رغم أن الطابور الخامس لزمرة الأسد، يحاول إشاعة أن سورية تخضع لنظام الحزب الواحد، فإن سورية ليس فيها نظام كما كان في مصر نظام مبارك او في تونس نظام بن علي. لأنه لو كان فعلا هناك نظام شبيه بهذين النظامين، لكانت الاحتجاجات السورية حققت أهدافا شبيهة بما حصل في مصر وتونس، وعلى النحو السلمي نفسه. وهذا لم يحصل حتى في ليبيا التي لا يختلف وضعها عن وضع سورية، فهي أيضا تتحكم بها زمرة يحميها المنتفعون من المرتزقة والقتلة. إن ما يسمى بنظام الحزب الواحد، في سورية، هو مجرد قناع تختفي وراءه سلطة زمرة تعمل على صيانة مصالحها العائلية أولا وأخيرا، بحيث حتى لو حاول عضو جد كبير في هذا الحزب الواحد أن ينقد هذه السلطة سيزاح كأي عائق لها ويلقى به في السجن كخائن. وأعضاء حزب البعث السوري يعرفون هذه البديهية، فإن وجودهم كأعضاء في هذا الحزب، ليس من باب الإيمان بايديولوجية، كما كان الأمر في خمسينات وبداية ستينات القرن الماضي.. كلا... إن انتماءهم لهذا الحزب الواقع تحت سيطرة سلطة زمرة، هو وسيلة العيش الوحيدة للآلاف منهم... ويعرفون أنهم لا شيء سوى بيادق بيد هذه الزمرة المتسلطة.
ادونيس على خطأ عندما يختصر كل ما يجري في سوريا بمشكلة الحزب الواحد، كما كتب في مقاله أمس في جريدة quot;الحياةquot;، وكلامه تكرار لما صرح به في اسطنبول وفي المركز الثقافي الفرنسي. إلا أنه لم يذكر في مقالته، ما أكد عليه في ندوة اسطنبول، بأن مشكلة حزب البعث هي أنه quot;يؤمن بإله واحدquot;، وربما لأنه لم يكن له علم بأن احد العاملين في وكالة الأخبار الفرنسية كان حاضرا وسيكتب تقريرا للوكالة بما أن الندوة تمت في مركز فرنسي، وسيكتبها ليس باللغات التي تطلع الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل عليها، أي الفرنسية والانجليزية والألمانية فقط وإنما باللغة العربية أيضا. كما أعلن عن نفسه بأنه quot;لا منتم دينياquot;، وبالتالي لا يؤمن بإله واحد، وإذا كان صحيحا بأن أدونيس quot;وثنيquot; كما اعلن في صحيفة سويدية، والوثني تعني أنه لا يؤمن بإله واحد، فكيف حصل أنه حينما سُئل سؤالاً مباشراً قبل سنتين في لقاء مفتوح معه في مؤسسة باشراحيل للإبداع الثقافي بالقاهرة: أتشهد بالشهادتين؟، أجاب: نعم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله!! لكن، يبدو أن ذكر أمور من هذا النوع في quot;الحياةquot; ستعرضه الى مواجهة حقيقية لن يخرج منها سالما أي كاتبا له موقف، وإنما سيخرج كاذبا أميط اللثام عن مواقفه المتحسّبة.
المهم، هل ستتحول درعا المحاصرة حصارا همجيا، إلى مصراتة، فيتكرر السيناريو الليبي في سورية. فالزمرة المتسلطة في سورية ستتشبث بكل وسيلة قمع للبقاء في الحكم... لأن سقوطها مهما كان سلميا أو ديمقراطيا سيكون قضاء عليها وعلى كل ما تمثله من منافع ومصالح شخصية لا علاقة لها بمصلحة الشعب السوري. ودرعا اليوم مثال ساطع وبالتالي ستكون رغم انف هذه الزمرة، قلب الثورة الاجتماعية في سورية، وجماهير المدن السورية كلها ستزحف لنصرتها زحفا يجرف معه السلطة السورية كلها.
درعا، إذن، ليست بحاجة إلى دمعة من أدونيس الذي تردّد الدمع في عينيه إزاءها، لأنه، كما جاء في خاتمة مقاله، لا يعرف كيف يبكي... لكنه كان يعرف وعلى نحو مؤثر، عندما استهجن بعض الكتاب آراءه في ندوة ثقافية في مصر قبل سنوات، كيف يبكي ليستدر عطف الجمهور.
التعليقات