آخر الأخبار أنَّ اجتماعا رباعيا سيضم، اليوم، السبت( 17-11)، كلا من الرئيس المصري، محمد مرسي، ورئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، ويعقد في القاهرة؛ لبحث الأزمة في غزة.

من شبه المؤكد أن لا مصلحة لمصر، الآن، في التصعيد في غزة، أو عليها، وهذه كانت من أهم أهداف زيارة رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، إلى القطاع.

كما أن التصريحات والمواقف الأمريكية التي أثنت على المساعي المصرية تصب في هذا الهدف، وحتى إسرائيل، لا تزال، مع تلويحها بالحرب البرية الشاملة، وتلقِّيها ضربات صاروخية في مناطق بالغة الأهمية، هي في القلب منها: تل أبيب والقدس، لا تزال، تبقي خيار التهدئة، أو الهدنة.

من حيث القدرات العسكرية، لإسرائيل القدرةُ الأكبر على دفع المواجهة إلى مداها الأخطر، كأن تقدم على اغتيال شخصيات رفيعة، في المستوى السياسي، أو العسكري، كأن تنفذ تهديداتها، وتغتال، رئيس الوزراء، إسماعيل هنية، مثلا، ولا تملك حماس نفس القدرة الخطرة، إلا أن تصادف صواريخُها إصابات كبيرة وقاتلة؛ ما يحرج المستوى السياسي، في حكومة نتنياهو بردٍ قاسٍ، يستتبع ردا من المقاومة في غزة...

لو قسنا العمليات بأهدافها فإن الأهداف التي أعلنتها حكومةُ نتنياهو غير محددة، ومفتوحة، ويمكن الاقتصار على بعضها، ومن ضمن تلك الأهداف وقف الاعتداءات الصاروخية من القطاع على التجمعات الإسرائيلية، واستعادة قوة الردع، وتصفية قيادات في حماس، والوقوف على فعالية laquo;القبة الحديديةraquo;.

هذا المعلن، وقد يكون لها مآرب أخرى، تتمثل في اختبار ردة فعل القاهرة، بعد وصول الإخوان إلى السلطة، وإن كانت إسرائيل، ليست بعيدة عن تصور خيارات هذه القيادة وقيودها.

الظاهر أن إسرائيل هي التي تعرض الهدنة، وحماس هي التي تتمنع، لكن هل تَمنُّع حماس نهائي؟

حماس لا تسارع إلى الهدنة؛ لأن إسرائيل لم تلتزم بالتهدئة الأخيرة، وقد تلقت حماس ضربة موجعة، باغتيال قائد القسام الفعلي، أحمد الجعبري، الذي يمثل لإسرائيل رمزا لهزيمتها، في قضية الجندي المختطف، جلعاد شاليط؛ حيث رضخ نتنياهو إلى ما لم يكن يرضخ له غيره، حين أُجبر على إبرام صفقة تبادل الأسرى، لجندي يخطف داخل فلسطين.

فلا بد لحماس، وكتائب القسام، من الرد، ولو في الحد الأدنى، قبل التقيد بهدنة قد تكون طويلة، وجدية، هذه المرة.

بالطبع لا يُعقل أن تقبل حماس، بهدنة لا توفر الحماية لقياداتها، وأما الحصار المفروض على غزة، فقد تآكل عمليا، بعد أن قررت القاهرة فتح معبر رفح، وبعد أن بدأت الطواقم السياسية الرفيعة تزورها، وتجتمع برئاسة حكومتها، وتتضامن مع شعبها.

فالهدنة مصلحة إسرائيلية، في هذه الظروف الإقليمية المتغيرة، وفي ظل استحواذ الخطر الإيراني تقريبا على كامل اهتمامات نتنياهو وحكومته، وهو الآن يُعِدُّ نفسَه لفوز جديد، بعد الانتخابات البرلمانية. كما أن حماس لم تكن معنية بتصعيد مع إسرائيل، بل إن أخبارا تقول بأن أحمد الجعبري نفسه، كان على وشك التوصل إلى هدنة طويلة مع حكومة نتنياهو، ولكن سبق السيف العذل، وقد تكون الهدنة بعد تصفيته، أكثر إقناعا لنتنياهو، وأكثر تمشيا مع عقلية الثأر والانتقام من كل من يوجع إسرائيل، أو يحقق نصرا، ولو جزئيا، عليها.

وهذا التفكير الجانح نحو التهدئة ينسجم مع مواقف خالد مشعل التي كان أعلنها، منذ فترة، عن إمكانية تفعيل المقاومة السلمية والشعبية في هذه الفترة.
كما يتمشى مع الرغبة العربية والتركية، عموما، في استمالة حماس، وحكومتها، إلى المحور العربي، بعيدا، يقدر الإمكان عن محور إيران وسورية(المستفيدة من أي صارفٍ للانتباه عن أزمتها).

ولذلك قد يتموضع هذا الميل نحو هدنة طويلة وحقيقية مع الاحتمالات التي تستبقيها إسرائيل لضربة عسكرية للمشروع النووي الإيراني، بعد أن حققت العمليةُ جزءا مُرْضِياً من أهدافها، حاليا، حيث سارعت إسرائيل إلى الإعلان، أنها دمرت معظم القدرات الصاروخية لحماس وفصائل المقاومة، وأن القبة الحديدية تعترض نسبة عالية من الصواريخ.

ومن جهة أخرى، ثمة ما يلفت في الموقف الأمريكي، إذ على الرغم من ارتفاع نبرة التضامن من القاهرة وتونس، بوصفهما دولتين من دول الربيع العربي، والتأكيد على أن التعامل الإسرائيلي مع غزة، لن يكون مسموحا له أن يبقى كما كان قبل الربيع العربي، فإن واشنطن لم تعترض، على هذه اللهجة، بل أثنت، كما ذكرت سابقا، على جهود مصر؛ فمِنْ شبه المؤكد أن أمريكا، ولا سيما، إدارة أوباما مستاءة من مواقف اليمين، وعلى رأسهم، نتنياهو الذي ظهر، وكأنه انتصر على أوباما، أيام محاولات الأخير، حمله على وقف الاستيطان، وقد يكون من المنطقي سكوت واشنطن عن هذا (الدعم) السياسي من مصر وتونس، والدعوات لتعزيز القناعة بتغير المعايير والأوضاع، بعد الربيع العربي...فهل هو ضغط غير مباشر؟
[email protected].