أستيقظت كندا في صباح يوم الجمعة السادس والعشرين من أكتوبر علي خبر مزعج، بعد أن نقلت وسائل الإعلام الكندية خبر إلقاء قنبلتين حارقتين علي مبني كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل والأنبا تكلا بمدينة برامبتون الواقعة شمال غرب مدينة تورنتو بمقاطعة أونتاريو، وهي المرة الأولي التي تتعرض فيها كنيسة قبطية مصرية لمحاولة التفجير بكندا، ولكون الجالية القبطية لديها حساسية شديدة لمثل هذه الإمور حيث يعاني الأقباط وعبر تاريخهم من الإضطهاد في بلدهم الأصلي.

الحادث لم يسفر عن خسائرمادية تذكر حيث أظهرت الكاميرات بمبني الكنيسة أن ثلاثة من الشباب كانوا مترجلين في تمام الساعة الرابعة من صباح يوم الجمعة، أقتربوا من مبني الكنيسة وقاموا بكسر أحد النوافذ الزجاجية بالدور الأرضي للمبني وألقوا القنبلتين الحارقتين وفروا هاربين، أشتعلت القنبلتين داخل احدى الغرف وأتلفت عدد بسيط من الأثاث وساعد جهاز الأنذار بالمبني علي تنبيه الشرطة والمطافي وأستطاع رجال مكافحة الحرائق في السيطرة علي الحريق قبل أن يمتد لباقي المبني.

مدحت عويضة

من وصف الحادث يتبين أن من قام بالعمل الإجرامي لم يكن يهدف إلي تفجير المبني لأنه يعلم محدودية القنابل الحارقة، وأن كان الحادث محدودا جدا من ناحية الخسائر المادية فهو كبيرا جدا من ناحية الدوافع التي خلفته، فالجناة هدفهم إرسال رسالة إرهاب للأقباط المقيمين في كندا، كما يبرهن الحادث علي عمق الكراهية المتواجدة لدي البعض للأقباط ويعبر الحادث عن مدي الحقد على تلك الكنائس المصرية التي هي دائما متميزة من حيث إتساعها ومن حيث عظمة مبانيها.

الحادث هو الأول من نوعة بالنسبة للكنائس القبطية ولكن في شهر مايو الماضي تعرضت كنيسة كاثوليكية بنفس المدينة لحادث مماثل ولم يتم القبض علي الجناة بعد، مما يبرهن علي وجود خلايا إرهابية قد تكون أمكانياتها محدودة اليوم ولكن في حالة السكوت عليها تستطيع أن تنمي من إمكانياتها ومهاراتها وتصبح قادرة علي إحداث خراب حقيقي وخسائر مؤثرة في الأرواح والمنشآت.

ينبغي أن لا يمر الحادث مرور الكرام وينبغي أن نقيم الدنيا ولا نقعدها لنمنع تكرار هذه الحوادث مرة أخري ولنقضي علي تلك الخلايا الإرهابية التي ظهرت لأول مرة في كندا سنة 2006 ثم عادت لتطل برأسها مرة أخري سنة 2012، قد تكون هناك علاقة للحادث بالخلية الإرهابية التي قبضت عليها الشرطة منذ ست سنوات وقد لا تكون، ولكن استمرار مثل هذه الأفعال مؤشر خطير يهدد السلام الإجتماعي في بلد يعتبر نموذج لتعدد الثقافات والديانات وحرية العبادة وحقوق الإنسان.

رد الفعل الحكومي كان مخيب للأمال حيث اكتفي الحزب الحاكم بإصدار البيانات التي تندد بالحادث وكذلك عمدة المدينة، رد الفعل الشعبي القبطي لم يكن علي قدر الحدث أيضا فمازلنا نعيش في الأنانية والسلبية والامبالاة السياسية المميتة!!

المسؤولية تقع علي عاتق الجميع علي مجلس المدينة وعلي حكومة المقاطعة وعلي الحكومة الفيدرالية، والبوليس مطالب بالقبض علي هؤلاء المجرمين وتقديمهم لمحاكمة عادلة وليكونوا عبرة لغيرهم، كما أن المجتمع المدني يتحمل المسئولية كاملة فعلي مؤسسات المجتمع المدني البدء في دارسة الظاهرة وإجراء أبحاث عليها ووضع حلول منهجية لها، كما أن رجال الدين من كل الأديان مطالبين بأن يحمل الخطاب الديني رسالة محبة وسلام للأخر ولا يتوقف الأمر عند قبول الأخر بل محبته وأحترام مقدساته ومعتقداته، فكندا كانت واحة لكل الأديان والأجناس وانصهر الجميع في البوتقة الكندية وأنتجوا المجتمع الكندي المحب المسالم الآمن.

ونحن كمصريين مطالبين بالتخلي عن سلبيتنا وتهوين الأمور والكف عن الانانية فما حدث لا يهم الأقباط الذين يعيشون في برامبتون فقط ولكن يهم جميع المصريين فما المانع أن يحدث ذلك في مدينة أخري في المستقبل القريب؟؟. علينا ان نتحد ونقوم بعقد مؤتمر سياسي ضخم يحضره رئيس الوزراء ستيفن هاربر ويشارك كل المصريين فيه لكي نقوم بالضغط علي الحكومة الكندية لمحاربة تلك الظاهرة والقبض علي الجناة في أسرع وقت ولنظهر تضامننا ووحدتنا وقوة تأثيرنا الجماهيري حتي يعود إلينا الإحساس بالأمان ولكن لو سيطرت علينا السلبية والأنانية فأني أبشركم أنني وقريبا جدا سوف أحمل ألة التصوير لأصور واكتب عن حادث تفجير مماثل قد يكون في كنيستك أنت المرة القادمة.