احاسيس المولود الجديد في المجال اللغوي السديد
(بمناسبة يوم اللغة الأم العالمي)

تجاوب الجنين مع الحواس


منذ اللحظات الأولى التي يولد فيها المولود الحديث ، وهو يشم نسمة الحياة في عالمه الجديد ، عادة ما يحمل معه جملة أحاسيس موروثة من محيط عالم جوف الأم الذي استقر فيه سابحاً لفترة زمنية محددة نوعاً ما، تفرضها طبيعة الخلق ، مطمئناً ومتمتعاً بصمت مما يتحسسه من سمع وشم ومذاق ، حيث أن سمعه يتولد منذ تكوين مراحل الجنين الأولى وخاصة أثناء تتابع وتوالي نبضات قلب الأم ، وكذلك حاسة الشم من خلال البيئة المحيطة به ، إضافة لحاسة الذوق التي مصدرها السائل الأمينوسي الذي يحيط به، وذلك بتأثيرات متفاوتة المذاق اساسها ما تتناوله الأم في فترة حملها ، ومن ثم من جراء تصاعد التكوين الجنيني تتولد لديه حاسة اللمس ، ولهذا عادة ما يتفاعل ما بعد الولادة الإلتصاق بأمه حينما تقترب منه ، متودداً اليها لإشباع غريزة الجوع أو الإستئناس لصوتها فيما بعد.
بتفاوت الفترة المفروضة على حكم بقاء الجنين في عالمه الخاص ، واكتمال مرحلة تكوينه الجسماني المتكامل عادة ما يسعى منتفضاً ليودع عالمه الصغير الحالك والمكبل فيه ، بتحرر تفرضه حركاته الذاتية ليزيح عنه السائل الأميني أو الأمنيوسي المتدفق والمحيط به ، ناشداً التحرر بإزاحة القيود من خلال الإنقباضات التي يحدثها بمن تحمله في بطنها، ليقترب من بوابة طبيعة الولادة المكثفة بآلام المخاض ، ليعيش واقع الإنعتاق بحاسة الرؤية الجديدة المتمثلة بالبصر في عالم النور ، بغية التمتع برؤيا جديدة يطلق فيها بإدراكه الحسي لظاهرة الجوع ما يمكنه من صراخ ممزوج بالبكاء ، وأحياناً لتنبسط أسارير وجهه ببسمات بريئة لا ارادية ، معلناً منذ الأيام الأولى لولادته عن تمكنه من التفنن بلغة رمزية مقصودة متمثلة بالصراخ والبكاء والبسمة والحركة اللاإرادية للنوم والإستيقاظ إلى جانب فاعلية تلك الحواس التي اعتاد عليها وحملها معه في عالمه الجديد.
وبمرور الأيام والأشهر والسنوات يُطبّع تلك الحواس بما ينبغي أن تؤديه ، فتتسع رؤاه على الحبو والجلوس والمشي والطلب وغمغمات التلفظ بألفاظ وإشارات رمزية مألوفة في لغة الأطفال ، وبنموه الجسدي والعقلي المتواصل تنمو استعمالاته الكلامية المنفردة المقصودة ، لتشكل فيما بعد جُمَـله القصيرة المعبرة ، وبالتالي ليجمع ثروة لغوية خاصة في مملكة عالم الأطفال من تأثيرات محيطه العائلي ثم المجتمع الطفولي فالمدرسة التي توسع مداركه وترشده لما هو اوسع مما هو عليه بما يعتمده من مطالعات ولقاءات وأحاديث سمعية وبصرية تؤهله في الإعتماد على نفسه لتطوير مخزونه اللغوي ، بمسعى الطموح الذي ينتابه ويخطط له لأحلامه وتوقعاته المستقبلية ، وبشكل خاص ما يأتمل أن يصل اليه بغية تحقيق الهدف الذي رسمه لحياته المهنية.
دور الجنين في التعامل اللغوي
من هذا التخمين والتأمل تراه وقد انجرف في تيار من تيارات التخصص اللغوي عبر مراحل نشأته ونموه وميوله التي يحصرها فيما يهواه ، بإقدامه على استيعاب مضامينه والتسلح بها لتتضاعف مصطلحاته ومفرداته التعبيرية بذلك التخصص المهني أو الوظيفي كالذي ينحى منحى التعبير بلغة أدبية في مجال فروعها المتمثلة بالسرد القصصي ونظم الشعر والدور المسرحي وغيرها من الفنون الأدبية ، وكذلك الذي ينحى منحى التعبير بلغة علمية متمثلة بحقول فروعها المتفاوتة ، إضافة لمضامين معارف لغات أخرى كلغة القانون والسياسة والديانة والتجارة وغيرها من الإختصاصات المهنية ، بالرغم من الثقافة العامة التي لا يمكن التغاضي عنها والتي عادة ما تكون بمثابة تلك الأرض المُخضرة بأنواع متفاوتة من الزهور والنباتات التي تشكل رونق وزهو روضة الحياة.
لقد أثبتت الدراسات العلمية والتجارب المختبرية بأن النغمات الموسيقية لها وقعها المباشر على الجنين بدلالة تمييزه وارتياحه أثناء سماعه لها بعد الولادة حينما يكون في حالة بكاء وتوقفه المباشر. وكذلك أكدت البحوث ( أن سماع الجنين للموسيقى يؤدي الى تغيرات هرمونية من شأنها وقاية الجنين من الأمراض العصبية والنفسية كما تساعد على وقايته من عيوب النطق والعجز في التعليم واكتساب المعرفة والمهارات عندما يخرج الى النور) و ( عادة مايتأثر بالأصوات وهو في الشهر السابع ).

ومن الطريف ذكره في هذا المجال ، ومن خلال دراسة طبية مُعتمدة ، أكدت النتائج ما أشرنا اليه بأنه قام بعض الأطباء الإختصاصيين بما يلي:
( إلقاء قصة بصوت معين على مسامع الأم الحامل، وبعد الإنجاب كرروا نفس القصة بنفس الصوت على المولود، وذلك عقب خروجه للحياة بأسابيع قليلة، وفوجئوا باستجابته وانتباهه. هذا يعني أن الجنين لا يميز صوت الأم فقط، بل يميز أيضا الأصوات الأخرى، ويتأثر بطبقة الصوت أثناء الكلام ).

اللغة وسيلة تفاهم وأداة تفكير

رغم كل هذه الإعتبارات ، تبقى اللغة بشكل عام فارضة نفسها على أنها وسيلة التفاهم وأداة التفكير وحلقة الوصل للتواصل بين من يتعامل بها في سلوكه اليومي كلغة عمومية ، بغض النظر عن من يتسلح بها في الجانب الخاص بحكم عمله الوظيفي في مخاطبة أقرانه من ذوي الإختصاص ذاته ، وبما يألفانه وينبغي استعماله لتحقيق الغرض المطلوب.
كما وأن استعمالها اليومي المألوف عليه بين أفراد المجتمع ، وما هو عليه في الإستعمال الوظيفي المتميز ، لا يدعنا الأمر في الحالتين أن نميزهما بحصر مفهوم كل واحدة منها بصفة معينة ، طالما هناك عنصر الإحساس والادراك بما يحفزان لعائديتهما الإثنية أو القومية والوطنية. ومن هذا المنطلق تكون اللغة والحالة هذه تلك الصورة التي تكشف هوية الفرد مهما تفاوتت أساليبها ومنطق التعبير بها.
لذا يصح لنا القول عن اللغة بأنها:
قبل أن تكون أداة للفهم والإدراك فهي عملية تفكير ، وقبل أن تكون وسيلة للتفكير فهي هوية الفرد ، وقبل أن تكون أداة فاعلة للنطق البلاغي فهي عامل انتساب وانتماء لشعب دولة ما أو قومية معينة من شرائح المجتمع الذي تنضوي تحت لوائه.
وقبل أن تجتمع وتتدرج تلك الأدوات المتمثلة بالفهم والإدراك والسُبل اللغوية البلاغية فهي إحساس بمختلف الحواس ، حليب لمشاعر الوعي ، غذاء للحضور الذهني وسرعة الخاطر ، وبالتالي إبلاغ ورسالة للوجود الإنساني المتواصل والدائم ، كتلك البذرة التي تنشأ لتولد فروعها المتفاوتة ، محملة بعطاء من الثمار النافعة المتفاوتة ، متمثلة بها اللغة بأنواع من الإختصاصات اللغوية المتداولة ذات التسميات المألوفة والشائعة بلغة الكتابة ، اللغة المحكية ، لغة الأطفال ، لغة الإشارات ، لغة الرجال ، لغة النساء ، لغة الحب ، لغة السيطرة ، لغة التعبير الفني ، لغة الدين ، لغة السياسة ، لغة الثقافة ، اللغة النقابية ، لغة التجارة ، اللغة العسكرية ، لغة القانون والمحاكم، لغة السير والمواصلات ولغات المعارف والحقول الأخرى.
إذن فاللغة والحالة هذه قبل أن تتصف بمفاهيم التعبير بها للتواصل بواسطة مفرداتها فهي هوية الإنسان وأساس ثقافته وعنصر وجوده الإثني والقومي والوطني أيضاً متى ما روعِيَت أهميتها ومكانتها في الأوطان التي تحتضنها.
يوم اللغة الأم العالمي

ان الدافع الأساسي الذي حفزني لأستدرج ما نوهت اليه هو نتائج استخدام الوسائل الحديثة من مُعِدّات وآليات التشخيص المتطورة كالأشعة والفحوصات المختبرية المعتمدة في منطق البحث العلمي ، لأنطلق على حصر ذلك بالدرجة الأولى من منطلق فاعلية الحواس وأهمية الأصوات اللغوية في حياة الإنسان وبني البشرية جمعاء منذ التكوين الجنيني وتأثيرها على المولود ، وبالدرجة الثانية من منطلق قرار المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1999 للإحتفاء بيوم اللغة الأم العالمي الذي يصادف بتاريخ 21 شباط من كل عام ، بغية تعزيز التفاهم الدولي من تعدد اللغات ، والحفاظ على ما لا يحصى من اللغات الإثنية المدرجة في إطار قائمة اللغات التي في طريقها للإنقراض والذوبان لأسباب سياسية واجتماعية وعوامل أخرى خارج نطاق وإرادة المتحدثين بها ، كالعديد منها في دول العالم وخاصة الشرق اوسطية والهند التي تتجاوز المحكية فيها بالمئات والرسمية 21 لغة ناهيك عن اللهجات التي لا تعد.
من الجدير ذكره هنا عن الدافع الذي حدى بالجمعية العامة للأمم المتحدة اختيار اليوم المشار اليه من عام 2000 كأول احتفال رسمي ، منبعه من أحداث المأساة التي شهدتها مدينة دكا عاصمة بنغلاديش حينما هجمت قوات الشرطة وفتحت النار على التلاميذ المتظاهرين لمطالبتهم الإعتراف بلغتهم الأم المعروفة والمسماة بالبنغالية.
من جراء هذا الحدث أقدمت الأمم المتحدة على إصدار قرارها بغية الحفاظ على ما لا يحصى من اللغات الإثنية المدرجة في قائمة اللغات التي في طريقها الى الإنقراض ، ومنها بشكل خاص وعلى سبيل المثال اللغات الإثنية في دول الشرق اوسطية والهند التي تشمل مئات اللغات الإثنية ، ناهيك عن ما لا يحصى من اللهجات، علماً بأن هناك ما يزيد عن العشرين لغة معترف بها رسمياً.
كما وأنه لا يخفى على أحد من أن الأمم المتحدة سعت على ادراج ست لغات في جلساتها الرسمية متمثلة بالإنجليزية والصينية والأسبانية والروسية والفرنسية كلغات عالمية ومن ضمنها اللغة العربية بناءً للقرار المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1973 ، حيث قررت الجمعية العامة بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة ، وذلك من بين 192 دولة عضوة ، ويحتفل بها سنوياً في الأيام المرسومة لها سواء في مقر جلسات الأمم المتحدة أو الدول التي تبنتها في تواريخ مختلفة وهي كالتالي:
- يوم اللغة العربية في 18 كانون الأول - ديسمبر .
- يوم اللغة الصينية 20 نيسان - ابريل .
- يوم اللغة الانجليزية في 23 نيسان - ابريل .
- يوم اللغة الفرنسية في 20 آذار - مارس .
- يوم اللغة الروسية في 6 حزيران - يونيو .
- يوم اللغة الاسبانية في 12 تشرين الأول - اكتوبر.

ولهذه المناسبة وقع خاص في نفوس التلاميذ والمعلمين ، حيث يتم الإحتفال بهذا اليوم في المدارس بطرق متفاوتة ابتهاجاً واعتزازاً بيوم اللغة الأم العالمي الذي يشمل كافة لغات العالم دون استثناء ، بغية تعزيز وتمجيد وجودها لضمان ديمومتها وبقائها وإحياء تراثها ، ليكون هذا اليوم دافعاً ومحفزاً لباقي الشعوب بغية الإحتفاء باليوم المرسوم للغاتهم الأم في المحافل الثقافية والأدبية والمؤسسات التربوية والتعليمية وبشكل خاص في المدارس لإستنهاض همة التلاميذ بغية الإعتزاز بلغتهم الأم التي ينهلوا من ينابيعها علومهم الدراسية بإعتبارها واسطة التفاهم والمخاطبة والكتابة.


Vad auml;r ett spraring;k?

1. Innan spraring;ket var ett verktyg till fouml;rstaring;else var det mauml;nniskans tauml;nkande.
2. Innan spraring;ket blev ett redskap till tauml;nkandet var det mauml;nniskans identitet.
3. Innan spraring;ket blev ett retoriskt uttryck var det ett symboliskt sauml;tt att kommunicera med.
4. Innan spraring;ket blev fouml;rstaring;else , det vill sauml;ga, tauml;nkande, redskap och retorik, var dessa tre olika kauml;nslor av olika syfte. Nauml;ring fouml;r medvetande, information fouml;r sinnesnauml;rvaro och till sist budskapet till mauml;nniskans existens.
5. Modersmaring;let kan liknas vid ett frouml;. Saring; som frouml;n odlas och ger upphov till frukter av olika storlek och utseende, saring; auml;r det med spraring;k t ex, talspraring;k, skriftspraring;k, barnspraring;k, teckenspraring;k, mauml;nnens spraring;k, kvinnors spraring;k, kauml;rlekens spraring;k, maktspraring;k, bildspraring;k, konstspraring;k, religionsspraring;k, politisk spraring;k, kulturspraring;k, fackligt spraring;k, handels spraring;k, militauml;rspraring;k, lagspraring;k, domstolsspraring;k, trafikspraring;k, rouml;relsespraring;k, och olika Kunskapsspraring;k....
Till sist och inte minst spraring;ket auml;r quot; glauml;dje fouml;r sinnet, men ocksaring; fouml;r minnet quot;.
Michael Mammoo

[email protected]