الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية أعطت جماعة الاخوان فرصة تحقيق فوزين بضربة واحدة، أولهما إيصال مرشحهم محمد مرسي ليكون في الدورة الثانية من الانتخابات كأول فائز بأكبر عدد من الأصوات والتي ستجمعه مع احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك، والنجاح الثاني والأهم هو استغلال بعض الشخصيات لتقدم نفسها في الدورة الاولى لتقوم بتشتيت اصوات الناخبين، عمل ابدعوه بامتياز اعتمادا على من أوهموهم انهم مرشحون جديون وسيكونون خير ضامن لمستقبل لمصر القادم.

ستستفيق مصر على مرشحين الأول اخواني يحمل كل ما يختزنه عقل الاخوان طوال تجربتهم الماضية وكل ما يتمنون تحقيقه على أمل الوصول بمشروعهم الى الخلافة الساسة التي يعتبرونها هدفهم النهائي، والثاني يدخل الدورة الثانية مترنحا بالاتهامات الموجهة لشخصة بانه من فلول النظام السابق وشريك في كل مساوئ وفساد نظام مبارك وبمعنى ادق ان الخيار سيكون بين الاخوان القادمين بمشاريعهم الضبابية البعيدة عن المنطق والواقع الذي تعيشه مصر وبين عودة نظام مبارك وما يعتبر مساوئه واخطائه وجرائمه.

الناخب المصري سيدخل دورة الانتخابات القادمة معبأ بموقفين الأول التعاطف غير المشروط مع كل من خالف واختلف مع نظام مبارك ورموزه ومعهم فتات القوى اليسارية وشباب الثورة والتائهين بين مفهوم الثورة المستمرة وبين من تاخذهم احلامهم للسقوط في حضن الاخوان الذين سيكررون معهم نفس ما فعله الاسلاميين في ايران عندما علقوا المشانق لرفاقهم اليساريين المتحالفين معهم لاسقاط نظام الشاه.

الموقف الثاني سيعبر عنه الشارع المصري الخائف من المجهول والذي مازال ليوم الناس هذا يعبر عن هموم الفقراء والمسحوقين الذين طحنهم الفقر، وتخوفهم من أن يزداد حالهم سوء في حكم الاخوان الذي لايبشر المصريين بخير قادم بل يحمل شعارات بلا مضامين تستعمل من العبارات المقدسة رافعات وهم وبيع للسراب، هؤلاء الفقراء يريدون من يضمن لهم خبزا وعيشا بالحدود الدنيا لم يعرف نظام مبارك الذي أعماه الغباء أن يحافظ لهم على هذه التعويذة السحرية للبقاء فغرس اسنانه ينهش في جلودهم التي تغطي العظم.

هل علينا ان نتوقع من اليوم رئيسا اخوانيا لمصر، المعطيات تسير لهذا الاتجاه إلا اذا حصلت مفاجاة تقلب الموازين في الايام القادمة وهذا مستبعد في ظل حالة الاصطفاف العنيف للقوى المعادية لكل ماهو قريب من نظام مبارك.

الاخوان اجادو اللعبة وعرفوا كيف يجيروا الموهومين بأنهم يملكون مواصفات الرئيس القادم، واحد بتاريخه كوزير خارجية لنظام فاشل يعتقد انه يملك الاناقة واللباقة ليكون رئيسا، والثاني الحامل لكلمات وشعارات تذكر بعبد الناصر الذي يبدو ان الكثير من العرب مازالوا يبحثون عمن يبيعهم الوهم ويسوقهم نحو الهاوية كما فعل عبد الناصر، فنجح تشتيت الاصوات وغياب البرنامج والصورة القادمة في الدفع بالمرشح الأضعف ليكون اللقمة السائغة للأخوان في الدورة الثانية بفارق كاسح ومثير.

كيف ستكون مصر الاخوانية التي تحمل شعار الاسلام هو الحل في مواجهة كم هائل من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية وهل ستكون الوعود بالحلول الربانية والبركات الالهية هي المخرج من ورطة شعارات بلا مضامين.

مصر الاخوانية كيف ستواجه مخاوف الاقباط المتعاظمة مع تصريحات الشيوخ الجوفاء ومحاولات خلق حالة تمييز طائفي بين اولاد البلد الواحد وهذه المخاوف ستترجم على الارض بشكل أو بأخر في التعامل اليومي بين كل الاطراف.

ماهي حلول الاخوان لاوضاع مصر الاقتصادية، كلها يمكن وصفها بالضبابية فالاخوان يعلمون جيدا اهمية السياحة ولكنهم يعتبرونها في ادبياتهم كفرا وفجورا فكيف ستكون صيغة المعادلة المستحيلة.

كيف ستخلق فرص عمل في بلد نهشته البطالة على كل المستويات وفي ظل ان المشاريع التي يطرحوها هي اقرب للحديث عن مشاريع عملاقة تحتاج عشرات السنين للتنفيذ بينما الواقع اليوم يطرق عاليا واقع الفقر في مصرمطالبا بحلول عاجلة تبدو بعيدة المنال عن الواقع.

الأخوان نجحوا في وضع يدهم على الرئاسة في مصر بغباء الاخرين وبفترة قريبة جدا ستبدأ مصر بمواجهة حقائق قادمها المجهول والذي سيكون لاول مرة مهددا لبقاء وحدتها الترابية وعدم انجرارها سريعا نحو غدا مفتوح على كل الاحتمالات والتي يبدو الضبابي المائل للسواد هو الغالب في صناعة القادم المجهول في مصر.

هل ستنجح شعارات تطبيق الشريعة والاسلام هو الحل في اخراج مصر من واقعها المأساوي على يد الأخوان أم سيذهبون بها سريعا نحو تكرار تجارب اسلامية سبقتهم اليها السودان والصومال وافغانستان طالبان.

مستقبل مصر اليوم في يد المجهول.