صواريخ حماس التي ضربت تل أبيب في حرب نوفمبر 2012 م هي الإنذار الثاني بعد صواريخ صدام في حرب 1991 م في إعلان نهاية دولة بني صهيون وحلم مؤسسي الدولة العبرية عفوا (الصليبية الثامنة) في أورشليم القدس بزعمهم.
في الوقت الراهن كما يقول الجنرال (فيكتور فيرنر) في كتابه (الخوف الكبير = الحرب العالمية الثالثة) أن ليس ثمة سلام حقيقي، وليس ثمة حرب حقيقية. العالم يقوم على توازن هش من (الردع المتبادل) وليس قناعة بفكرة السلام (المستحيل كذا؟).
هذا ما ستصل إليه المنطقة العربية في دورات الصراع العربي الصهيوني، التي ستتكلل بانحلال الدولة الصليبية الثامنة في المحيط العربي، وتتحول إلى فورموزا الشرق الأوسط، كما تحولت فورموزا الشرق الأقصى إلى دولة فسفوسة أمام الصين العملاق.
ومن المتعة أن يقرأ الإنسان عن تطور القوة العبثي، وأن الجنس البشري في النهاية سيؤول إلى السلام مرغما عنه، محققا دعوة إبراهيم في بناء بيت السلام في مكة لكل الناس، أن يكفوا عن الاقتتال والتضحية بالإنسان، كما تحمل رمزية التضحية بإسماعيل واستبداله بالكبش، ولكن بين العالم وفهم المغزى العميق للقصة بحورا من الدماء، وبحيرات من الآهات، وجسورا من المعاناة على أنهار من دموع؛ كما يحدث حاليا في سوريا بقصف المدن على يد بني الأسد، أو ضرب غزة على يد بني صهيون، ولكن بين بني صهيون والأسد وبين الفهم مسافة قطر الأندروميدا.
لقد تتبعت بشغف قصة تطور الأسلحة وفكرة السلام العالمي، وأذكر جيدا حين قرأت للفيزيائي والفيلسوف (فيرنر هايزنبيرج Werner Heisenberg) في كتابه (حوارات في الجزء والكل) أنه مع استسلام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية كان ينتظر دوره أن يقع في أسر الحلفاء الغربيين أكثر من الروس.
الوقوع تحت السيطرة الشيوعية معناه اليأس المقيم، وهي حال الأنظمة الشمولية مثل سوريا وكوريا وكوبا وبورما من بقايا الجيوب الستالينية.
بعد اعتقاله تم نقله إلى فيلا مريحة في ضواحي لندن. هناك اجتمع بحوالي عشرة جهابذة من خيرة الأدمغة العلمية مثل (أوتو هان) Otto Hahn (أوتو الديك) الذي انشطرت الذرة على طاولته لأول مرة فكسرت المسلمة اليونانية عن الجزء الذي لا يتجزأ الآتوم ATOM) ممن كانوا أيضا في أسر الغربيين.
كان حرص الروس الاستيلاء على بقايا ألمانيا الصناعية، لذا خلعوا قضبان الحديد ونقلوها إلى صقيعهم البارد، أما الحلفاء فكانوا يبحثون ليس عن الحديد بل الأدمغة!
يقول (هايزنبيرج) مكتشفا لاحقا أنهم خضعوا لعملية تنصت رهيبة، قد وضعت أجهزة التنصت في كل زاوية، على نحو مخفي، تسجل أقوال العلماء على مدار الساعة، ومتصلة بغرفة مركزية تسجل كل حوار وسمر، يسهر عليها ألمان، أو من يتقن اللغة الألمانية مثل اللغة الأم.
لماذا؟
كانوا يريدون الوصول إلى معرفة سر أمرين: السلاح الذري والصواريخ التي قذفت فوق لندن في فترة الحرب الأخيرة.
كان الحلفاء يدركون بعد تفجير السلاح الذري فوق هيروشيما أن سقف القوة يختصر بكلمتين؛ رأس نووي محمول على صاروخ!
أمريكا في هذه الفترة وصلت إلى تركيب السلاح الذري عن طريقين؛ الأول تخصيب اليورانيوم (U 235) والثاني في تغيير تركيب ذرة اليورانيوم 238 إلى بلوتونيوم (PL 239).
تم هذا باقتلاع بروتون وإضافة نيترونين إلى قلب الذرة التي هي ملكة الذرات في العالم الفيزيائي؛ باحتوائها على (92) بروتونا أعلى السلم الموسيقي في عالم الذرات الذي صنفه (مندلييف) الروسي.
قنبلة البلوتونيوم استطاع الإيطالي الفار من الفاشية انريكو فيرمي (Fermi Enrico ) ـ صديق هايزنبيرج ـ أن يصنِّعها في الفرن النووي. بذلك أمكن إنتاج ما تشاء أمريكا من قنابل. قيل يومها أنها حين ضربت اليابان كان في حوزتها سبعا من القنابل الذرية، وقيل بل ثلاثا، وقيل أن ناجازاكي ضربت باثنتين؛ واحدة لم تنفجر وقعت في يد اليابانيين، الذين سلموها للروس من أجل توازن الردع النووي، وقيل أن ترومان ضرب اليابانيين إرعابا للروس أن القنبلة في طريقها إليهم، وذكر عن (ليزلي جروفز Leslie Grooves) الرأس العسكري لمشروع مانهاتن (ابن قس وسمى القنبلة بالثالوث المقدس = ترينيتي Trinity) أن خيالات الأمريكيين أن الروس لن يلحقوا بهم قبل 25 عاما فلحقوهم بأربع سنين، والحديث كله قال وقيل لأنه من الأسرار النووية الحربية.
في عملية التنصت هذه عرف الحلفاء أن ألمانيا بدأت المشروع النووي ولكن لم تصل إلى عتبة الانفجار، أما (فون بروان) الذي صعق البريطانيين بالصاروخين ف واحد واثنين (فاو آينس V1) كما ينطقها الألمان و(فاو تسفاي V2) فقد استقطبه الأمريكيون وعلى نفس خطاه ضربت حماس تل أبيب في نوفمبر 2012م.
كشف عضو الدايت الياباني (شينتارو إيشيهارا) في كتابه (اليابان تقول لأمريكا : لا) أن بعضا من أسرار التراجع النووي بين القوتين الأعظمين في العالم أمريكا وروسيا أن استهداف السيلو (Silo) المخابئ النووية في (فاندنبيرج ـ أمريكا) تحتاج إلى دقة عشرة أمتار حتى تصيب الفوهة وهذه تحتاج إلى ميكروشيبس خاص تنتجه اليابان!
حاليا بلغت قوة التفجير النووي أكثر من قنبلة هيروشيما بـ 3333 ثلاثة آلاف وثلاثمائة مرة! من القنابل الحرارية النووية الهيدروجينية التي تقوم على تفجير أربع قنابل ذرية تضغط الهيدروجين إلى هليوم وإنتاج طاقة لم يحلم بها إنس ولا جان. كانت هذه من أفكار ادوار تيللر الهنغاري (الطافش) من بلده إلى أمريكا وعاون في مشروع مانهاتن في مخبر لوس آلاموس وكان يضحك على جماعة أوبنهايمر (Oppenheimer) الذين أنتجوا أول قنبلة ذرية وكان يقول لهم أن تلعبوا بـ (الفتيش = الألعاب النارية) أما ناري فهي حقيقة.
لم تصدق الحكومة الأمريكية ادعاءات تيللر حتى كان التفجير الأول في جنوب المحيط الهادئ بقوة تفجير بلغت أكثر من 13 ميجا طن (أقوى من هيروشيما بحوالي 800 مرة باعتبار أن قنبلة هيروشيما كانت بقوة 18 كيلو طن). تبع هذا إمكانية حمل مجموعة قنابل هيدروجينية يمكن توجيها بشكل ذكي فترش منطقة هائلة فوق العباد. لحقها قنبلة النيترون ثم رحلة التصغير (ربما ضربوا بها العراق في حرب 2003م).
أخيرا قفزت الرحلة الجنونية إلى السلاح الكيماوي ليتكلل بالجرثومي (يكفي 15 طن من البيولوجي لإبادة كل البشر على وجه المعمورة!!).
من المضحك طبعا أن تبني إيران صنما نوويا قد احتار ملاكه الكبار في كيفية التخلص منه بعد أن أغلقوا كازينو القمار النووي. المضحك أكثر أن إيران تفتش والحرامي الأكبر بنو صهيون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إن العالم الذي نعيش فيه مضحك أليس كذلك؟
فهم الغرب لعبة الوصول إلى سقف القوة التي ما بعدها سوى حريق العالم بأجمعه، وذلك بتحميل الرأس النووي على صاروخ. أمريكا التي ضربت هيروشيما حملت القنبلة على ظهر طائرة أينولا جاي (Enola Guy)، أما حاليا فقد أصبحت الصواريخ موضوعة في مستودعات تحت أرضية بجدران من خراسانات مسلحة بسماكة مائة متر! وفي قدرة هذه الصواريخ أن تصل أي مكان في الأرض بزمن لا يتجاوز عشرين دقيقة.
وهذا معناه أن الكرة الأرضية التي نعيش فيها يمكن أن تحترق بنصف ساعة. ومن المقابلة التي أجرتها مجلة (در شبيجل Der Spiegel) الألمانية مع الخبير النووي الأمريكي الذي كان على رأس القيادة العسكرية النووية الأمريكية (لي بتلر Lee Butler) فقد ذكر أنه كان على رؤوس الأهداف حوالي 12 ألف هدف عسكري في روسيا وكان بإمكانه مسح الحضارة من على وجه الخريطة.
إذا وفي ضوء هذه التطورات عرف الغرب شرقه وغربه أنه ليس ثمة خيار إلا السلام. وبالتالي فما يقوم به المسخوط بشار الأسد وبنو صهيون راجع إلى التدني الأخلاقي في عالم الكبار الذين يسمحون بممارسة مثل هذا الظلم وهو يعلمون يقينا إن بإمكانهم إطفاء مثل هذه الحرائق الصغيرة، ولكنهم بلا خلاق كما يقول القرآن.
ليس أمام الجنس البشري إلا طريقان؛ كما في قصة ابني آدم في القرآن؛ من أراد أن يحل مشاكله بالقوة والقتل فيكون من الخاسرين بالتأكيد، ولكن ليس بالتأكيد من النادمين.
والطريق الثاني المؤكد هو بالتخلص من فكرة القوة واستخدام الأسلحة لحل المشاكل.
ولكن أمام نشافة العقول ليس من طريق إلا العذاب فيدفعهم للمراجعة وقد لا يراجعوا وهل يهلك إلا القوم الظالمون.
يقول الرب ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون؟.