حسنا فعل الجيش السوري الحر باعلانه البراءة من جرائم (كتيبة صلاح الدين) التي اعتدت على حي quot;الأشرفيةquot; الحلبي وقتلت وجرحت العشرات من السكان الكرد. ولم تكتف تلك الكتيبة المأجورة للمخابرات التركية بارتكاب تلك الجرائم، بل ولجئت الى اختطاف المئات من المدنيين الكرد المارة على طريق حلب عفرين، لتساوم بهم الطرف الكردي، في اخلاق غريبة عن اخلاق الثورة السورية. وأمس اقدمت عناصر هذه الكتيبة على اعدام quot;نوجين ديريكquot; القيادية في وحدات الحماية الشعبية (وهي وحدات مسلحة تحمي المناطق الكردية وأهلها والنازحين اليها وتشرف على الأمن)، والتي أسروها عندما كانت ترافق جثث وأسرى عناصر هذه المجموعة لتسليمها لهم. عملية الاعدام الغادرة أججت الشارع الكردي ليس في سوريا فقط، بل وفي عموم كردستان الكبرى، واثارت موجة من الغضب العارم بين كل أبناء الأمة الكردية في كل العالم.

الجيش السوري الحر تبرأ من كتيبة (صلاح الدين) التي قال بان معظم أفرادها quot;أكراد دأبوا على تحريضه على حزب الاتحاد الديمقراطيquot;، ومطالبته بمهاجمة الأحياء الكردية لإخراج quot;عناصر حزب العمال الكردستانيquot; منها!. وطبعا هذا الطلب تركي محض، حيث ان هذه الكتيبة تشكلت على ايدي الاستخبارات التركية ومن خلال وسطاء/سماسرة كرد معروفين بالأسماء، والبعض منهم أعضاء في حزب كردي عضو في (المجلس الوطني الكردي)، ويقودهم المدعو ( ص.ب) الموجود حاليا في اقليم كردستان العراق، والمعروف بتاريخه الطويل في التخابر مع الانظمة القمعية في الشرق الأوسط، والسمسرة على مصير الكرد وقضيتهم. العقيد مالك الكردي، نائب القائد العام في الجيش السوري الحر، قال بأنهم أبرياء من أفعال كل من كتائب (صلاح الدين) و(جبهة النصرة) و(عاصفة الشمال) التي يقودها شخص مقرب من الاستخبارات التركية، معروف في منطقة quot;اعزازquot; ببطشه وجرائمه، وتحاصر هذه المجموعة الآن قرية كردية في منطقة عفرين بهدف الدخول اليها وارتكاب المجازر فيها.

طارق حمو

موقف الجيش السوري الحر الإيجابي في التبرؤ من هذه المجموعات المسلحة المخترقة من الاستخبارات التركية واعلانه في حل عن الدفاع عنها في حال ماواجهت قوى الشعب الكردي ومضت في تنفيذ مخطط تهجير الكرد من منطقة عفرين وعموم محافظة حلب، كما يدعو (مجلس الأمن القومي التركي)، سيحمي ظهر وحدات الحماية الشعبية ويمنحها مساحة أكبر للتحرك الميداني ضد هذه المجموعات للنيل منها ودق اعناق افرادها واحدا تلو الآخر.

الدولة التركية هي صاحبة المصلحة الأكبر في ضرب الكرد بالجيش السوري الحر وخلق الفتنة بين اطياف الشعب السوري. والمعلومات التي في حوزة حزب الاتحاد الديمقراطي تقول بان الافراد المنضوين في تلك المجموعات التي هاجمت المدنيين الكرد وتبرأ منها الحر، قد تلقوا الأموال والاسلحة والتدريبات من الاستخبارات التركية، وكلفوا فقط باثارة الفتنة بين الجيش الحر والاتحاد الديمقراطي ودفعهما الى الصدام والمواجهة. وطالما ان هذا المخطط لم يحصل، فان الهدف الآن هو المواجهات المباشرة، حيث ان افراد هذه المجموعات لاتهاجم قوات النظام السوري، بل تكتف بشن الهجمات ضد القرى والمجاميع الكردية في عفرين وحلب وقصفها بشكل عشوائي لقتل أكبر عدد ممكن من السكان.

ماتسمى بكتيبة (صلاح الدين) اصدرت بيانا تهاجم فيه الجيش الحر وتصف نائب قائده العام بانه قريب من حزب الاتحاد الديمقراطي، ويحتفظ بعلاقات معه، وكأن ذلك جرم بواح؟. وهذا يدل أن هذه الكتيبة مأجورة ولديها مهمة محددة وهي محاربة الجانب الكردي وتخريب سياسته، وليس الدفاع عن المدنيين العزل وحماية الثورة السورية، كما تقول.

وحدات الحماية الشعبية تستمر في تنظيم صفوفها لتحقيق هدفها في تجنيد وتدريب 30 ألف مقاتلة ومقاتل لحماية المناطق الكردية من هجمات كل من: النظام السوري، المجموعات المسلحة التكفيرية وتلك العميلة للدولة التركية، أو لصد أي توغل عسكري تركي محتمل. ولن ندخل في التفاصيل لكننا نقول بان هذه الوحدات مدربة بشكل جيد، ويقوم على تهيئتها أناس لديهم خبرة عسكرية تمتد لعشرات الاعوام، حصلوا عليها من خلال مقارعة الجيش التركي في ذرى جبال كردستان. ونظرة الى المواجهات التي وقعت في حي quot;الاشرفيةquot; والخسائر التي مٌنيت بها كتيبة (صلاح الدين) تكفي لكي نعرف من أي طينة قتالية أفراد وحدات الحماية الشعبية هذه.

مجلة quot;نيوزويكquot; الأميركية حذرت في عددها الأخير من دخول الكرد في مواجهات مع قوات الجيش الحر، وقالت بان ذلك سيٌشكل ضربة قوية للثورة السورية. ولكن تركيا لايهمها ثورة الشعب السوري بقدر مايهمها محاربة الكرد في سوريا والحاق ضربات قوية بهم وخلق صراع عربي كردي. وكانت تركيا تحاول منذ quot;الجولات المكوكيةquot; لوزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو لدمشق وquot;حزمة الاصلاحاتquot; منع تحقيق الشعب الكردي لأي مكسب له من الأوضاع المستجدة. وتطور هذا الموقف الى الضغط على المعارضة السورية (وبشكل {المجلس الوطني السوري} الذي تسيطر عليه جماعة الاخوان المسلمين) ودفعها لرفض الاعتراف بالهوية الكردية في الدستور السوري القادم، واصدارا بيانات ضد حركة التحرر الكردستانية التي تحارب الدولة التركية منذ 30 عاما، لارضاء الحزب الحاكم في انقرة.

الأرجح أن الفترة القادمة ستشهد تطورات متسارعة، حيث سيعمل الكرد على النيل من المجموعات المسلحة العميلة للدولة التركية، فيما سيتمسكون اكثر بسلمية الثورة السورية وحماية مناطقهم( التي آوى اليها الآن مئات الآلاف من السوريين الهاربين من آلة النظام العسكرية) الى جانب رفض الخطاب الطائفي ضد أطياف محددة من الشعب السوري، والوقوف ضد التدخلات الاقليمية في شؤون المعارضة.

[email protected]