quot;اللحظة الفارقةquot;، هي مصطلح مشهور جداً ابتدعه المرشح السابق للرئاسة حازم أبو إسماعيل في حملته الانتخابية، وقد نجح المرشح ومصطلحه في توصيف الحالة تماماً، وهي كيفية استغلال المرحلة بأكبر طاقة ممكنة في تحقيق ما تصبو إليه الحركات الإسلامية لتحقيق مفهوم الحكم والحاكمية، والموقف من الحكومات والأنظمة السياسية القائمة في العالم الإسلامي، والديمقراطية والتعامل مع الانتخابات النيابية والمنافسة السلمية على تداول السلطة والمشاركة فيها وفق قواعد الأنظمة التي قام بوضعها مشايخ الحركات الإسلامية في أدبياتهم.
تعني quot;اللحظة الفارقةquot; بهذا الشكل الجري وراء السياسة والعمل السياسي كإجراءات مرحلية للوصول إلى الغاية التي طرحها سيد قطب في quot;هذا الدينquot; أو quot;معالم في الطريقquot;.
كما تعني أن الشباب السلفي لو لم يستفد بهذه اللحظة فإنه لن يدرك التغيير المنشود في مسائل الحكم بغير ما أنزل الله، والديمقراطية والموالاة والمعاداة، على الرغم من عدم تحديدهم المعني المحدد والمقصود بالحكم في اللغة والاصطلاح، واحتمالات معانيه وأحكامه الكثيرة المختلفة جداً عن بعضها، وكيف وبأي فهم أو لغة أو حق يجب أن ينصرف فقط معني الحكم، هل بالمعنى العصري الذي تشكل مع قيام الدولة الحديثة؟ أو بمعني قيادة الدول فقط؟ وهل الحكم هو نفسه في الآيات المتعددة من القرآن الكريم؟ مثل quot;ربي هب لي حكما وألحقني بالصالحينquot; وهو الذي وهبه الله ليوسف والأنبياء أو الحكم الذي يعني قيادة دولة أو قبيلة أو محكمة أو مؤسسة أو ولاية.
جعلت quot;اللحظة الفارقةquot; السلفيين يجرون وراء السياسة جريًا على الرغم من عدم ممارستهم لها، وإنكارهم للعمل الحزبي جملة وتفصيلاً، وجعلتهم يضعون تصوراتهم على أن اللحظات مواتية لإقامة دولة الخلافة المنشودة!!
وجاءت quot;اللحظة الفارقةquot; وأخذت معها عقول السلفيين الثوريين إلى حيث سكرة نسوا فيها كل شيء، حتى أن أكثر من 12 حزباً إسلامياً نشأت في أعقاب سقوط مبارك، جرت وراء السياسة، وغفلت عن أدوار أخرى لابد أن تلعبها في الحياة الاجتماعية والثقافية والدعوية للناس والجماهير، ولم تعود تفكر سوى في المظاهرات والاحتجاجات والحشود لنصرة المرشح المقال من انتخابات الرئاسة، بعد أن أوهمهم أنه هو الأمل في الشريعة والخلافة، ناسين جميعاً العواجيز والغلابة والمطحونين.
على ناحية تبدو داخل الطاقة المظلمة مضيئة تنبه بعض السلفيين المدخليين، وكذلك المدرسة السلفية التقليدية والعلمية بالإسكندرية إلى خطورة هذا المسلك ودعوا للعودة إلى المساجد والزوايا للتربية والموعظة والدعوة فقط، على اعتبار أن الشريعة الحقيقية هي توفير الحياة الكريمة التي يرضاها المولي سبحانه وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمجتمع الذي يصل إلى ذلك يكون قد نجح تماماً إلى فهم مقاصد الشريعة، والهدف الذي يتخذ شرعاً هو الهدف الواقعي، ومن ثم لابد وأن ننظر بنظرة كلية وليست جزئية إلى أمتنا التي هي اليوم في حالة دفاع عن وجودها وأصولها الراسخة وبأنها مستهدفة في صميم عقيدتها وخطابها الديني، ولذا فنحن مطالبون بالحفاظ على البقية الباقية من شعائر الدين هذا هو الهدف الواقعي الأسمى.
الكل اليوم مسئول مسئولية جسيمة نحو نشر معاني الحب لا البغض والكراهية.. والوصال لا القطيعة.. والسلام العادل لا الحرب المدمرة، ومسئول عن إنشاء مؤسسة علمية أو هيئة شرعية أو جمعية خيرية أو قناة فضائية إسلامية أو وطنية صالحة أو صحيفة إسلامية أو موقع إسلامي.
ولا يظن البعض أن حركته هي الممثل للإسلام.. كما اشتط الثوريون حينما ظنوا أن حركتهم هي الممثل الحصري والوحيد عن الإسلام.. أو المتحدث الحصري عن السلف الصالح.
وأخيراً الدعوة الإسلامية ليست نصوص القرآن وحدها ولا هي أحاديث المصطفي صلي الله عليه وسلم وحدها، وإنما الدعوة الإسلامية مفهوم حركي يُطلق حيث تكون رسالة الإسلام ومبادئه متجلية في حركة ثقافية علمية وسلوك في واقع الناس، تتجسد في علماء ومفكرين ودعاة وجماعات وفنيين يقودون خطة الهداية والتربية والتوجيه، في صور متجددة بتجدد التحديات وتقلّبُ الابتلاءات، لُتقوّم مسار المجتمع وترشده إلى النور المبين الذي دعا إليه الإسلام وليس في جماعة معينة مبدأها السمع والطاعة للثورة من أجل quot;اللحظة الفارقةquot;.
التعليقات