لم ينتهِ مفعول quot;الخطة الأمميةquot; الميتة منذ بدايتها، رسمياً بقرار من مجلس الأمن الذي حدد فترتها ب90 يوماً، والتي ستنتهي في ال20 من يوليو. لكنّ المبعوث الأممي العربي كوفي عنان، يحاول إنقاذها بأيّ شكلٍ من الأشكال.

اجتماع وزراء خارجية الدول العظمى الخمس، بالإضافة إلى الإتحاد الأوروبي وتركيا والعراق ودول خليجية مثل قطر والسعودية في جنيف اليوم، هو خطوة في هذا الإتجاه، لدفع الأزمة السورية نحو quot;حلّ سلميquot; يرضي جميع الأطراف. خطة عنان المكملة لخطته الأولى، والتي ستقدم في quot;اجتماع الكبارquot; اليوم، هي عبارة عن quot;خطة إنتقاليةquot;، تمهد لتسوية سلمية للأزمة السورية، عبر تشكيل quot;حكومة وحدة وطنيةquot; بدون الأسد. وهو الأمر الذي لا تزال روسيا ترفضه.

اجتماعات الأمس التمهيدية، التي أصرّ فيها الروس على إجراء تعديلات على quot;خطة عنانquot; الإنتقالية، خصوصاً تلك النقطة المتعلقة بquot;استبعاد الأسد عن أية تسوية سلميةquot; انتهت دون الوصول إلى أيّ توافق. ما دفع موسكو إلى التأكيد مجدداً على quot;رفض أي حل سياسي يفرض على سورياquot;.

إيران المستبعدة من هذا الإجتماع أعلنت من جهتها على لسان رئيس إدارة الدول العربية والإفريقية في الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبد اللهيان، بأنه quot;لا يمكن فرض وصفات من خارج سورية تتضمن حلا عسكرياً أو أمنياً.quot; وذلك في إشارةٍ واضحة على رفض إيران لأي تدخل عسكري تحت البند السابع.
أما وزير الخارجية البريطاني فقال، أنّ أي اتفاق في جنيف سيعني quot;التدخل تحت البند السابعquot;. وهو الأمر الذي ترفضه روسيا جملةً وتفصيلاً.
وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف شدد في لقائه مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في ال29 من الشهر الجاري على أهمية quot;امتناع جميع الأطراف الخارجية محاولات التدخل الخارجي في عملية تحديد مستقبل سورياquot;.

روسيا رغم تأكيد لافروف على quot;وجود فرصة واقعية لتحقيق الإتفاق في مؤتمر جنيفquot;، إلا أنّ كلّ المؤشرات تقول أنّ روسيا لا تزال مصرّة على تسوية سلمية للأزمة السورية بمشاركة جميع الأطراف، بما فيها الأسد ونظامه. لافروف قال في اجتماعه مع كلينتون بكلّ وضوح أنّ quot;على الجميع أن يسعوا إلى أن تجلس كل الأطراف السورية إلى طاولة التفاوض. وبعد ذلك يجب أن تقرر مدى الفترة الإنتقالية وموعد إجراء الإنتخابات العامة وما إذا كان من الضروري تغيير الدستورquot;. إذن لا جديد على الموقف الروسي.
ثم لا ننسى أن لقاء quot;اوباما بوتينquot; قد فشل فشلاً ذريعاً في إيجاد أيّ مخرج للاستعصاء السوري. كلّ ما تمّ الإتفاق عليه هو مجرد عناوين عامة مثل quot;ضرورة وقف العنفquot; وquot;البحث عن حلول سلمية بمشاركة كلّ الأطرافquot; وquot;منع اندلاع الحرب الأهليةquot; وما إلى ذلك.

أي حديث عن quot;اتفاق دولي على تنحية الأسدquot; لا يزال أمراً خارج تفكير الديبلوماسية الروسية. هذا ما أكد عليه لافروف أكثر من مرّة بالقول: quot;أن محاثات من هذا النوع لا تجري ولن تجريquot;.
فكرة quot;استبعادquot; الأسد من quot;حكومة الوحدة الوطنيةquot; يعني اسقاط نظامه كله، وهو ما لن تقبله روسيا ولا إيران اللتان تصرّان على ضرورة الإبقاء على البنية الأمنية والعسكرية في سوريا. وهذا أمر لا يمكن أن تقبله المعارضة السورية، لا سيما تلك الممثلة بquot;المجلس الوطني السوريquot;. لأنّها أعلنت منذ البداية، بأنها لن تجلس مع quot;نظام قاتلquot; إلى طاولة الحوار، وطالبت ولا تزال بإسقاط النظام من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.

المؤتمر رغم أهميته، لا يبشّر بحدوث quot;تغيير كبيرquot; على مسار الأزمة السورية. لأنّ أيّ تغيير في هذا المنحى، لا بدّ وأن يسبقه تغيير موازٍ على الموقفين الروسي والصيني، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة. هذا ناهيك عن الموقف الإيراني، الذي لا يزال ثابتاً لم يتزحزح.
إيران ستلعب بالورقة السورية حتى النهاية، لأنها الأدرى بأنّ ضياع سوريا، سيكون فيه الكثير من ضياع إيران وأوراقها الضاغطة في المنطقة.

أما روسيا، فليست مستعدةً أن تكرر ليبيا في سوريا على حدّ وصف بعض مسئوليها. سيما وأنّ الغرب لم يقدّم لها حتى الآن ما يمكن أن تقايضه بالأسد ونظامه. ما يهم روسيا هو أن يعوّض لها الغرب ليبيا في سوريا، وهذا ما لم يحصل حتى الآن.

المشهد لايزال يكتنفه الكثير من الغموض، وربما الكثير من المفاجآت أيضاً. لكنّ الواضح فيه، هو أنّ سوريا أبعد من أن تكون الآن من أية quot;حلول سلميةquot; لا مع الأسد ولا بدونه. أكثر الحلول سلميةً لن تمرّ على سوريا بدون حرب. والأخطر في في هذه الحرب، هو الحرب الأهلية الطائفية التي ستكون حرباً للجميع ضد الجميع.

أطراف النزاع الدولي والإقليمي ستتفاوض على سوريا، وليس للسوريين إلا دفع الفاتورة، التي ستكون باهظةً جداً.

[email protected]