لم يصبر أحمدي نجاد کثيرا لکي يرد علىquot;توبيخquot; مرشد النظام له يوم الاربعاء الماضي 31/10/2012، وانما عاجله برد مداف فيه شئ من التحدي للمرشد و بعد يوم واحد فقط من التوبيخ.

صراع الاجنحة بين مختلف قادة و مسؤولي النظام الايراني، أمر مألوف و يمکن إستساغته و تقبله و حتى تبريره في ظل الاوضاع الصعبة الحالية التي يمر بها النظام، لکن، أن يصل هذا الصراع الى مواجهة ضمنيةquot;ذات مغزى خاصquot; بين مرشد النظام و بين الرئيس أحمدي نجاد، فذلك الامر يعني الکثير و يمکن حمله على مختلف المحامل و التي أهمها و أخطرها أن تلك الهالة المقدسة و الکاريزما الخاصة المسبغة على شخصية و مکانة الولي الفقيه قد باتت قابلة للتعرض و التخديش مما يعني أن کلمة السر الخاصة للنظام برمته قد بات في حکم المکشوف.

خامنئي الذي وجه في خطابه يوم الاربعاء الماضي توبيخا ضمنيا يعتبر الاکثر قسوة و حدة لنجاد عندما قال:quot; يجب أن لا يتم جر الخلافات في الرأي الى وسط الناس لكي تتحول الى مادة لإثارتها واستخدامها إعلاميا لدى الاجانب والأعداء... ان إثارة مشاعر المواطنين بهدف إثارة الخلافات فهي خيانة للبلد... من اليوم وإلى يوم إجراء الانتخابات، كل من يريد أن يجر الخلافات الى وسط الناس ويستغل مشاعرهم لإثارة الخلافات فإنه قد خان البلد بالتأکيدquot;.

ولعل استخدام کلمة الخيانة و إعادتها مرتين ضد نجاد ضمنيا على خلفية طلبه زيارة سجن إيفين الرهيب، يعني أن صبر المرشد الايراني قد بدأ ينفذ فعلا وانه لم يعد بإستطاعته تحمل الکثير من المواقف و التصريحات المختلفة له، لکن الذي أذهل المراقبين و المتابعين للشأن الايراني أن رد نجاد قد جاء سريعا و لم ينزوي او ينطوي على نفسه و يبلع تلك الحجارة التي ألقمها أياه المرشد، بل وانه رد الصاع له صاعين عندما

سعاد عزيز

تحداهquot;ضمنياquot;أيضا في رسالة خاصة موجهة له لم تسلم بعض ماجاء فيها من مقص الرقابة بقوله:quot; اني مطمئن بأن سيادتك يؤكد على الحراسة المؤكدة للدستور خاصة الحقوق الأساسية للشعب وكذلك صيانة الموقع الأعلى للرئيس المنتخب من قبل الشعب وهو أعلى موقع رسمي في البلد بعد القيادة وهو منفذ الدستور ويعارض سيادتك أي اجراء يخدش صلاحياته ومسؤولياته المهمةquot;، بل وان نجاد يذهب أبعد من ذلك عندما لاينسى أن يقوم بالاطراء على اداء حکومته في إلتفاتة سياسية ذات مغزى الهدف الاساسي منها رد الطعون و الشکوك المختلفة بأداء الحکومة و السعي لربط الازمة الاقتصادية للبلد به عندما قال نجاد في رسالته أيضا:quot; اني وزملائي في الحكومة بذلنا كل جهدنا ليل نهار من أجل تدبير الأمور والتصدي لمؤامرات الأشرار المستمرة والكبيرة وكذلك من أجل امتصاص الضغط الوارد على الشعب وتمرير شؤون البلد غير أن أبعاد القضية وأهمية الموضوع تتطلب مساهمة جميع السلطات وتقبل المسؤولية والتضافر ومواكبتهم الحكومة التي تقف اليوم في الخط الأمامي لهذه المعركة الاقتصادية الشاملةquot;.

ومن المؤکد أن تأکيد نجاد و في رسالة موجهة للمرشد على منصبه من جانب و على مدح اداء حکومته من جانب آخر، يعني أنه يرفض و بکل شدة تقديمه ککبش فداء للأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد و أنه يرفض أيضا و بدرجة تکاد أن تقترب من صراحة فجة إتهامه بالخيانة عندما يمدح نفسه و حکومته بطريقة توحي بأن إخلاصهم لايکاد أن يجاريه أي إخلاص آخر من جانب الاجنحة الاخرى، فماذا يعني ذلك؟ ان اهم معنى يمکن أن يتم استشفافه من موقف نجاد حيال مرشد النظام بأن مرکز الولي الفقيه الذي کان دائما فوق کل الصراعات و التناحرات و الاختلافات، قد بات اليوم في متناول النقد و التجريح و التخطأة، وهذا يعني أن أهم رکن في النظام قد بات في معرض النيران و الخطر، مما يعطي إنطباعا فيه الکثير و الضبابية و التشاؤم عن مستقبل النظام، ومهما يکن فإن موقف نجاد هذا يمکن إعتباره تحديا من دون أي لبس للمرشد، لکن لايمکن التکهن برد سريع من جانب خامنئي بل قد يأتي الرد بطيئا لکن قد يتم من خلاله وضع ملامح إقصاء نجاد و إبعاده من المشهد!
[email protected]