عندما وصل التيار الإسلامي المتشدد لسدة الحكم بدأ في مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية وبصفة رسمية بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن المحكوم عليه بالسجن مدي الحياة، كان رد الإدارة الأمريكية أن الشيخ عمر عبد الرحمن محكوم عليه من قبل القضاء الأمريكي ولا دخل للإدارة الأمريكية بحكم القضاء، كما لا يمكن للرئيس الأمريكي التدخل في حكم قضائي، وأمريكا هي بلد المؤسسات و احترام القانون كما أن مبدأ الفصل بين السلطات هو أحد القيم والمبادئ الأمريكية التي لا يستطيع أي شخص الإخلال بها.

إلي هنا والرد الأمريكي مقنع بل ومحترم جدا ولكن الأمر الغريب هو ردود فعل الجانب الأمريكي علي قرار محمد مرسي بعودة مجلس الشعب للإنعقاد بالرغم من صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب وهي أعلي سلطة قضائية في مصر، كان رد الإدارة الأمريكية أن علي القيادات المصرية أن تتحاور للخروج من هذه الأزمة، الغريب أن كلام الإدارة الامريكية قد تغير مائة وثمانين درجة، فمن الحفاظ علي مبدأ الفصل بين السلطات ومن عدم إمكانية الرئيس الأمريكي وإدارته التدخل في حكم القضاء إلي دعوة للتحاور والمساوة!!!!.

ولكى نزيل اللبس المثار حول حكم المحكمة الدستورية وما إذا كان الحكم قد أقتصر علي ثلث البرلمان ام كل البرلمان علينا بالعودة لحيثيات حكم المحكمة والذي جاء فيه.

أن quot;العوار الدستورى الذى أصاب النصوص المطعون فيها يمتد للنظام الانتخابى الذى سنه المشرع بكامله، سواء فى ذلك نسبة الثلثين المخصصة لنظام القوائم الحزبية المغلقة أو نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى ، وأوضح الحكم فى أسبابه أن تقرير مزاحمة المنتمين للأحزاب السياسية للمستقلين غير المنتمين لأى منها فى الانتخاب بالنظام الفردى كان له أثره وانعكاسه الأكيد والمتبادل مع نسبة الثلثين المخصصة للقوائم الحزبية المغلقة، إذ لولا مزاحمة المنتمين للأحزاب للمستقلين فى الثلث الباقى لحدث إعادة ترتيب داخل القوائم الحزبية، بمراعاة الأولويات المقررة داخل كل حزبquot;.

وانتهت المحكمة الدستورية فى قضائها إلى أن quot;انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، ومؤدى ذلك ولازمه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتباراً من التاريخ المشار إليه دون حاجة إلى اتخاذ أى اجراء آخر، كأثر للحكم بعدم دستورية النصوص المتقدمة، وإنفاذاً لمقتضى الإلزام والحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة طبقا لصريح نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، إلا أن ذلك لايؤدى البتة إلى إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات، وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة، وحتى تاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة ، ومن ثم تبقى صحيحة ونافذة ، وذلك مالم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً ، أو يقضى بعدم دستوريتها بحكم من المحكمة الدستورية العليا إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير مابنى عليه هذا الحكم.

ومن هنا يتضح وضوح الشمس أن حكم المحكمة الدستورية قد شمل مجلس الشعب بالكامل، ولكن الولايات المتحدة والتي تدعي أنها راعية الحريات وسيادة القانون دعت للحوار في حكم قضائي مصري أما حكم القضاء الأمريكي المتعلق فقط بشخص واحد لا يستطيع الرئيس الأمريكي التحاور ولا التدخل مطلقا فيه.

من هنا يتضح لنا أن الولايات المتحدة والإخوان يعملان علي صعود مصر إلي الهاوية، فالمعروف أن أي تطاول علي حجية الأحكام القضائية واجبة التنفيذ والتي تعتبر قمة اعتبارات النظام العام ، تمثل تهديداً مباشراً لدولة القانون وانتهاكا لحقوق المواطن المصري. فقرار quot;مرسيquot; كان انتهاكا صارخا للدستور الذي أقسم عليه ولمبدأ الفصل بين السلطات كما كان بمثابة طعنة للسلطة القضائية والقضاء المصري بأكملة، وكنا ننتظر رد قوي من الإدارة الأمريكية ولكنها المؤامرة علي خراب مصر وإعادة نظام الاستبداد وصناعة ديكتاتورية المرشد والقضاء علي تجربة التحول الديمقراطي في مصر، لتتحول مصر علي يد الإخوان للنموذج العراقي لأن خراب وتمزق مصر هو أكبر ضمانة لأمن أسرائيل الذي هو غاية ما تنشده الولايات المتحدة.