يفتقد الإعلام الكوردي خاصة والكوردستاني عامة إلى مجموعة وسائل إعلام متخصصة لمخاطبة الرأي العام العربي والعالمي بمستوى التطورات التي تشهدها القضية الكوردية وتجربة إقليم كوردستان العراق، حيث تواجه القضيتين في الإقليم وكوردستان عامة تحديات كبيرة في نقل الخطاب الوطني والقومي إلى الرأي العام سواء في الفضاء العربي أو الفضائين التركي والإيراني، إلى الدرجة التي جعلت الكثير من الأوساط العربية النخبوية وحتى مساحات واسعة من الأهالي في كثير من الدول العربية بعيدة كل البعد عن المعرفة الحقيقية بالقضية الكوردية، رغم ما شهدته من تطورات سياسية واقتصادية وثقافية بعد انتفاضة آذار1991م، ومن ثم سقوط نظام صدام حسين وبداية ظهور نظام سياسي عراقي ديمقراطي يتعاط مع المكونات في الدولة العراقية على أسس متحضرة ضمن دستور دائم للبلاد يقر بكافة حقوق تلك المكونات القومية والعرقية والدينية. إن الإعلام واحد من أهم وسائل الاتصال بين الشعوب وهو اليوم الأكثر خطورة وأهمية وخاصة في وسائله المرئية والمسموعة ومدى تأثيره على الرأي العام الداخلي والخارجي، وهناك أمثلة كثيرة على مديات تأثير وانتشار أي قضية في أوساط الرأي العام، ومدى اهتمام الدول المتقدمة في وسائل إعلامها التي ترتقي في كثير منها إلى ميزانيات تنافس تخصيصات الدفاع أو التعليم أو الخدمات الأخرى المهمة، وقد عمدت كثير من الدول ذات المصالح التجارية والسياسية المهمة مع الدول العربية على استحداث قنوات تلفزيونية باللغة العربية كما في الصين وفرنسا وتركيا وإسرائيل وإيران وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرهم. أما في إقليم كوردستان فقد كانت هناك بضع برامج لا تتعدى السويعات المسموعة والمرئية في الإذاعة والتلفزيون، ولم تك تفي بالغرض الأساسي في نقل الخطاب الكوردستاني إلى الرأي العام العربي، رغم نجاح بعض برامجها إلا أنها كانت تقدم ضمن تلفزيون ناطق بالكوردية على مدى الأربع والعشرين ساعة مما لا يتيح لكثير من المشاهدين العرب الاطلاع عليها، مما افقدها مساحة كبيرة لانتشارها، وباستثناء القسم العربي في إذاعة صوت كوردستان الذي لا يتجاوز نشرة إخبارية وتعليق سياسي أو لقاء خاص، وقناة الحرية ذات الطابع العراقي، وبضعة نشرات إخبارية في تلفزيونات الأحزاب التي تبث برامجها طيلة اليوم بالكوردية، وباستثناء صحيفتا التآخي والاتحاد وصوت الآخر، فليس هناك أي وسيلة اعلامية كوردستانية موجهة للرأي العام العربي، أما التركي والايراني فمحدود جدا إن لم يك معدوم تماما، مما افقد هذا الرأي سواء في الفضاء العربي أو الفضائين الايراني والتركي فرصة الاطلاع على خطاب الاقليم الا ما يتم ترجمته هنا وهناك في مؤتمرات صحفية أو مناقلة للأخبار. وإزاء التطورات السريعة والتقدم الكبير في الإقليم ومساحة انتشار القضية الكوردية وضرورة التواصل والتعاطي الجدي والكبير مع الفضاء العربي، كونه يشكل الأقرب إلى المزاج العام للأهالي والأكثر التصاقا من النواحي الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والنفسية، فقد آن الأوان اليوم إلى العمل بجدية كبيرة من اجل تأسيس هيئة للإعلام الموجه إلى الرأي العام الخارجي، وخاصة العربي الذي يتاخم إقليمنا، ونشكل جزءً مهما من إحدى أهم دوله وهو العراق، هيئة تضم قناة تلفزيونية وإذاعة وصحيفة دولية، بمواصفات معاصرة تلبي رغبات المشاهدين والمستمعين والقراء العرب وتدفع إليهم خطاب كوردستان وقضية شعبها وما يجري في الإقليم ومؤسساته التشريعية والتنفيذية وغيرها، لكي يدرك العالم المحيط بنا حقيقة ما أنجزه شعب كوردستان وما يصبو إليه ضمن دولته الاتحادية العراق وآماله المستقبلية، ومن اجل تقليل هذا التباعد وعدم الوضوح في التعامل مع القضية أو الإقليم لدى أوساط واسعة من المجتمعات العربية سواء في العراق أو في العالم العربي. إن رئاسة الإقليم أو الحكومة أكثر الجهات معنية بتبني هذه الأفكار من اجل تأسيس هيئة إعلامية كوردستانية ناطقة بالعربية، تكون مسؤولة أمام البرلمان ومستقلة تماما عن الأحزاب والفعاليات السياسية وتعمل بشكل وطني تحت سقف مصالح كوردستان العليا لتمثل كل الشعب وفعالياته ومكوناته، لتنقل وتوضح الخطاب الوطني الكوردستاني في أوساط الرأي العام العربي سواء ما هو في العراق أو في الفضاء العربي عموما.كفاح محمود كريم
- آخر تحديث :
التعليقات