نقلت وسائل الاعلام خبر غاية في الدهشة ومع تتبع تفاصيل هذا الخبر تتعاظم درجة الدهشة نفسها، فلقد كتب القرضاوي رسالة الى الرئيس الطلباني يناشده فيه التريث بالحكم على طارق الهاشمي. وأسباب الدهشة كثيرة ومتشعبة قد يكون أولها أن القرضاوي يرى في أبناء العراق الجديد مجرد حفنة عملاء للامريكان والغرب جاءت بهم الدبابات الامريكية quot; قبل ان تتحول الطائرات والجيوش الغربية الى أحباب الله في ليبيا quot; بل أنه ذهب اكثر من ذلك حينما أجاز للزرقاوي المقبور عملياته الارهابية الدموية بحق ابناء العراق وذهب أكثر من هذه المسافة الخطيرة حينما quot; فسق quot; مذهب يمثل غالبية الشعب العراقي دون منازع وكل هذه الامور لم تاتي بالصحائح حتى نختلف عليها بل هي تصريحات اعلامية تلفزيونية موثقة ومتداولة على مواقع الانترنيت، لذلك مجرد طلب الواسطة عند هولاء العملاء الفاسقين المفروض فيها وجه نظر كبيرة جدا.

الجانب الاكثر دهشة في رسالة القرضاوي quot; الشهيرة مسبقا quot; انه يشرح للرئيس العراقي... quot; كيف ان الامور في العراق قائمة على التوافق وطالما لم يحصل على توافق بخصوص قضية الهاشمي فانه يرجو تأجيل النطق بالحكم الى ذلك الحين التوافقي quot; وهذه الجملة بالذات تمثل تدخل صارخ ومفضوح في شأن عراقي سياسي وايضا تحمل تصور أن العراق يحكمه طويل العمر وببوسة لحى واحدة ممكن ان يطلق سراح من يشاء او يغلق ملف قضائي كبير مثل ملف الهاشمي، وبطبيعة الحال الانسان أبن بيئته لذلك يجب ان لاتاخذنا المفاجاءة جراء هذا التصور القرضاوي عن عراق اليوم. فلا أحد على الاطلاق قادر على أغلاق ملف الهاشمي في العراق الجديد فالكل تحت القانون حتى وأن بدت بعض الامور في بعض المواقف غير ذلك، ثم أن دماء الابرياء تبحث عن حقها الانساني والسماوي والدستوري.

لكن ومن باب الانصاف يجب النظر الى أيجابيات كبرى في رسالة القرضاوي الشهيرة هذه، وقد تكون أهمها ان طارق الهاشمي أعلن افلاسه السياسي والقانوني وبشكل علني مرة بعد أن هرب ولاذ بالحاكم العثماني اوردغان وأصبح مجرد quot; مؤجر شقتين quot; في أسطنبول كما أعلن ذلك الناطق الرسمي باسم الحكومة التركية، وايضا طلقة الرحمة تتمثل بتوسيط القرضاوي من قبله وهو المفروض يكون النائب الثاني لرئيس جمهورية العراق، فماذا بقي بعد ذلك للهاشمي من حظوة يدعيها او مكانة يربو أليها !! أنها نهاية النهاية للهاشمي مع الاخذ بنظر الاعتبار أن لا حظوة يعتد بها في العراق شعبيا ورسميآ للوسيط والمتوسط له.

الايجابية الكبرى في توسط القرضاوي تتمثل في أعلان رسمي علني من قبل قطر بالافلاس التام في عراق اليوم عندما أنابت عنها القرضاوي دون غيره، مع الاخذ بنظر الاعتبار النشوة الكبرى التي تشعر بها قطر في أيامنا الخوالي هذه وهي ترى دورها المتضخم في السودان و تشاد وليبيا وهنا وهناك وحتى حين أخر ليس ببعيد. واختصارا للجهد والوقت سأقول وباقتباس شامي جميل وشهير quot; ياعيب الشوم ياطارق الهامشي quot;.

[email protected]