المتتبع لأخبار تركيا منذ مجيء حزب العدالة والتنمية التركي إلى الحكم عبر انتخابات شفافة تقريبا، وخاض غمار حرب خفية ومعلنة ضد الطغمة العسكرية ومن معها في تركيا من أجل ترسيخ حرية وعلمانية تتناسب مع الفهم الديمقراطي المعاصر، وليست علمانية تشكل غطاء للفساد السياسي والمالي لهذه الطغمة.

صحيح أنه بقي يتعامل مع القضية الكردية بشكل لا حقوقي، ورغم كل ما قامت به الحكومة التركية الجديدة من افتتاح تلفاز حكومي باللغة الكردية، وبعض الإجراءات الأخرى ذات الطابع المواطني وغير المكتمل، إلا أنها كلها بقيت لا تفي بالغرض الكردي الواضح، وما يهمنا في هذه العجالة هو التطورات الداخلية التركية والإقليمية والدولية، وأثرها على العلاقة مع سورية، أو بشكل أدق كيف انعكست هذه التطورات سوريا؟

والأمر في الواقع مثار حيرة ولكن محدده في النهاية هو الوضع التركي أكثر مما يحدده الوضع السوري، لأن تركيا دولة صاحبة مشروع في النهاية وليست سلطة ضيقة المطالب كحالنا السورية، ولأن السياسة التركية الجديدة تحمل مشروعا لها في المنطقة، وهذا يتجسد سوريا في عنوان واضح وهوquot; أنه باستثناء المعارضة الكردية السورية وجدت السياسة التركية ترحيبا من قبل السلطة والنظام السياسي الحاكم بالحديد والفساد، ومن قبل المعارضة السورية بكل تياراتها، وليس ذلك وحسب بل من قبل كل النخب الفكرية والثقافية والفنية المستقلةquot; بينما هذه المعادلة لا نجدها تنطبق على العلاقة الإيرانية السورية، هذه العلاقة التي تعارضها المعارضة السورية دون استثناء ما عدا بعض النخب القومية واليسارية الأنتي إمبريالية، رغم أن ما قدمته الحكومة التركية العدالية ساهم بشكل كبير في رفع الحصار عن النظام السياسي وأضعف مواقف المعارضة السورية عموما.

ومع ذلك وصل الأمر إلى أن هنالك قوى معارضة أساسية يقال أن الحكومة التركية حاولت أن تجري وساطة بين هذه القوى وبين النظام السوري، وليس سرا أن نقول أن الاجتماع الأخير لمجلس شوري الإخوان المسلمين السوريين قد جرى في تركيا..وقامت بعض محطات التلفزة بإجراء لقاءات مع المراقب العام الجديد للإخوان، القوى الديمقراطية رحبت بوصف تركيا العدالية نموذجا يحتذى بالمعنى الديمقراطي، وقد قامت ندوات وابحاث وكتبت مقالات لا تعد ولا تحصى عن هذه القضية، ما الذي قدمته تركيا لقضية المعارضة السورية حتى يكون موقف المعارضة هكذا؟

كما أن قسما كبيرا من هذه المعارضة كان ولايزال يدين أية أطراف تحاول أن تلعب دور الوسيط بين إسرائيل والنظم العربية، ما عدا الوسيط التركي لم تقترب منه أطراف المعارضة كلها ربما ماعدا المعارضة الكردية السورية، التي لم تخفي موقفها ومطلبها الكردي العام في تركيا..

وللملاحظة أيضا، إيران تتواجد في لبنان داعمة حزب الله والنفوذ السياسي والأمني للنظام السوري، وهذا ما حاولت الحكومة التركية أيضا أن تتدخل فيه لصالح النظام السياسي السوري. نجد أن السياسة الإيرانية محط هجوم من قبل المعارضة السورية، بينما لا نجد ذلك فيما يخص التدخل التركي، بالطبع مع حفظ الفارق بين التدخلين شكلا ومضمونا، لكننا هنا نحاول أن نطرح أسئلة ربما تضيئ جانب من غياب سورية الشعب السوري عن كوكبة الثورات العربية التي نجحت والتي لازالت تحاول أن تنجح في ليبيا واليمن وغيرها من البلدان العربية. أعتقد أن الموضوع يستحق النقاش..في نقاشي مع أحد الأصدقاء حول هذه القضية قال مازحاquot; ربما لأن إيران شيعية وتركية سنية!!