أملاك مخيم أشرف المنقولة وغير المنقولة هي ملك خالص لسكانه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المعمول بها في العراق


منذ أن بدأ تنفيذ بنود مذکرة التفاهم لحل قضية معسکر أشرف الموقعة بين منظمة الأمم المتحدة والحکومة العراقية في أواخر العام الماضي كثرت المشاکل والعقبات التي اعترضتها وعرقلت سيرها کما کان مخططاً لها، ولئن کانت تلك المشاکل والعقبات متباينة وتتسم بنوع من الصعوبة ؛ إلاَّ أنها تميزت من بينها مشکلة مسألة أحقية سکان أشرف لجميع الاموال المنقولة وغير المنقولة کونها المشکلة الأکثر صعوبة وتعقيداً من بين کل المشاکل والعقبات الأخرى التي كانت أساساً بتدبير وتواطؤ من النظام الإيراني ذاته الذي يريد بشتى الأساليب والصور إلحاق الضرر بهؤلاء الأفراد المناضلين من أجل حرية شعبهم ووطنهم، وقد أخراجوا قسراً من المخيم.
إن مشکلة معسکر أشرف الذي تأسس في حزيران عام 1986 ذات أبعاد إنسانية وأخلاقية وسياسية واقتصادية وقانونية متباينة :
1- فمن الجانب الأخلاقي والإنساني إن هذا المخيم هو منطقة مدنية تنطبق على سكانها الاتفاقيات والقوانين الدولية واجبة النفاذ التي نصت على أن جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة في المخيم من منشآت ومبان وتجهيزات وغيرها هي لأصحابه وسكانه الذين بذلوا أموالهم وجهدهم في بنائها، وأن وجودهم في المخيم يجب أن يكون مصوناً ومحمياً بموجب تلك الاتفاقيات والقوانين، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة العراقية نفذت مؤامرة لإخراج السكان بعد اقتحامها المخيم بقواتها وآلياتها العسكرية فقتلت العشرات وجرحت المئات منهم وفرضت عليهم حصاراً ظالماً فمنعتهم العلاج والمواد الطبية وحالت دون نقل الجرحى إلى المشافي مما تسبب في وفاة عدد منهم بسبب عدم تلقيهم العلاج، ومنعت عنهم الغذاء وكل أسباب الحياة، وانتهكت بذلك كل القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان التي أجمع العالم والمجتمع الدولي على احترامها.
2- ومن الجانب السياسي يتربص النظام الإيراني شراً بهذا المعسکر وسکانه ويبذل غاية جهده في سبيل القضاء عليهم وإغلاق المخيم وحسم أمره نهائياً، وبالأخص أن له تأثيرات ملموسة على الشعب الإيراني المتطلع إلى الحرية والاستقلال والتخلص من الاستبداد والقهر، فهو ليس مجرد معسکر عادي کما يتبادر إلى الذهن من صفته المطلقة عليه ؛ فتضحيات أبنائه وصبرهم على ما تعرضوا له من ممارسات قمعية هي ملهمة للشعب الإيراني للتخلص من نظامه الدكتاتوري وبناء نظام ديمقراطي يحقق آماله في الرخاء والاستقرار.
3- أما من الناحية القانونية ؛ فبعد الدراسة المستفيضة للقوانين ذات العلاقة تبين أن هذه الممتلكات تنطبق عليها نصوص وأحكام القانون المدني العراقي لعام 1951 المعمول به في العراق واجب التطبيق والنفاذ على النحو التالي :
* إن أرض مخيم أشرف والمعروفة بحدودها وأوصافها قد امتلكها سكان المخيم بوضع اليد حيث إنها مُلِّكَتْ لهم من الجهة الرسمية المختصة التي خصصتها لهم في حينه بصورة قانونية، وإن وضع اليد عليها تم بحسن نية، ومضى على ملكيتهم مرور الزمن المُكْسِبِ للملكية ؛ فأصبح سكان أشرف وورثتهم من بعدهم يملكون هذه الأرض سنداً للمادة رقم 1117 من القانون المذكور والتي جاء فيها [ كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته ويكون ملكاً له ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك ]، وسنداً للمادة رقم 1165 التي جاء فيها [ يملك الحائز حَسَنُ النية ما قبضه من الزوائد وما استوفاه من المنافع مدة حيازته ].
* إن جميع المنشآت المقامة في مخيم أشرف من قبل سكانها سواء المنقولة وغير المنقولة وكل المنشآت المقامة عليها والأشجار التي غرست فيها هي ملك لهم وفقاً لنص المادة رقم 1120 من القانون المذكور والتي جاء فيها [ إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض مملوكة لغيره برغم سبب شرعي، فإن كانت قيمة المحدثات القائمة أكثر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يمتلك الأرض بثمن مثلها، وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات كان لصاحب الأرض أن يمتلكها بقيمتها قائمة ]، ووفقاً لنص المادة رقم 1121 [ إذا أحدث شخص منشآت بمواد من عنده على أرض غيره بإذنه ؛ فإن لم يكن بينهما اتفاق على مصير ما أحدثه فلا يجوز لصاحب الأرض أن يطلب قلع المحدثات، ويجب عليه إذا لم يطلب صاحب المحدثات قلعها أن يؤدي إليه قيمتها قائمة ] وبعد الرجوع إلى المصادر الشرعية وأمهات المصنفات الفقهية ومجلة الأحكام العدلية تبين أن هذه النصوص منبثقة من أحكام وتعاليم الشريعة الإسلامية الغراء.
والخلاصة أن القوانين العراقية المحلية تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية على حق سكان أشرف الشرعي والقانوني في ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة الذي كفلته لهم القوانين والمواثيق الدولية ؛ حيث إن حيازتهم لها على مدى السنوات الطويلة الماضية هي حيازة قانونية، وأن جميع ممتلكاتهم القائمة على أرض المخيم هي من صنع يدهم وحصيلة جهدهم.
وأشير هنا إلى تصريحات نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي في مؤتمر صحفي عقده في منتصف شهر کانون الأول عام 2011 في بغداد ؛ فقد قال [ مجاهدي خلق ليسوا في معسکر أو مخيم کما تنشر وسائل الإعلام، بل إنهم احتلوا مدينة عراقية ]، والحقيقة أن معسکر أشرف قد تم تشييده بأيدي سکان أشرف أنفسهم على مساحة قدرها 36 کيلومتراً مربعاً، وهو يضم مختلف المرافق والمنشئات الخدمية وغيرها ؛ بحيث يستحق وبجدارة صفة مدينة متکاملة من کل النواحي، وهذا اعتراف منه بأن جميع الأموال وغير المنقولة هي ملك لسكان المخيم، والمرء مؤاخذ بإقراره حسب القاعدة الفقهية الذهبية المعروفة وهو سيد الأدلة لأنه لا يحتاج بينة بعده، وهنا ندخل في الجانب الاقتصادي وهو الغاية في هذه العجالة ؛ فهذه المساحة الکبيرة وتلك المنشئات والمرافق و الأماکن الأخرى التي بنيت فيه کانت بجهد وعرق جبين السکان أنفسهم وأموالهم التي أنفقوها لشراء المکائن والآلات والسيارات والشاحنات والحافلات والأجهزة المختلفة من أجل تسيير أمورهم الحياتية واليومية، ولديهم کل الوثائق والمستمسکات التي تثبت ذلك، وتقدر قيمتها الإجمالية ب 500 مليون دولار تقريباً.
إنني بصفتي عضو اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن سكان أشرف أؤكد بناء على متابعتي عملية نقلهم القسري إلى معسكر ليبرتي، والمعاناة التي تعرضوا لها نتيجة الأعمال القمعية اللاإنسانية التي مارستها الحكومة العراقية ضدهم، والعراقيل التي وضعتها أمامهم لإعاقة بيع ممتلكاتهم في مخيم أشرف ؛ فإنني أؤكد من موقعي القانوني والقضائي والشرعي وكرئيس لمركز القدس للدراسات وحقوق الإنسان أن حق سكان أشرف في ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ؛ بل وفي أرض مخيم أشرف ذاتها حق ثابت لا يقبل المعارضة أو المنازعة من أحد.
وإن من واجب جميع أعضاء اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن مخيم أشرف وسكانه وجميع الشرفاء والأحرار وجميع المؤسسات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان في العالم الوقوف إلى جانب هذا الحق والدفاع عنه واتخاذ الإجراءات القانونية والجماهيرية في سبيل ذلك.

*قاضي قضاة فلسطين/ رئيس
المجلس الأعلى للقضاء
الشرعي والمحكمة العليا
الشرعية (سابقا) رئيس
ومؤسس مركز القدس
للدراسات وحقوق الإنسان)