كان أبو العلاء المعرى من المتميزين شعرا وفكرا وأدبا وفلسفة ومعارف فى عصر ذهبى للأدب والفكر والجدال والترجمة والسجالات المختلفة
لازالت آثاره تدل على روعته خصوصا اللزوميات ورسالة الغفران وسقط الزند وعبث الوليد والفصول والغايات وزجر النابح وملقى السبيل ورسالة الصاهل والشاحج ورسالة الملائكة والرسالة السندية ورسائله المختلفة.
كان المعرى محل اهتمام الكثير ممن كتبوا عنه مثل طه حسين وعباس محمود العقاد وبنت الشاطئ وأمين الخولى وهادى العلوى وعبد الله العلايلى ولويس عوض ويوسف البديعى وعمر رضا كحالة وعلى كنجيان ويوحنا قمير وياقوت الحموى ويوسف سركيس ويوسف أسعد داغر والقفطى وابن العديم وغيرهم.نبيل الحيدري
كذلك كان اهتمام المستشرقين البالغ مثل نيكلسون ووليم واط وماركليوث وغولدزيهر وبوشه وأغناطيوس وكريمر وهيار وسلمون وأوخو وبروكلمان وماسنيون وبلاسيوس.. وسر اهتمامهم بالمعرى فقد ترجمت اللزوميات مثلا إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية وغيرها.
كانت رسالة الدكتوراه لطه حسين (تجديد ذكرى أبى العلاء) ثم وجد نفسه مقصرا فى أبى العلاء ليرفده ب (مع أبى العلاء فى سجنه). ثم مقالات ودراسات مختلفة لاحقة وشبّهه طه حسين بباسكال الفرنسى فى الرياضة والفكر والفلسفة والإبداع.
فى مهرجان ذكرى أبى العلاء المعرى بدمشق عام 1944 ألقى طه حسين كلمته فى إبداع المعرى ثم تلاه الشاعر الكبير محمد مهدى الجواهرى قصيدته فى المعرى قائلا:
قف بالمعرة وامسح خدها التربا.. واستوح من طوّق الدنيا بما وهبا
واستوح من طبّب الدنيا بحكمته.. ومن على جرحها من روحه سكبا
وسائل الحفرة المرموق جانبها.. هل تبتغى مطمعا أو ترتجى طلبا
أبا العلاء وحتى اليوم ما برحت.. صناجة الشعر تهدى المترف الطربا
يستنزل الفكر من عليا منازله.. رأس ليمسح من ذى نعمة ذنبا
وزمرة الأدب الكابى بزمرته.. ثفرّقت فى ضلالات الهوى عصبا
على الحصير وكوز الماء يرفده.. وذهنه، ورفوف تحمل الكتبا
أقام بالضجة الدنيا وأقعدها.. شيخ أطلّ عليها مشفقا حدبا
بكى لأوجاع ماضيها وحاضرها.. وشام مستقبلا منها ومرتقبا
وللكآبة ألوان وأفجعها.. أن تبصر الفيلسوف الحر مكتئبا
تناول الرث من طبع ومصطلح.. بالنقد لا يتأبّى أية شجبا
لثورة الفكر تاريخ يذكّرنا بأنّ.. ألف مسيح دونها صلبا
وما أن سمعه طه حسين، وهو الجالس جواره حتى قام طالبا إعادة البيت الأخير وتكراره لوقعه وإبداعه قائلا
بأن ألف ألف مسيح دونها صلبا.
فأعاده الجواهرى بصيغته الجديدة محاكيا كلام طه حسين وإضافة ألف أخرى على الألف الأولى قائلا
لثورة الفكر تاريخ يذكّرنا كم.. ألف ألف مسيح دونها صلبا
فقال له طه حسين هذا بقية شعر العرب ديمومة الشعر العباسى.. أنت أشعر العرب.
يقول الجواهرى معقبا على ذلك فى لقاء تلفزيونى لاحق، نظرت إلى طه حسين وإلى كثرة أوجه الشبه مع المعرى فى البصر والذكاء والأدب والتميز والإبداع فقلت لطه حسين: أنت معرى زماننا
هذه القصة الأخيرة هى خاطرة ذكرتها فى ندوتى الأخيرة عن المعرى فى بغداد فى أرك غلارى بتاريخ 19 أكتوبر، أحببت ذكرها لأصدقائى الذين لم يحضروا الندوة.
مرحّباً بالنقود والملاحظات والتساؤلات.
[email protected]
التعليقات