کما هو الحال مع کل الانظمة الاستبدادية و الطاغوتية المشيدة اساسا على جماجم و هياکل أبناء الشعوب، فإن الخطر الکبير عندما بدأ يداهم النظام السوريquot;الدکتاتوري أبا عن جد بإمتيازquot;، و أدرك بأنه لاسبيل للخلاص من الثورة المندلعة ضده إلا بسقوطه او تخليه عن السلطة وهما أمران لايتفقان مع نهج النظم الدکتاتورية أبدا، فإنه لجأ الى واحدة من أکثر المخططات المضادة للثورة السورية قذارة و بشاعة، حينما بدأ بتفعيل الفتنة الطائفية التي تؤسس لحرب أهلية تتداعى عنها الکثير من التوقعات و الاحتمالات التي جلها و للأسف البالغ سلبية.

مايتواتر من الداخل السوري و من اوساط سورية مطلعة و ذات علاقة و دراية و إتصال بما يجري حاليا على ساحة الاحداث السورية، يؤکد و بشکل جلي بأن ثمة حرب طائفية بمعنى الکلمة تجري على الارض، بل وان وجها سوريا بارزا أکد لکاتب هذه الاسطر بأن الذي يجري على الارض توجه ليس مضاد و معاد للأهداف التي إندلعت من أجلها الثورة وانما هي لاتتفق مع أبسط المعايير و القيم السماوية و الانسانية على حد سواء، هذا الرأي التشاؤمي الذي يجسد و يعکس مايجري حاليا على الارض في داخل سوريا و تحديدا في العاصمة السورية و المدن الکبرى الاخرى، في واقع أمره رسالة عملية من النظام السوري و حليفه الاستراتيجي النظام الديني الاستبدادي في إيران، رسالة تقول و بکل وضوح لن تکون هناك سوريا مستقرة و آمنة بدون النظام الدکتاتوري الحالي.

الفتنة الطائفية التي تم الاعداد لها منذ أکثر من سنة في اروقة و دهاليز دمشق و طهران، وتم تطبيقها بشکل تجريبي مبرمج و حذر خلال الاشهر السابقة، وکانت الغاية و الهدف منها توجيه رسالة تحذيرية لمن يهمه الامر، وقد کان النظام السوري و من خلفه أصحاب العمائم في طهران، کانوا يعتقدون أن الامور ستصبح في النهاية تحت سيطرتهم أو في اسوأ الاحوال سينجحون في تکرار سيناريو الرئيس علي عبدالله صالح بصورة محسنة و مطورة، وحينها سيفرضون خياراتهم و شروطهم، غير ان الذي جرى و حدث قد جاء بصورة مغايرة تماما لما کانوا ينتظرونه و يتوقعونه، خصوصا وان إصرار الشعب السوري على إسقاط النظام مهما کلف الامر و عدم إستعداده للمساومة او إجراء أية صفقات خلف الابواب المغلقة تمنح صك البراءة و النجاة لرؤوس و قادة النظام، ومن المفيد هنا أن نشير الى المحاولات المستميتة التي بذلها النظام الايراني من أجل الاتصال بأطراف من المعارضة السورية ولاسيما الاخوان المسلمين من أجل الاتفاق على صفقة او خارطة طريق تمنح أملا للنظام و تضخ في شرايينه المتهرئة شئ من الدماء الجديدة، لکن، وکما کان متوقعا و کما حدث في مصر أيضا، فقد کانت الابواب موصدة تماما بوجه هذا الزائر غير المرحب به، مما أثار حفيظة الملالي و جعلهم يشتاطون غيضا و يضمرون شرا ليس بعده من شر ليس لتلك الاطراف السياسية السورية المعارضة فقط وانما لعموم الشعب السوري المنتفض بوجه نظام القتلة في دمشق.

صحيح أن هناك أکثر من طرف دولي و إقليمي متورط في الاحداث الحالية في سوريا، لکن الاصح أن للنظام الايرانيzwnj; قصب السبق واليد الطولى في إيصال الاوضاع الى هذه الدرجة من الحساسية و الخطورة الفائقة، لکن السؤال المهم جدا الذي يجب طرحه هو: ماهو الحل الانجع و الافضل للتصدي لمايجري حاليا في سوريا؟

قطعا لم يبق هناك من شئ يتم التفاوض او التحادث بشأنه مع النظام السوري مثلما انه من الخطأ الفاحش جدا إجراء أية إتصالات او محادثات بخصوص الشأن السوري مع ملالي إيران، لأن النظامين هما في الحقيقة و الواقع وجهان لعملة واحدة، لکن و کما يقوم النظام الايراني بتفعيل مخططاته على الارض و يسعى لجعلها أمرا واقعا کي يفاوض عليها مستقبلا و يضع شروطه تبعا لها، فإنه من الضروري جدا معاملته بنفس المنطق إذ أن أيادي هذا النظام قد باتت مکشوفة تماما و قدquot;رکب أعلى مافي خيلهquot; ضد سوريا و دول المنطقة و العالم، ويقينا من أنه ليس في وسعه أبداquot;في ظل الظروف و الاوضاع الحالية تحديداquot;، الاقدام على إرتکاب حماقات و مغامرات طائشة ضد المنطقة ولاسيما وانه تحت المجهر الدولي، وان اول خطوة يجب القيام بها على هذا الصعيد هو مد جسور العلاقات مع مختلف أطراف المعارضة الايرانية ولاسيما المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي يشکل کابوسا مرعبا للملالي و يصرفونquot;دماء قلوبهمquot;في سبيل کبح جماحها و إيقاف مسيرتها، عبر الاعتراف بها کممثل شرعي للشعب الايراني و العمل بمنتهى الجدية من أجل نصرة الشعب الايراني لکي يتخلص من ربقة النظام الاستبدادي القمعي الحاکم الذي يشکل ومنذ الايام الاولى لمجيئه الى الحکم شجرة خبث و حقد و تطرف و فتن و تهديد دائم للأمن و الاستقرار في المنطقة و العالم.

ان رمي الکرة الى داخل ملعب النظام الايراني قد صار في ظل المفترق الحالي الذي وصلت إليه الاحداث في سوريا و التي قطعا بإمکانها تهديد الامن و الاستقرار في المنطقة بشکل خاص، مطلب أکثر من ضروري، بل وان عدم المبادرة به سيفوت فرصة ذهبية أخرى تمر دون سدى، إذ ان النظام الايراني في أسوأ ظروفه و اوضاعه على مختلف الاصعدة، وان عدم اخذ زمام المبادرة منه ستمنحه مرة أخرى الفرصة لکي يناور و يراوغ و يمرر مخططاته و دسائسه السوداء ضد دول و شعوب المنطقة، فهل ستبادر دول المنطقة لأول مرة منذ تأسيس نظام الدجل و الشعوذة في طهران الى إتخاذ الموقف الصحيح و الامثل منه؟