كتبت مرّة على صفحتي في الفيسبوك ما معناه أن الكثير من السياسيين العراقيين والمهتمين بالشان العراقي بشكل عام يتحدثون عن (قنابل) موقوتة تنتظر العراق، مثل فقرة 140 من الدستور ـ الدستور العراقي هش ومتهاو وماذا تنتظر من دستور رئيس هيئة كتابه لا عالم ولا فقيه ولا مفكر ولا قانوني ـ وقانون النفط والغاز، ولكن الناس في غفلة عن قنابل موقوتة أشد خطرا واشد بلاء مما يذكر هؤلاء، انهم (أيتام العراق)!
كنت اظن ان عدد ايتام العراق اربعة ملايين يتيم، ولكن صديق لي على اطلاع كاف في موضوع يتامى العراق اخبرني أن العدد خمسة ملايين وليس اربعة!
أيتام العراق من كل الطوائف والاديان والقوميات، فيهم المسلم وغير المسلم، الشيعي والسني، الكردي والعربي والتركماني، انها خارطة يتامى حقا وحقيقة، والادهى من كل ذلك أن اكثر هؤلاء اليتامى يتِّموا بسبب القتل على الهوية، ولا ننسى قبل ذلك حروب صدام المهلكة،حيث خلف جيشا من اليتامى والارامل، فجاءت كارثة التجاذبات الطائفية والعرقية لتزيد من زخم هذا الجيش بشكل مخيف ومنذر بالخطر الوخيم، الكثير من اليتامى قُتِل أياؤهم وامهاتهم امام اعينهم، مما يعني ان اليتم في العراق اشكالية في غاية التعقيد، وفيما اكتب منهجا حول تاهيل ا ليتيم العراقي قفزت الى ذهني صورة بشعة صباح هذا اليوم وانا اعاني من وخزات الابر العلاجية المدمرة، لقد قفز مشهد سوريا امام ناظري، مشهد دموي مرعب، فسالت نفسي: تُرى كم يتيم سوف تخلِّف هذه الحرب المجرمة بكلا طرفيها؟ خاصة إذا صح التحليل الذي يقول أن مدى الحرب سيطول مهما كان السبب، يتامى الحرب السورية / السورية فيهم المسلم وفيهم المسيحي وفيهم السني وفيهم الشيعي وفيهم الدرزي فاي كارثة حلّت بهذا البلد يا رب؟!
وفكرتُ وقلتُ مع نفسي: إذا كان العراق يملك نفطا وشيعته يدفعون الاخماس الشرعية حيث تتوفر فرص المعالجة وإن بمساحة ضيقة فمن ليتامى سوريا ذات الموارد الاقتصادية الشحيحة؟
لا ننسى ان طالبان في الاساس إنما جيش يتامى الحرب الروسية / الافغانية، فهل سوف يتم استغلال يتامى العراق ويتامى سوريا كما أُستغِل يتامى الافغان، فنشهد طالبان شعية وطالبان سنية، كذلك نسخة ابن لادن تتكرر ؟ وما المانع من ذلك والمنطقة تغلي بالأوار الطائفي والاثني؟ وهل عدم العراق او سوريا من ضمائر ميتة يمكن ان تستغل هذه الجيوش من اليتامى لاكثر من غرض وغرض يصب لصالحها وصالح اسيادها أولا وآخرا.
امتد بي الخيال وهو ليس خيالا مريضا بل له مناشؤة الواقعية كما يقولون، حيث تساءلت وقلت مع نفسي المكدودة الحظ، ترى ماذا ستكون النتيجة لو نشبت حرب بي اسرائيل وحزب الله؟ هل سيمتد طيف اليتم الى لبنان، فتتكون لدينا خارطة يتم محكمة، تبدا من العراق وتمر بسوريا ـ وهذا حاصل الآن ـ وتنتهي في لبنان؟ ومن يقول تنتهي في لبنان، فإن فلسطين المحتلة مزرعة ايتام وهذه المزرعة قابلة للتكاثر مع اي حرب شرق اوسطية قادمة !
تصور معي خارطة اليتم هذه، وتصور معي في الوقت ذاته انعدام الفرص الكافية لمعالجة هذه الظاهرة المخيفة، شعب مثل العراق خمسه يتامى او اكثر، شعب مثل سوريا الله يعلم كم ستكون نسبة اليتامى فيه، ونسبة ربما مخيفة ايضا تنتظر لبنان وفلسطين المحتلة...
هل يعني هذا اننا مقبلون على منطقة جغرافية محددة في العالم وفي الشرق الاوسط على وجه الخصوص يمكن تسميتها بجغرافية اليتم؟
ولا ننسى أن الكثير من جنود الجيوش التركية ذات السلوك الخشن، القاسي، كانوا من يتامى الحروب، فلماذا لا تتكرر التجربة بشكل وأخر؟
مشروع (زواج السترة) يقتصر على ذوات النهود الكواعب، والعين فيه تتجه الى النقطة الوردية الحارّة حيث مازالت طازجة اللحم، والعجوز يكره الزواج منها!
واتساءل: ـ
محور ممانعة ام محور جيوش من اليتامى والارامل؟