قبول الدكتور laquo;محمد مرسىraquo; حكم المحكمة الدستورية بوقف تنفيذ قراره بعودة مجلس الشعب، يشكل خطوة مهمة في دعم دولة القانون، وردا عملياً على المهللين لقراره إعادة مجلس الشعب، مرسي كان يسعى من خلال قراره عودة مجلس الشعب، إلى اثبات وجوده، وإستعادة بعض صلاحياته، القرار يعبر عن نوع من التحدى للمجلس العسكرى من ناحية، وجماعة الإخوان المسلمين من ناحية اخرى، هو يشعر برغبة في الانعتاق من جهتين مكبلتين له هما: المجلس العسكرى، والإخوان المسلمون.
لقد أرهق قرار عودة المجلس عقول الرأي العام المصري، وبات بعضهم لا يعرف الصح من الخطأ، لأن بعض رجال القانون والسياسيين والمحللين من مؤيدى ومعارضى القرار، فسروا القرار حسب أهوائهم، بل وشرعوا في تسفيه الرأى المخالف، وعلت لغة التخوين والمزايدة، بلا سقف أخلاقى، أو سياسى، أو وطنى، الثوار يرون أن الثورة مستمرة، وأن القرارات الثورية (مثل قرار دعوة البرلمان للانعقاد على خلاف حكم المحكمة الدستورية) هى التى ستسمح بنزع الرئيس لسلطاته من المجلس العسكري، حتى لو كان ذلك مخالفاً للقانون.

حكم الدستورية حسم الجدل الدائر بشأن قرار رئيس الجمهورية، فقهاء القانون الدستوري وصفوا قرار مرسي بأنه سقطة كبيرة، تفتح الباب لجدل لا ينتهي، وصراع بين السلطات، قد يؤدي الى عواقب لا تحمد عقباها، قد يسأل سائل: كيف يكون قبول مرسي احترام حكم الدستورية، بوقف تنفيذ قرار عودة مجلس الشعب تحدياً للاخوان ؟.
الاجابة ببساطة هي أن الرضوخ لحكم المحكمة الدستورية، قرار خرج من مؤسسة الرئاسة، بعيداً عن أي تأثير، سواء من جانب المجلس العسكري، أومكتب الإرشاد، فالرئيس بهذا القرار ينحاز إلى الشعب المصري بأكمله، وليس فصيلاً بعينه، وهم يعلم جيداً أن الدعم الشعبي يمكن أن يساعده على مواجهة المجلس العسكري من ناحية، ورفض توجيهات مكتب الارشاد من ناحية أخرى، وهذا هو الجانب الأهم والاخطر في القرار، وأولى الخطوات لأن يكون مرسي رئيساً لكل المصريين، وفي الوقت نفسه إعلاءاً لدولة القانون.
ولا يخفي على أحد خيبة الأمل التي اصابت تيار quot;الإسلام السياسيquot;، بعد حكم الدستورية، وقف قرار الرئيس، عودة مجلس الشعب، لقد هلل الإخوان لقرار العودة، غير مدركين أنها فرحة مؤقته، لسبب بسيط، وهو أن اي تشريعات وقوانين تصدر عن المجلس، ستكون باطلة بحكم بطلان المجلس، وفي حال إجراء انتخابات جديدة، لن تضمن الجماعة، وحلفائها تحقيق أغلبية مريحة في مجلس الشعب، نتيجة تراجع شعبيتها، في مقابل زيادة شعبية الرئيس، وهذه الشعبية سترتفع اكثر حين يبرهن الرئيس quot;محمد مرسيquot; بالأدلة على أنه رئيس لكل المصريين، اضف إلى ذلك أن الاحزاب ذات المرجعية الدينية في موقف لا تحسد عليه، بسبب إستعداد التيارات المدنية، والثورية، للدخول بقوة في انتخابات مجلس الشعب، والمجالس المحلية المقبلة، مستفيدة من اخطاء المرحلة الماضية.

من الخطأ أن يتصور بعض المصريين أن الرئيس laquo; محمد مرسىraquo; يعمل على تكريس السلطة لصالح جماعة الإخوان رغم أن بعض المؤشرات تشير لذلك، بل يجب أن نحسن الظن بأن الرجل يعمل لمصلحته كرئيس منتخب، يمثل شعب مصر، ويعمل لاعلاء مصالح الوطن على ما عداها من مصالح، مصر المتراجعة اقتصادياً، وسياسياً، واجتماعياً، وأخلاقياً، تحتاج الى كل جهد مخلص لانتشالها من الهاوية.

لقد حذرت في مقال سابق من خطورة نجاح quot;مرسيquot;، ونقل القرار من quot;مؤسسة الرئاسةquot; إلى quot;مكتب الإرشادquot;، كما حذرت أيضا من نجاح quot;أحمد شفيقquot;، وإعادة نظام مبارك، وفي نهاية المطاف أنتخبت الدكتور quot;مرسيquot; لما لمسته فيه من صدق وتواضع، عكس ما لمسته في منافسه quot;شفيقquot; من رغبة في إعادة إنتاج النظام البائد.

وإذا صح اعتقادي بأن الدكتور quot;مرسىquot; قد بدأ يبعد عن جماعة الإخوان، وأسلوبها المعروف فى عقد الصفقات مع quot;نظام مباركquot; البائد، ومع المجلس العسكرى الحالي، فأتصور أن هذا هو بداية الطريق الصحيح، لأن هذا يعني الإنعتاق من مكتب الإرشاد، والهرولة نحو الشعب المصري كسند قوي له.

سوف تثبت الأيام اذا كانت قرارات الدكتور مرسي قريباً، والخاصة بتشكيل حكومة من الكفاءات بعيداً عن الاحزاب، وتنفيذ مطالب الثورة، وفي مقدمتها الافراج عن المعتقلين، وتنفبذ برنامج المئة يوم وتطهير مؤسسة الرئاسة والقضاء والإعلام، والشرطة وبقية أجهزة الدولة تمضي في الطريق الصحيح ام لا، وإعلم سيدي الرئيس أنه ذا احس الشعب، أنك تنحرف لمصلحة تيار بعينه لن يرحمك، ولتأخذ العبرة ممن سبقك.
إعلامي مصري