إذا صحت الاخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام، حول موافقة السيد رئيس الجمهورية، ولو على مضض، على مفاتحة البرلمان لسحب الثقة من السيد رئيس الوزراء نوري المالكي، فهذا يعني بوضوح بروز إصطفاف جديد مؤثر للقوى السياسية في العراق، ابرزها تحالف الصدريين مع القائمة العراقية والتحالف الكوردستاني والتي تشكل على أقل تقدير( 75عراقيه + 40 صدريين + 54 تحالف كوردستاني ) 169 صوتا برلمانيا، أي الكتلة الاكبر التي من حقها تشكيل الحكومة، حسب ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية عندما منحت التحالف الوطني حق تشكيل الحكومة رغم فوز القائمة العراقية ب (91 ) صوتا وكان من المفروض حسب التقاليد والاعراف المتبعة في التجارب الديموقراطية تكليفها بتشكيل الحكومة.

الان ومع إتخاذ القوى الثلاث قرارا بالمضي قدما في إجراءات سحب الثقة عن دولة رئيس الوزراء من أجل تصحيح مسار العملية السياسية في العراق، وفي الوقت الذي لم يبقى التحالف الوطني الكتلة الاكبر في البرلمان مع وقوف الصدريين الحاسم الى جانب التحالف الكوردستاني والقائمة العراقي، فلابد أن يبدأ التصحيح باعادة الحق لاصحابه وتكليف العراقية بتشكيل الحكومة الجديده، خاصة وان تجربة السنتين الماضيتين أثبتت بما لا يقبل الشك بان ما بني على باطل ليس باطل فحسب وانما ادى الى نتائج كارثية كادت ان تؤدي الى فشل العملية السياسية برمتها وسقوط المشروع الوطني الديموقراطي في العراق.

ان الاصرار على ان يكون رئيس الحكومة المقبل من التحالف الوطني حصرا، لا يجد أي مبرر او مسوغ قانوني او دستوري، وإذا كان الامر مرتبط بالتطمين الطائفي ان صح التعبير فمن الممكن ان يكلف الصدريون بتشكيل الحكومة وهم جزء مؤثر ومهم من التحالف الجديد الذي يتصدى اليوم لعملية التصحيح ومعالجة الخلل والتفرد والنواقص التي شابت هذه العملية طيلة الفترة الماضية، ولايمكن ان تبدأ عملية التصحيح بتكريس الخطأ او الأخطاء السابقة وإعادة إنتاجها بشكل اخر أيا كانت المبررات والا فانها ستفقد الكثير من مصداقيتها وصحة توجهاتها الوطنية الديموقراطية.

ان تكليف القائمة العراقية بتشكيل الحكومة الجديدة ستكون الخطوة الصائبة والدستورية المتفقة مع الاعراف الديموقراطية والتي تؤكد مصداقية الاطراف الثلاث المشتركة في التحالف الجديد، وفي كل الاحوال فهو حق مشروع للعراقية تم حرمانها منه عن عمد وسبق إصرار، وتكليف التحالف الوطني الذي اصبح الكتلة الثانية في البرلمان بتشكيل الحكومة يعني المضي في نفس النهج والبرامج السابقة ولكن باسماء اخرى، مما يحول هذا الجهد الوطني لتصحيح مسار العملية السياسية الى مجرد تغيير في الاشخاص.

مايريده الشعب العراقي وفي مقدمتهم انصار الصدريين والقائمة العراقية والتحالف الكوردستاني، ليس تغييرا في الوجوه وإنما في البرامج والتوجهات والتنفيذ وتصحيح حقيقي لمسار العملية السياسية في البلاد.

bull;كاتب عراقي
bull;[email protected]