صدقاً أقول لكل من يقرأ هذه الكلمات :بأني لاأضمر أي حقد أو ضغينة تجاه الشعب الكردي بقدرما أشفق على الإخوة الأكراد الذين كانوا دائماً ضحية أطماع ساستهم وأغواتهم، ومثالنا على ذلك: المعارك التي دارت بين الأكراد أنفسهم والتي راح ضحيتها بالآلاف.

ومورست بحقهم المذابح والتشريد طوال وجودهم من قبل الإرانين والترك ومؤخراً الحكومات العراقية المتعاقبة، ليقعوا في فك القرش الإسرائيلي وفم الحوت القاتل الأمريكي كدمىً يلهون بها لتحقيق مصالحهم، ثم يرمونها متى يريدون.

ادعى الكردي كذباً وبشفينية لامثيل لها في إظهاركرديته وامتداد كردستانه الذي قسمته عدة دول فيما بينها ودوره المهضوم في صنع تاريخ البشرية وما يُعانيه من ظلم إلى درجة المبالغة التي لم يُصدقها إلا هو.

هنا في الغرب عندما يُسئل الكردي ماذا يكون، ومن أين أتى؟ فيجيب على الفور بملء فمه : أنا كردي من كردستان فيستغرب الأوربي من جهله لعدم معرفة الكردي وكردستانه، فهولم يسمع عنها في كتب التاريخ، ولم يقتفِ لها أثراً في جغرافية الكرة الأرضية.

وذهب استاذ مادة الجغرافيا في جامعة صلاح الدين (محمد عبدالله عمر) ذهب بعيداً إلى أكثر من /1400/م حتى وصل إلى الألف الخامسة قبل الميلاد ؛ ليدعي : quot;بأنّ الإله آشور كان كردياً ؛ وبذلك يكون التاريخ الكردي يمتد إلى سبعة آلاف سنة خلت وتعدادهم يصل إلى /60/ مليون نسمة،ومن يحاول منهم تخفيف وقع الآكاذيب الثقيل، فلا يرضى بأقل من /40/مليون نسمة، وبأنّ مدينة( أربخا) ومن ثمّ أصبحت(بيث كرخا) =(كركوك اليوم)، هي قدس أقداس الأكراد، ومدينة(القامشلي) قامشلو الأكراد، كردية أباً عن جد دون أن يعرف أي كردي معناها الآشوري.

وها هو أمين زكي الكردي في كتابه(تاريخ الكرد وكردستان ) يعكس الحقيقة قائلاً : quot;بأنّ الآشوريين النساطرة الحاليين في الأصل هم أكراد اعتنقوا الديانة المسيحية quot; ولِمَ لاما دام إله آشور كردياً ــ!؟ وتجرّأ الشاعر الكردي (المزوري) الذي ليجوب العواصم الأوربية محاضراً ليدحض افترآت العالم الأثري الإنكليزي (لايارد) الذي أجرم فقال:quot; إنّ آشوريي اليوم هم أحفاد الآشوريين القدماء quot; فتباً للعلماءالإنكيزالكذّابين المفترين، وواعجبي من صدق إدعاءات المثقفين الأكراد.

كنت أعتقد بأنّ هذه الآراء ربما قد تكون ناجمة عن حقد تجاه الإخوة الأكراد، ولكن عندما ازداد اضطلاعي وجدتُ بأنّ فيها الكثير، لأنّ رأي أكثر المؤرخين الذين تطرقوا إلى موضوع الأكراد وجدوهم من أقوام خليطة (ميدية وآرية وهندو/ آرية ومن بعض شعوب المنطقة )،اضيف: بأنّ البعض الذي كان يستوطن في القسم الشمالي من بلاد آشوروخاصة فيما بين النهرين، هم من أصول آشورية أي عكس ما فتى به السيد(محمد أمين زكي الكردي) المذكورــ وكانوا يُدينون بالمسيحية لمدة ستمئة سنة وآخر مطران (مرعية قردو)، كان يُدعى (مار نرساي)ــ المؤخ أدي شيرفي كتابه (كلدو وآشور ج2) إلى أن تمّ إسلامهم على يد القائد العربي الإسلامي(عياض بن غنيم)الذي فتح تلك المناطق.
إذن فالأكراد خليط من الأقوام لاتربطهم إلا اللغة الكردية بلهجتيها (البهديناني والصوراني)،ومن يتحدث بإحداها يصعب عليه فهم الأخرى، والتي يراها أغلب علماء اللغات أحد فروع اللغة الميدية.

يذكر المؤرخون بأنّ الظهور الكردي في منطقة شرق تركيا وغرب إيران وشمال العراق اليوم،لا يمتدُّ إلى أكثر من خمسة قرون ميلادية، عاشوا فيها حياة تنقل وبداوة.

فيقول رئيس البعثة التبشريةالأمريكية في إيران : quot;إنّ الأكراد كانوا بدواً رُحّلاً خلال فترة ما بين القرن الرابع عشر والخامس عشرquot;، وكانوا يُشكلون عصابات غزو وسلب للقرى وقطاع طرق تمعن في كتاب (تاريخ الزمان وتاريخ مختصر الدول، لأبن العبري.

يذكر التاريخ المدرسي : quot; بأنّ ( أورخان) حفيد السلطان(عثمان الأول) قد ألّف ما دُعي بالجيش الإنكشاري من أولاد اليتامى quot;، والذي كان جلّه في الشرق من العصابات الكردية استعملهم سلاطين بني عثمان وحتى السلطان(عبد الحميد ) آخرهم الذي شكّل منهم الفرسان الحمدية كسهم موجه إلى صدور الآشوريين والأرمن في شرق الإمبراطورية العثمانية.
ويقول (محفوظ العباسي) الكردي في كتابه (إمارة بهدينان العباسية) : quot; إنّ ثلثي الأكراد كانوا بدواً رُحّلاً في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي quot;.
ويقول ( ك. ريج): quot; أنّ أقدم مدينة بناها الأكراد في شمال العراق هي مدينة (السليمانية) في حدود عام/1800/م.

ويؤكد الباحث الآشوري(هرمز أبونا) في مجلده الخامس حقيقة فترة توطين الأكراد على أرض آشور أي في منطقة تواجدهم اليوم وتسميتها من قبلهم بوطنهم (كردستان) مهد قردوــ قائلآً :quot; قام الأتراك العثمانيون بموجب اتفاق مع الأكراد بتوطينهم في بلاد آشور لقاء مساندتهم ضدّ الصفويين في إيران، ونتيجة ذلك تمّ إنشاء المراكز العشائرية الكردية في بلاد آشور، وإثرحملة (نادر شاه/ 1743/م) تمّ قيام هجرة واسعة من الأكراد إليها، وحصلت خلال سلسلة غير منقطعة من المذابح الجماعية لسكان البلاد الأصليين (الآشوريين)quot;.
ولكي لا نغمط للإخوة الأكراد حقهم في الوجود، نذكرلهم ما لم يذكره غيرنا من المؤرخين وحتى الأكراد منهم.

يذكرالملك الآشوري (تغلت بلاصر1116ــ 1109) قبل الميلاد في إحدى حولياته :quot; مثل نسر السماء انقضضتُ على بلاد التي هي ما وراء بحر الملح الأعلى (بحيرة وان)، وأقمت صورتي في (ملاذ كرد) بعيداً ما وراء بحيرة نيري (وان) quot;.
الباحث الآشوري (جرجيس فتح الله)في كتابه (مباحث آشورية ص49) هذه هي أقدم وأول مرة يرد أسم ال(كرد) في تاريخ الوجود البشري، بالإضافة إلى ما ذكرته عن مرعية (قردو).

وعلى ما يبدو إن منطقة التواجد الكردي كان في بلاد ال(نيري) التي تقع شمال بحيرة (وان) في إيران اليوم.
حاولتُ جاهداً البحث في التاريخ عن الإمبراطوريات التي أسسها الأكراد خلال تاريخهم أنا وغيري فلم نجد سوى إمارات كردية متفرقة هنا وهناك كإمارة (بهدينان ووبوتان وراوندوز وغيرها ) التي لم تكن تخرج إلى نور الحرية، والمحاولات التي قام بها زعماء الأكراد سرعان ما باءت بالفشل الذريع فكُبحت في حينها من قبل سلطات الدول المعنية بها.

أما عن دولتهم المزعومة فلم نرَ لها أية حدود في جغرافية الكرة الأرضية، فاقتصرت على ما دُعي بجمهورية (مهاباد) برئاسة السيد(عبد الرحمان قاسملو) التي استلم فيها الزعيم الكردي (ملا مصطفى البرزاني) وزارة الدفاع في إيران فلم تدم حتى لسنة واحدة ؛ حيث قضى عليها مؤسيسوها الإيرانييون وضمت إلى الوطن الأم إيران.

بعد أن هبت رياح الغرب على المنطقة، وتحديدا ًبعد حرب الخليج الأولى، حيث تمكنت الدول الحليفة من تقليم مخالب أسد العراق المخيف، وكانت الطامة الكبرى بعد الغزو الأنكلوأمريكي وضمنهم الموساد الإسرائيلي صديق الأكراد القديم للعراق، حيث امتطى الأكراد وشيعة العراق المتفرسة صهوة دبابات (بريمر) الأمريكي باسم المعارضة العراقية لمهاجمة ثورالعراق الهزيل،ــ فقدغاب القط فالعب يا فأرــ فسقط ليتقاسموه الثلثين للشيعة والثلث للأكراد ولبقية مكونات الشعب العراقي الذيل ومن لايرضى فليبلط البحرــ، فسقط تمثال الجبار، وسقطت معه عظمة العراق وأمجاده الآشورية وقوته وعزته العربية ليتحول العراق إلى ملعب لكل مَن هبّ ودبّ وساحة انتقام وعرض عضلات لتصفية حسابات قديمة جديدة، فأصبح جهنماً لا يطاق العيش فيه، وأجريت الأنتخابات الأولى والثانية باسم الديموقراطية لأن النتيجة فيها لم تكن( 99،9) هذه الديموقراطية التي بُنيت على مفهوم الأقلية والأكثرية في الموطنة والتي لايوجد مثيلها في كل العالم،وحُلّ الجيش وقوات الأمن الذي كان درع الوطن وحماة المواطن ؛ لتحلّ محله الميلشيات العابثة بكل المقدرات، وفصّلوا دستورهم على مقاس الشريكين، فقبروا العراق وجلسوا على قبره يتسامرون بشرب الويسكي الأمريكي بفرحة النصر.

عمل الأكراد بكل جهدهم من أجل تحقيق حلمهم هذا وحاولوا وضع يدهم للوصول إلى هدفهم المزعوم بكردستان الكبرى.

أخي الكردي: نحن نعيش في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين من بدايات الألفية الثالثة.ألم يحن الوقت لنسيان الأحلام التي لاتجدي وتجلب البلاء للشعب الكردي وشبيبته ومثقفيه، ويتطلع إلى الأستقرار والأمان والرفاهية والتقدم والتنعم بنعم البلدان التي يعيش فيها بدلاً من أن يحرق نفسه أمام سفارات الدول والإنتفاضات والمظاهرات التي تجلب عليه الويلات لينعم ساسته ويلعبون بملايين الدولارات، وبمناسبة الدولار؛ فقد تناهى إلي : هاهي كردستان العراق تحولت إلى جنة من جنان الله على أرضه؛ فهنيئاً للإخوة الأكراد وأتمنى أن لاتنقطع نعمة أمريكا عليهم.

عندما أعلن استقلال جنوب السودان، انبرى السيد رئيس إقليم كردستان العراق نعم كردستان العراق، لأنّ هناك كردستانات أخرى (الكردستان التركية والكردستان الإيرانية والكردستان السورية والحبل على الجرار) ليعلن على الملأ : quot; بأنّ للأكراد الحرية (الحق) في تقريرمصيرهم quot;، وفهم الجميع منها بأنه يسعى للإنفصال والإستقلال ؛ لم يكتفِ بالرد عليه عرب العراق ودول الجوار حتى الحكومة الأمريكية أعلنت برفع يدها عن دعم الأكراد عن نبأ في قناة (بي بي سي) اللندنية ــ؛ فما كان من الساسة والمسؤولين الأكراد الآخرين في اليوم التالي إلا تفسير القصد منها :إذ هو لايعني الإنفصال عن العراق ولن نعمد لشرح مدى خطورة ذلك على مصير جنتهم الكردستانية فقد عرف الأكراد ذلك قبل غيرهم.

ولكنّ السودانيين الجنوبيين رغم استقلالهم خجلوا من تسمية بلدهم المستقل بإسم آخرغيرجمهورية (جنوب السودان) إلا أنّ الأكراد لم يخجلوا في تسمية إقليمهم غير المستقل والتابع للحكومة المركزية في بغداد بإسم إقليم (كردستان) بدلاً من إقليم شمال العراق ؛ تحقيقاً ولو لجزء بسيط من حلمهم الكبير.