الحكم بالسجن المؤبد الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة، يوم السبت الثاني من يونيو 2012 على الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، رغم رفضه شبه الجماعي من ثوار مصر، إلا أنّه يستحق المقارنة بما يرتكبه وحش سوريا منذ ستة عشر شهرا في كافة أنحاء سوريا، وما يستحق من حكم جراء ذلك. هذه المقارنة لا تهدف للموافقة على الحكم الصادر ضد مبارك لأنّه مرفوض أولا من جموع الشعب المصري بغالبية فعالياته السياسية والشعبية، بما فيهم المرشحون لرئاسة الجمهورية الذين خرجوا من السباق الانتخابي، حيث قاد بعضهم المظاهرات الحاشدة في ميدان التحرير احتجاجا على الحكم، خاصة خالد علي وحمدين صباحي الذين أعلن من ميدان التحرير بشجاعة واضحة (إن الحكم صادم للغاية... كيف يحكم القاضي ببراءة علاء وجمال نجلي الرئيس المخلوع و قيادات الداخلية الست، الذين كانوا يقودون المجازر ضد المتظاهرين السلميين... إن الثورة لا بد أن تستمر ضد محاولات إعادة إنتاج النظام السابق). بينما أعلن الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل التوجه لميدان التحرير دعما للشباب الثائر ضد الحكم الذي أدانته قيادات قضائية وتشريعية مثل المستشار طارق البشري رئيس لجنة التعديلات الدستورية الذي رأى أنّ (الحكم القضائى بالمؤبد على مبارك والعادلى وتبرئه علاء وجمال مبارك ومساعدى العادلى يحمل شبهه تناقض وذلك لنقطتين فالنقطه الاولى تتمثل فى تبرئه رجال العادلى على الرغم من الحكم على مبارك ووزير الداخليه نفسه)، ومفندا العديد من الحالات والحيثيات التي تدعم رفض هذا الحكم الذي فعلا حتى عند غير المختصين في القانون يعتبر إهانة لشباب الثورة المصرية وشهدائها، خاصة إذا دققنا في تبرئة نجلي مبارك رغم كل النهب والسلب المنسوب والمثبت لهما، والتبرئة بحجة واهية وهي سقوط القضية بالتقادم رغم عدم وجودهما في السجن (سبعة نجوم) سوى ما يزيد قليلا على عام واحد. وكذلك تبرئة رجل الأعمال الهارب حسين سالم رغم عدم مثوله أمام المحكمة وعدم القيام بما يلزم لجلبه من أسبانيا، وهذا في حد ذاته فضيحة قضائية لا تليق بالقضاء المصري، لذلك تعهد الدكتور محمد مرسي مرشح الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عن حزب الحرية والعدالة بمتابعة القضية بما يضمن القصاص العادل من المتهمين. كما قام المتظاهرون يتمزيق صور المنافس الثاني في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الفريق أحمد شفيق معتبرينه امتدادا لنظام مبارك وهو نفسه لا ينفي ذلك بل يفتخر به، ونادوا بطرده من انتخابات الجولة الثانية.

وللمقارنة فقط بين مبارك ووحش سوريا

1 .تشير الإحصائيات المصرية أنّ قتلى الثورة المصرية الذين سقطوا منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 المصرية، لا يزيدون عن 800 قتيلا سواء من قبل أجهزة الأمن أو البلطجية أو فلول النظام السابق أو غيرهم. أمّا في سوريا منذ منتصف مارس 2011 فقد قتل نظام وحش سوريا حسب كافة الاحصائيات السورية والدولية حتى الآن ما لا يقل عن 17 ألف مواطن سوري في العديد من المدن والأرياف السورية، ومن خلال قصف بري وجوي علني على مشهد من المراقبين العرب سابقا والدوليين حاليا، وبشكل همجي متعمد يرقى إلى حد المجازر البشرية حسب وصف الجنرال النرويجي روبرت مود خاصة بعد مجزرة الحولة قبل أسابيع قليلة. ويمكن تصور حد الفاجعة إذا قارنّا نسبة القتلى في مصر قياسا بعدد سكانها (حوالي 80 مليونا)، ونسبة القتلى في سوريا قياسا بعدد سكانها (حوالي 22 مليونا). هذا بالطبع مع إدانة القتل للمواطنين الأبرياء أيا كان عددهم ونسبتهم فالعدد القليل لا يبرر القتل، فالقتل واحد جريمة لا تغتفر أيا كان العدد ونسبته.

2 . منذ البدء بمحاولات تطبيق خطة موفد الأمم المتحدة كوفي عنان في فبراير 2012 بلغ عدد القتلى في سوريا على يد عصابات الوحش ما يزيد على 800 قتيل، مما يعني أنّ هذا النظام يقبل ديكوريا أية خطة فقط لكسب الوقت. ومن المهم التذكر أنّه يوم الثالث من يونيو الحالي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على هامش مؤتمر حول الإرهاب في مدينة جدة : (قبل النظام كل مبادرة لكنّه لم ينفذها وهذه طريقة لكسب الوقت، ولا أعتقد بانّ ذلك مختلف بالنسبة لخطة أنان فهو يناور ويماطل). ولم يعقب الأمين العام للأمم المتحدة على ذلك مما يعني موافقته على هذا الرأي.

مسخرة رأي وحش سوريا في مجزرته في الحولة

وعودة للمقارنة مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، من المهم التوقف عند أنّه رغم كل مساوئه وأخطائه وتجاوزاته فقد امتثل لرغبة ثورة الشعب المصري وتنحى عن الحكم في الثامن عشر من فبراير 2012 أي بعد أقل من شهر من اندلاع الثورة، وكذلك تنحي رئيس تونس وهروبه، وتنحي على عبد الله صالح بعد مماطلات عديدة. ولكن وحش سوريا ما زال متمسكا عبر القتل بالسلطة رغم مرور ما يزيد على ستة عشر شهرا منذ اندلاع ثورة الشعب السوري. والمسخرة ألأشد وطأة هو تفسير وحش سوريا لمجزرة الحولة كما جاء في خطابه أمام مجلسه المنسوب زورا للشعب السوري، حيث اعتبرها نتيجة تنفيذ عمليات ارهابية، رافضا كافة الدلائل المصورة والموثقة أنها من تنفيذ عصاباته الإجرامية. لذلك فالنتيجة الوحيدة المستفادة من خطابه أنّه مصرّ على الاستمرار في جرائمه، فشعاره وعائلته وأخواله اللصوص (نحن أو الشعب السوري). وهذا ما يعني أن القتل من قبل عصابات الوحوش مستمر إلى أن يتمكن الشعب السوري دون غيره من اقتلاعهم وتقديمهم لمحاكمة شعبية سورية ليلاقوا مصير تشاوشيسكو رومانيا أو مخرّب ليبيا. ونتيجة هذه المقارنات مع ما ارتكبه نظام حسني مبارك ونظام وحش سوريا، جاء عنوان المقالة (مقارنة بمؤبد مبارك: كم إعداما يستحق وحش سوريا؟).