تتصدر ظاهرة التحرش الجنسي في العالم العربي الأخبار.. والقنوات الفضائية.. لدرجة إثارتها للإهتمام في الصحف الغربية..وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية مع الناشطة الأميركية ( من أصل مصري ) منى الطحاوي للحوار حول هذه الظاهرة.. قالت quot;quot;بأن أحد أهم الأسباب لتفشي الظاهرة هي أن مرتكبي أعمال التحرش يحظون بحماية توفرها أعراف المجتمع المحافظ والخوف من العار الذي يلحق بأي إمرأة تتعرض للتحرش..quot;.

معها كل الحق في ذلك.. ولكنها لم تتعمق في أن أصل المشكلة ظهرت مع ما rsquo;يطلق عليه إسم الصحوة الدينية.. الصحوة الدينية التي جعلت من نقاب وحجاب المرأة رمزا لفضيلة المجتمع.. ومحاولات منع الإختلاط العادي والطبيعي كما كان في السابق.. ادت إلى الكبت الجنسي والحرمان من العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة.. وبرغم محاولتها ( الصحوة الدينية ) حل قضية الكبت الجنسي الصارخ وإيجاد حلول عملية له قامت بتحليل أنواع مسهلة للزواج لا تمت للمنطق ولا للعقل كما في المتعة والمسيار والوناسة والمصياف وإباحة التعدد.. وملك اليمين.. في محاولة لإحياء التراث الديني والعودة للسلف الصالح.. إلا أنها في دعوتهاهذه.. فشلت في تقديم صورة جديدة للمرأة العصرية تتناسب مع القرن الحادي والعشرين.. ونجحت في إعادة تقديم المرأة كعورة quot;quot; إن المرأة عورة فإذا خرجت من منزلها استشرفها الشيطان quot;quot; أي ينتصب ويرفع بصره اليها ويهم بها لأنها تعاطت سببا من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها.. والتي حاول فقهاء الدين كما في مقولة الشيخ عبد الحميد كشك بأن المرأة لا تخرج من بيتها إلا ثلاث مرات.. الأولى حين نزولها من بطن أمها إلى الدنيا، والثانية حين خروجها من بيت أبيها إلى بيت زوجها، والثالثة والأخيرة من بيت زوجها إلى القبر.. أما الرجل فيخرج متعة ومسيارا.. ولم لا فالرجال قوامون على النساء؟؟؟؟ و أنها rsquo;خلقت فقط لمتعة الرجل.. لفتنته quot;quot; ما تركت من فتنة بعدي أضر على الرجال من النساءquot;quot;.. وتنجيسه ( تقطع صلاته ndash; تفطر صيامه )..quot;quot; يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسودquot;quot;،.. كلها ساهمت في دونيتها أكثر بحيث جعلتها ضحية سهله للناظرين.. وللمتحرشين.. بمجرد خروجها من بيتها..

أحلام أكرم

وأكملوا مهمتهم بإستغفال المرأة حين أقنعوها.. بأنها أقرب ما تكون فيه من وجه ربها.. حين تكون في قعر بيتها... وأن طاعة الزوج تتفوق على طاعة الله؟؟؟ بحيث سلبوها القدرة على الرفض او حتى المساءلة في هذه العدالة.. ورضيت ودافعت وبكل سرور عن تحقيرها ودونيتها. لأن الله عز وجل أمرها بالطاعة وبقوامة الرجل مهما أصابها من أذية نفسية أو جسدية.. وتحت قاعدة مجتمعية تقول quot; إذا بليتم فاستتروا quot;quot; خنقت صوتها أو قدرتها لتتصدى لهذا المتحرش..

قضية التحرش الجنسي.. أو ظاهرة التحرش الجنسي لم تعد قاصرة على مجتمع عربي دون الآخر.. وإن تفاوتت نسبة التحرش إلا انها تظل العامل المشترك الأعظم الذي تشترك فيه كل المجتمعات العربية.. بعد الصحوة الإسلامية..و تعكس مدى التناقض في مجتمعات تعتبر نفسها الأكثر تدينا في العالم.. وتميّز نفسها بمحاباة الله لها في الدين.. بينما تناقض روح الأديان الأخلاقية كلها حيث تنشط وتزدهر فيها كل التجارات المحرمة والممنوعة أكثر منها في أي بلد أوروبي وغربي.. كتجارة الجنس والدعارة.. حيث أظهرت تقارير مؤسسات دولية بأن المغرب تحتل المرتبة الثانية على صعيد العالم في تجارة اللحم الأبيض.. بينما تحتل الإمارات المرتبة السادسة في هذه التجارة المحرمة دوليا. بينما تتظاهر هذه الدول بالتدين والورع!

وبالعودة إلى موضوع التحرش بالذات لم تسلم منه ولا دولة عربية وإن كان بنسب متفاوتة.. ففي مصر وصلت النسبة إلى 83%.. و30% في لبنان.. والمغرب حتى السعودية واليمن لم تسلم نساؤها من هذه الآفة.. وبرغم أن معظم الدول العربية جرّمت الإغتصاب كأقصى شكل للعنف وأحد أشكال التحرش الجنسي.. إلا أن تخلص الجاني من العقوبة في حال زواجه بالمعتدى عليها.. لم يترك للضحية أي أمل في تطبيق أي قانون على المتحرش..؟؟ولكن أخطر أشكال التحرش الجنسي هو ما تواجهه المرأة العاملة في العالم العربي.. لأنها في موقع الضعيف المحتاج للوظيفة.. وهو الأمر الذي يستغله صاحب العمل إستغلالا كبيرا..لأنه متأكدا من أن ضغط الحاجة المادية قد يجبرها لأن ترضخ في النهاية.. وفي حالات كثيرة حتى وإن صدته ولم تتجاوب معه فإنها لن تستطيع البوح بمحاولته.. لأن حتى من يعمل معها سيخذلها ويتنكر لها خوفا على وظيفته ومصدر رزقه.. إضافة إلى أن صعوبة إثبات عملية التحرش ينجي المتحرش من العقوبه وتبقى وحدها تواجه ألسنة المجتمع السليطة والتي قد تؤدي أيضا إلى إقصائها مجتمعيا.. بينما يبقى الجاني حرا.. وما قصة الدكتور الفلسطيني الذي حاول إبتزاز طالبة الوظيفه.. بشرط معاشرتها.. وفضحته أمام الكاميرا.. إلا أكبر مثل على النفاق المجتمعي لأننا لم نسمع عن القضية أو محاكمته حتى هذه اللحظه...

مقولة رجال الدين المصريين.. بأن المرأة وإن ارتدت حجابا أو نقابا فهي تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأنها تشجع الرجال على التحرش بها.. بمجرد خروجها من المنزل وإختلاطها بهم يؤكد أجندتهم المجتمعية التي ترتكز على quot;quot; نساؤكم عوراتكم إستروا عوراتكم في البيوت quot;quot;. بحيث تعيد المرأة صاغرة راضية خوفا على سمعتها وعلى عدم تعرضها لأي تحرش إلى البيت.. وهو ما يؤكده ناشطون في هذا المجال.. ففي ندوة rsquo;عقدت في القاهرة حذروا من أن التحرش الجنسي بالمرأة سيدفها للعودة إلى المنزل quot;quot;.. وأضيف بأن عودتها هذه ستتضمن القبول بكل شروط الزوج والمجتمع.. في قوانين مجحفة وظالمة..،تصاغ دستوريا من أحزاب تضع الشريعة في قمة أولوياتها.. غير عابئة بأن الشريعة خضعت وتخضع لتفسيرات وتأويلات بشرية بعيدة كل البعد عن عدالة الله التي نشأنا مؤمنين بها.. ولا تمت أو تنتمي لقرن الحادي والعشرين.. ولن تصبح بأي طريقة صالحه لكل زمان ومكان بل ستبقى خاضعة لتاويلات وتفسيرات متعددة تصبح مضيعة للوقت والجهد في زمان نحن بحاجة فية إلى كل المجهودات الخلاقة لصنع مجتمع حضاري.. أخلاقي يحظى بإحترام العالم..

إن ما تعمل علية الحكومات المنتخبة في صياغتها لقوانين لا تتوافق مع المواثيق والمعاهدات الدولية بينما هي نفسها الدول التي وقّعت على هذه الإتفاقات في عملية مراوغه مجتمعية ودولية في قوانينها التي تخص حقوق الإنسان.. سيعرضها للمساءلة القانونية الدولية وقد يعرضها لعقوبات. فصل الدين عن الدولة هو الطريق الأسلم لضمان العدالة الإجتماعية.. بين كل فئات المجتمع.. وبين الذكر والأنثى.. سيادة القوانين التي rsquo;تجرم التحرش.. وتقتص من المغتصب هي الطريق ألأمن لحماية المرأة وحماية المجتمع.

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية