السمّ في لبنان هو سمّ الطائفيّة، مفاعيله السيّئة الذكر هي في كلّ حيّز من حياة اللبنانيين، وحتى حياتهم كلّها فظاعة. الإقطاع السياسي يحتمي بالطائفيّة، الإقطاع المالي يحتمي بالطائفيّة، التدخّل الخارجي يحتمي بالطائفيّة التي تبرّر له، الخطاب المتحايل تسوّغه الطائفيّة، عقليّة القطيع ترتع في الطائفيّة.
وفي السابع والعشرين من شهر شباط الفائت انطلقت شرارة بدء العدّ العكسي للنظام الطائفي في لبنان. شباب وشابات نزلوا إلى الشارع تحت المطر، مشوا في مسيرة صادقة، آملة، عازمة على إسقاط النظام الطائفي. تردّدَ في الصحف والإذاعات والفضائيّات صدى هذه المسيرة، وبلغ الصدى اللبنانيين في المهاجر كما في داخل لبنان، والحوار دائر.
إنّه وقح، بعد هذه المسيرة الشرارة، كل من يحدّثك عن حصص الطوائف ورمزيّة هذا المنصب أو ذاك بالنسبة لهذه الطائفة أو تلك، لكن لا بدّ لهذه الوقاحة أن تنكبّ على وجهها كما تنكبّ الأصنام المتألّهة على أوجهها. ما يقع تحت شبهة الطائفيّة يجب أن يكون مصيره سلّة المهملات.
مسيرة 27 شباط لإسقاط النظام الطائفي في لبنان هي الخطوة الأولى في طريق بلوغ الدولة المدنيّة. كل من يعارض إسقاط النظام الطائفي في لبنان قلْ صارخاً quot;إمسكْ طائفيquot; كل من يعارض الدولة المدنيّة المتنزّهة عن العنصريّة والمحسوبيّة والرشوة قل صارخاً quot;إمسكْ طائفيquot;.
إنّ إسقاط النظام الطائفي هو إسقاط للمستبدّين جميعاً، هو إسقاط لاستباحة أمن الناس، هو إسقاط لكراهيّة الآخر، هو إسقاط للسلالات العائليّة التي تتوارث التصدّي للشأن العام، هو إسقاط للتهميش واليأس.
إن النظام الذي يمسخ الناس قطعاناً ويمسخ الوطن زرائب لا يستحق أن تكون له سلطة أو إحترام، ويحق لكل مواطن مسالم أن يتمرّد ويثور.
المسيرات التالية في معركة إسقاط النظام الطائفي ستكشف للبنانيين أكثر وأكثر من هو حقّاً مع الدولة المدنيّة ومن هو حقّاً في حظيرة من حظائر النظام الطائفي مهما تغطّى بمبرّرات أو اخترع أكاذيب.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات