عندما قال لي احد زملاء الصحفيين خلال حوار جمعني به، أن الكثير من العراقيين بل حتى من العاملين في مجال الصحافة والإعلام لم يراجع الدستور العراقي، وقد أجبته بسؤال هل أن الدستور كتب على أساس مصلحة المواطن أم مصلحة العملية السياسية و القائمين على هذه العملية؟

رغم إنني لم استلم الرد منه وذلك بسبب حالة طارئة أو مشكلة معينة مما اضطره إلى الذهاب لإتمام عمله...... لكن سيبقى هذا السؤال مهما جدا سيما انه يدور ومنذ اليوم الأول من بداية العمل بالدستور الجديد لان الكتل التي كتبت الدستور أصبحت تعاني من بعض البنود في ما بعد وصارت حجرة عثرة ومشكلة تعرقل العملية السياسية.

الدستور هو القانون الأعلى في البلاد ولا قانون يعلو عليه وهو الذي ينظم طريقة وأسلوب العمل في سلطات الدولة وبالتالي فأنه في المشاكل وعند الصراعات فان الدستور سيكون المحطة الرئيسة والاهم لإيجاد حلول لتلك المشاكل وحلحلة الصراعات لان الفلسفة الأساسية في كتابة الدستور هي مصلحة المواطن وتأمين مستقبل عيشه بسلام تحت خيمة الوطن ويؤشر الدستور أيضا إستراتيجية التحرك ضد التهديدات الخارجية وبالتالي اذا أخذت هذه الأساسيات في كتابة الدستور فيكون المرجع الأساسي في إنهاء التجاذبات.

أن الذي يحدث في العراق عكس هذا تماما فإننا نرى إن المشاكل تنبع من الدستور أصلا وفوق ذلك فأن الكثير من الباحثين والأكاديميين والخبراء وبل حتى السياسيين أنفسهم يؤكدون على ضرورة مراجعة بعض مواد الدستور من اجل اجتياز الأزمة التي تحل بالبلاد لكن المغازلات السياسية وطغيان الفكر الحزبي على الفكر الوطني أصبح عائقا أمام الكثير من المحاولات الرامية لتعديل الدستور.

وبالتالي فأن القائمين على السلطات أذا لم يبنوا خطوات على أساس الدستور فكيف بالمواطن العادي الذي لا حول ولا قوة له سوى انتظار النتائج السلبية التي ستنتج عن الأزمات.
الكثيرون فقدوا أمالهم في أن يمر العراق والعملية السياسية فيه هذه الأزمة ولكن الحل يكمن في تشخيص الخلاف أولا كما يفعله الطبيب الماهر قبل أن يكتب العلاج لتلك الحالة فأن الطبيب يقوم بتشخيص المرض من خلال اعراضه والفحوصات والتحاليل ومن ثم يقدم للمريض جدولا أوقات وكيفية اخذ العلاج المناسب للتخلص من هذا المرض وعبر مراحل عديدة يحددها الطبيب بالتزامن مع مدى تفاعل هذا العلاج في جسم المريض.

لذا فان تشخيص الأزمة السياسية في البلاد وإيجاد الحلول اللازمة يكون عبر مراجعة بنود الدستور وإنهاء الخلاف في البنود المختلف حولها ويكون هذا عبر الابتعاد عن التصريحات النارية في وسائل الإعلام لكي لا ينتقل الصراع إلى الشارع وعندها تكون نتائجه وخيمة.

وكذلك يجب تحديد الزمان والمكان المحددين لوضع المكونات الأساسية للبدء بتطبيق مراحل الحلول وضرورة أن تكون للحلول مركز واحد يجلس الجميع في هذا المركز ونلاحظ أن تعدد مراكز التشاورات يزيد من نسبة الصراعات ومازال الجميع يراقب حقيقة ما الذي يجري في العراق.