثة نقاط :الأولى أن الأخوان هم الجماعة السياسية الوحيدة المنظمة والثانية التمويل فالأخوان يقف بالخلف منهم دول عديدة تمولهم بالإضافة للتمويل من تنظيمهم الدولي، أما النقطة الثالثة فهى ميل هذه الجماعة للعنف الأمر الذي لا يستطيع مجاراتهم فيه غير بلطجية الحزب الوطني فالاثنان وجهان لعملة واحدة، بل أن تحالف الإخوان مع السلفيين وبقايا الجماعات الملوثة أياديهم بدماء المصريين ما هو إلا دليلاً علي أن الإخوان لا يختلفون كثيراً عن نظام مبارك بل ربما يكون نظام مبارك أقل منهم ميلا للعنف وسفك الدماء.
ولو بحثت عن سر الخوف الحقيقي من الإخوان ومن الإسلاميين لوجدت ان ليس له علاقة بقوتهم ولا تأثيرهم في الشارع المصري، بل أن قوتهم ترجع لعدم فاعلية التيارات الأخرى، فالأقباط وحدهم عددهم يزيد عن عدد الإخوان ثلاث أضعاف!!! الليبراليين والشباب الليبرالي والذين هم صناع الثورة الحقيقيين يزيدون عن الأخوان أضعاف الأضعاف!! ولكن أين المشكلة إذا؟؟؟ المشكلة تكمن في أن الأقباط هم شعب وليسوا بجماعة سياسية والشعب يحمل بين مكوناته كل الأطياف والتيارات السياسية مما يصعب جمعهم في تيار سياسي واحد، والليبراليين متفرقين علي مئات المجموعات، مما فتت قوة تأثيرهم، وتري ذلك واضحا في عشرات الأحزاب الليبرالية التي ينوي البعض تأسيسها بالإضافة للأحزاب الليبرالية الموجودة فعلا، وعندما تطالبهم بالاتحاد في حزب واحد يقولون أننا سنتحد في هيئة برلمانية واحدة، غير مدركين أن تفككهم سيفتت الأصوات الليبرالية لصالح التيار الإسلامي مما سيحول بينهم وبين الوصول للبرلمان في الأساس.
إذا نحن في مفترق الطرق وفي مرحلة تاريخية حاسمة فالأقباط يمكنهم حل قضيتهم في مدة عام واحد لو شاركوا وبكل قوتهم في العملية السياسية، والليبراليين عليهم الاتحاد تحت راية واحدة أو عليهم القبول بتسليم البلد للإسلاميين، وعلينا ألا ننسي تيارين آخرين لا يستهان بهما وهما التيار القومي العربي وفلول النظام السابق، وأن كان التيار القومي العربي والناصريين هو تيار يكثر ضجيجه ويقل طحينه، إلا أن فلول النظام السابق لا يستهان بها بما لديها من خبرات وأموال وطرق في كسب مؤيديهم، كما أنهم يجيدون اللعبة السياسة كاللعب علي أخطاء الغير أو سلبيات التجربة ككل، ففي حالة عجز التيار الليبرالي علي التوحد سيصوت الإنسان المصري البسيط لفلول الحزب الوطني باعتبارهم أفضل من الإخوان.
الصورة لست قاتمة فكل ما علينا أن نعمل وأن نشارك في العملية السياسة لنصبح شركاء في العمل السياسي، أما إذا كنا نكتفي بالفرجة والمشاهدة فقط من خلال quot;حزب الكنبةquot; فعلينا أن نرضي بحكم إسلامي يعود بنا لعصر البداوة ويدخلنا في حروب ندفع ثمنها من أرواحنا ودمائنا ودماء أولادنا، فلو وصل الإسلاميين للحكم سيكون ذلك عن طريق تخاذلنا وكسلنا وليس عن طريق قوتهم وتنظيمهم فهم جماعة يصدق عليهم المثل العربي: صيته كالطبل ولكنه أجوف.
ويبقي السؤال أين تتجه مصر هل يعود النظام السابق بوجوه مختلفة، أم يسيطرا لإسلاميون لتصبح مصر كإيران أم تتحول لدولة مدنية فتنهض وتتقدم وتعوض السنين التي أكلها الجراد؟؟ هذا ما سوف تجيب عنة الشهور القليلة القادمة...
- آخر تحديث :
التعليقات