قد يبدو العنوان أعلاه صادما للبعض ! و لربما سيكون إستفزازيا للبعض الآخر. وقد يكون أيضا مفاجئا لعدد آخر، ولكنه بالقطع ليس سؤال غريب أبدا، بل يدخل في صلب موضوع الفشل الكبير في عراق التحاصص و التناطح الطائفي المؤسف المؤدي للهلاك و الإندثار في نهاية المطاف، ففي مقارنة موضوعية بسيطة بين مدينة البصرة العراقية التي هي رئة العراق الإقتصادية الكبرى و إطلالته الخليجية الوحيدة بماضيها التليد و بتراثها الحافل وتاريخها المجيد المعبأ بكل أسس و مستلزمات الحضارة العربية الإسلامية منذ الفتح العربي الإسلامي، و إمارة دبي الزاهرة المزدهرة و المنتعشة بحكمة حكامها و عملهم الدؤوب و نشاطهم الكبير و الرائع من أجل التميز في عالم شرس بالمنافسة و الإبداع في مختلف المجالات الحضارية و العلمية و الإقتصادية، تبدو المقارنة مضحكة و مثيرة للشفقة وهي أشبه بمن يقارن القرن الحادي و العشرين بالقرن السابع الميلادي !!.. نعم نقولها بملأ الفم و بالقلم العريض بأن المأساة الكبرى التي سببتها الفاشية البعثية المندحرة المهزومة نحو مزبلة التاريخ قد إستمرأها و سار على خطاها أتباع الأحزاب الفاشية الطائفية الظلامية التي هجمت على العراق بعد الإحتلال الأمريكي بسبب الفراغ الكبير و الذي تتحمل الفاشية البعثية المندرسة جانبا كبيرا من تبعاته.
البصرة اليوم ورغم مواردها النفطية الهائلة وتعاقب الحكام و المحافظين عليها من نفس نوع و فصيلة حزب الدعوة الفاشي الطائفي لم تزل تعيش عصر النكبة و الفتنة الكبرى، بعد أن تراجعت كل مقوماتها الحضارية و العلمية و الفنية ودفنت تحت ركام الشعارات المتخلفة و الروح العدوانية البشعة التي تميز النخب الحاكمة من تحت رداء التخلف، حينما رحل محافظ البصرة السابق الرفيق شلتاغ عبود ز أنزوى بعيدا وهو يجر حلقات فشله الفظيع في تحديث المدينة و نشر الخدمات و البناء الحضاري كانت التوقعات و المراهنات بأن من سيخلفه سيعوض سنوات الحرمان و سيلبي المطالب الجماهيرية و سيكون أمينا على إعادة البناء و تسريع العمران و كنس غبار التخلف!!
إلا أن شهاب الدين كان وسيبقى في العراق أسوأ من أخيه!! وجاء الرفيق الدعوي خلف عبد الصمد والذي كان لاجئا في مملكة هولندا لا ليفتبس من وهج البناء الأوروبي الذي عاش بين ظهرانيه و نهل من مساعداته الإجتماعية والإنسانية ولطم حتى الثمالة في الحسينيات الهولندية المباركة!
بل لينهل من عقيدة وفكر حزب الدعوة الثيوقراطي الفاشي في الفشل التراكمي و في إصدار التصريحات الكبيرة و الأعمال القليلة ولتتواصل حالة الفشل الخدماتي المريع و ليكون هم المحافظ اللاجيء سابقا ورئيس مجلس المحافظة الرفيق الدعوي الآخر المدعو ( البزوني ) مطاردة الفرح و منع الحفلات الغنائية وفرض لباس البؤس و الكآبة على مجتمع يرنو للتحرر من ربقة الفاشية الظلامية بعد أن توارت الفاشية البعثية لاردها الله..! البصرة التي كانت ملعب الفرح و السعادة تحولت اليوم لمأتم كبير و لمقلب زبالة أكبر، فالمتجول في أحيائها وشوارعها ستصدمه رائحة العفونة و مناظر المتسولين تحولت لشواخص سياحية في شارع الكورنيش العريق الذي كان، وفندق الشيراتون المطل على شط العرب تحول لقلعة كونكريتية محصنة، بل أن شط العرب الخالد ذاته تحول لمكب زبالة كبير وأخضر لونه من الفضلات الملقاة فيه وبينها أعداد هائلة من ( علب البيرة ليست الحلال )! طبعا إضافة للقاذورات التي تطرحها سلطات جمهورية الولي الإيراني الفقيه فيه! طبعا دون أن ننسى أن النظام الإيراني يحاول جاهدا نزع جنسية ذلك النهر العربية وإطلاق إسم ( أروند رود ) عليه..!! فتلك مسألة لاتعني الأحزاب الطائفية في شيء ؟ لإن إرادة الولي الفقيه بمثابة أمر واجب التنفيذ.
تلك البصرة التي كانت منتجعا لأهل الخليج العربي ولأشقائنا في الكويت تحديدا والتي كانت جامعتها العريقة ( أيام كانت جامعة علمية محترمة بأساتذتها الذين كانوا ) كانت تحتوي طلبة من مختلف الإتجاهات من أشقائنا في البحرين وفلسطين والأردن.. أين هي اليوم ؟ وكيف أضحت في ظل مهرجانات النهب والسلب والسمسرة وحملات مطاردة الفرح التي بدأتها العصابات البلطجية الطائفية وأكمل مسيرتها الرفيق الراحل شلتاغ قلب الأسد وجاء الرفيق خلف الهولندي ليكرس أسسها ومعانيها المتخلفة، طبعا قطط العراق السمينة من لصوص آخر الزمان يحرصون على إستثمار ما سرقوه في شراء المجمعات والأبراج في دول الجوار ومنها إمارة دبي التي تحولت بفضل همة وفاعلية حكومتها لجنة إستثمارية دولية لا تمتلك من مواصفات البصرة السياحية نسبة العشر ومع ذلك تمكن أهل التخطيط والفكر الحصيف والرؤية الستراتيجية فيها من تحويلها لقبلة سياحية دولية ولتشهد نهضة تنموية هائلة وعملاقة ولتكون موئلا ومستقرا ومكانا لكل رقم قياسي في الإنجازات السياحية والمعرفية، فماذا ينقص البصرة ولها مالها من المكانة والإمكانيات من أن تكون قبلة سياحية وإقتصادية كبرى؟.. ماينقصها شيء مهم وهو القيادة الأمينة والحريصة والساهرة على مصالح الناس والتي تخاف الله وتعمل من واقع الضمير والرغبة الفاعلة في التطور وبلوغ القمة، فما أحوجنا في العراق البصرة المنكوبة تحديدا لحاكم حكيم ومبدع من نموذج الشيخ محمد بن راشد المكتوم حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.. تصوروا شكل وطبيعة السياحة والحياة والناس فيما لو كان محمد بن راشد حاكما على البصرة.
أترك الجواب لتعليقات من يهتم بذلك التساؤل المشروع.
التعليقات