في معرکة واترلو، تمکن نابليون بونابرت من أخذ زمام المبادرة و کاد أن يحقق نصرا مبينا على الجيوش الاوربية لولا وصول قوات جديدة بقيادة القائد بولخر في اللحظات الاخيرة و التي فاجأت نابليون و قواته المنهکة و دفعت بمعنوياتهما الى الحضيض و غيرت من سياق المعرکة فکان ان هزم نابليون و اقتيد الى جزيرة سانت هيلانهzwnj; ليموت هناك.
قبل قدوم بولخر، کان نابليون يشعر بزهو و خيلاء و يعتقد بأنه قد عاد من جديد ليفرض سطوته من جديد على اوربا، وقطعا کان سينتقم و يقتص من کل اولئك الذين نفوه الى جزيرة البا بعد هزيمته في معرکة اوسترليتز، لکن القدر لم يمهله و جعله يدفع ثمن مغامراته المجنونة و غروره و غطرسته رغم أنفه.

اليوم في ليبيا، حيث تتناقل وکالات الانباء ثمة إنتصاراتquot;دمويةquot;وquot;مخزيةquot;لقوات العقيد القذافي على جموع من شعبه الثائر ضده، يبدو أن الدکتاتور الليبي بدأ يشعر بنفس ذلك الزهو و الخيلاء اللذين إعتريا أعماق نابليون في معرکة واترلو، وعلى الرغم من أن الفرق کبير جدا بين نابليون و العقيد القذافي، لکن هناك أيضا أوجه کثيرة للتشابه بينهما أهمها انهما مغروران جدا و معجبان بنفسيهما الى أبعد حد و انهما مستعدان للتضحية بکل شئ من أجل بقائهما في مرکزيهما لکن مع ملاحظة مهمة جدا وهي ان نابليون کان يقاتل اوربا وليس شعبه کما هو حال العقيد القذافي الذي تتمختر وسائله الاعلامية بأنباء إنتصاراته المزعومة علىquot;شعبه الثائرquot; ولاسيما وان قواته العقائدية و الوطنية جدا لم تکتف بقتل الاحياء و إعتقال الجرحى وانما حتى نبش قبور شهداء مقارعة الدکتاتورية واخذ الجثث الى أماکن مجهولة، فمن أي صنف و نوع هذا العقيد و قواته الغريبة هذه!

العقيد القذافي الذي يبدو انه يرفض الاذعان و الرضوخ لسنن و قوانين التأريخ و يريد أن يغير وبکل جهوده طرفي المعادلة، ويتوسل بمختلف الوسائل و السبل من أجل ذلك، يريد أن يحقق معجزة عالمية فريدة من نوعها بحق من خلال إلغاء شعب بأکمله و إبقاء سلطانه بمثابة الحقيقة الوحيدة في ليبيا، وهو يعيش حالة يبدو أن أي دکتاتور او مستبد آخر في سائر أرجاء العالم و من مختلف المراحل التأريخية لم يتسنى له أن يمر بها، وان کل الذي تحققه قوات العقيد القذافي على الارض في بعض الاماکن(ويعلم جيدا بأية طريقة يتم ذلك)، ليس إلا بمثابة مهدئات و مسکنات توقف الالم لفترة من دون أن تنهي أصل الداء، إذquot;قضي الامرquot; ولم يعد هنالك من متسع او مجال لکي يناور فيه القذافي و يمسك زمام الامور في ليبيا مجددا بين يديه، ذلك أن القذافي قد صار بحکم ميت سريري وان الذي يشعر به الان ليس سوى الصحوة النهائية التي تسبق الموت!