هل يعاني الأردن من مراهقة سياسية؟!
سؤال طرحه مروان المعشِّر، وزير البلاط الأردني الأسبق، والمسؤول الحالي عن quot;ملف الشرق الأوسطquot;، في معهد كارينجي السياسي، الأمريكي، المعروف.
وأجاب المعشِّر، بالإيجاب عن السؤال السابق بقوله:
مراهقون يحكمون الأردن
نعم، quot;إن الأردن (نظام الحكم) يعاني من مراهقة سياسية.quot; بمعنى أن البلد تحكمه (شلّة أولاد) أو (شلّة صبيان)، لا يعرفون ألف باء السياسة. وهم مراهقون، بمعنى أنهم غُرٌ، ذوو شَبَق سياسي، كالشبق الجنسي الذي ينتاب المراهقين، في فترة المراهقة الحادة والساعية لإشباعها بممارسة الجنس، الذي تطلبه دائماً، وتلجأ فيه إلى quot;العادة السريةquot; في المجتمعات المغلقة، أو ممارسة الجنس مع الحيوانات كما يتم في الأرياف، وفي أوساط الفلاحين.
وكان المعشِّر (وهو الوزير السابق في البلاط الملكي) قد كشف عن بعض مثالب آلية اتخاذ القرار في الدائرة المحيطة بالملك، قائلاً بأن رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري حصل على إجازة، وغادر البلاد، عندما نوقش قانون الانتخاب الجديد، في مؤشر على أن هذا القانون مرفوض، من رجالات الدولة. مشيراً إلى أن السياسي المعروف عبد الهادي المجالي يعارض هذا القانون أيضاً . وأن 14 عضواً في مجلس الأعيان (مجلس الملك) هاجموا قانون الانتخاب الجديد، المعروف بالصوت الواحد ، الأمر الذي قال أنه لم يحصل حتى عند إقرار معاهدة وادي عربه مع إسرائيل.quot;
الفرق بين الأب والابن
ولكن المعشِّر لم يدرك، أن من وقَّع المعاهدة السابقة هو الملك حسين بحصافته السياسية، بعد أكثر من أربعين عاماً من الحكم المرير (زمن عبد الناصر، وصدام حسين، وحافظ الأسد، وعرفات). وأن الملك الحالي (ملك سباق السيارات والنوادي الليلية، كما تقول عنه صحافة الغرب عامة )، لا يلتفت الى رأي أحد. ويعتبر رأيه ومواقفه quot;ربَّانيةquot; تأتية من السماء عبر البريد الإلهي/ الملكي السري. لذا فهو يتمسك بقانون الانتخاب المقترح، لإبعاد شبح المعارضة الأردنية الهزيلة حتى الآن ndash; برأينا - والتي تنتظر ماذا سيحصل في سوريا خاصة، ثم في ليبيا، وفي مصر، لكي تتحرك طبقاً لما سيحصل مستقبلاً.
أسئلة مقلقة
وتساءل المعشِّر في مقاله الذي نشرته الصحيفة الأردنية quot;الغدquot; قائلاً:
أين الحكمة السياسية في دوائر صُنع القرار العليا في الدولة؟
ألا يوجد من يرى خطر هذه السياسات الإقصائية؟
هل يتجنى البعض، حين يزعم أن البلاد تشهد مرحلة مراهقة سياسية، لم تعرفها من قبل؟
أو ليس مشروعاً، بل على كل لسان، أن الدائرة (البطانة) حول الملك بحاجة ماسة إلى توسعة حتى يستمع إلى مختلف الآراء على مستقبل البلد؟
ام أن الأردن، بات يضيق بآراء أبنائه؟
فهل يعلم المعشِّر؟
ولكن هل يعلم المعشِّر، وهو وزير البلاط السابق:
- أن معظم المستشارين في البلاط، لا يُستشارون. وأن السيد هناك هو صاحب الرأي الأول والأخير.
- أن الاحتفاظ بهذا العدد الضخم من موظفي الديوان الملكي، ما هو إلا ديكور سياسي، وتزويق سياسي، لذر الرماد في أعين الغربيين من سياسيين وإعلاميين.
- لقد كان المعشِّر من قبل وزيراً للبلاط، وكان يعرف ما يدور فيه، وكانت فيه مراهقة سياسية سابقة، فلماذا لم يتحدث عنها في ذلك الوقت؟
- هل يطمع المعشِّر بالرجوع الى الديوان الملكي وزيراً للبلاط كما كان في الماضي، لذا فهو يدعو الى التوسعة، ومزيد من التوظيف؟
- هل يعلم المعشِّر أن المشكلة، ليست بموظفي الديوان الملكي والمستشارين فيه، ولكن المشكلة في مواد الدستور الحالي، التي تُطلق يد الملك كحاكم مطلق بالحق الإلهي المطلق على طريقة ملوك القرون الوسطى المظلمة. ولذا، نرى أن الملك وبطانته، يتمسكون بالدستور الحالي الذي يُعطي الملك صلاحيات واسعة، لكي يعلو فوق القانون، وفوق المحاسبة، حتى وإن استولى على آلاف الدونمات وملايين الدولارات. فقد سبق وطالب المعارض الأردني ليث الشبيلات (14/12/2011 ، quot;القدس العربيquot;) بالكشف عن مصاريف العائلة المالكة، وقال:
quot; على الملك أن يُصلح الأمر بابتعاده عن حواشي السوء، وسماسرة الصفقات الناهبة لثروات الشعب، وأن يُبعد التجارة عن الديوان الملكي، وأن يتبنى طريقة حياة متناسبة مع واقع شعبه، الذي يكاد الجوع يأكل نصفه، فيحيا حياة متواضعة متناسبة مع دخل خزينة تُرهق الشعب بالضرائب الهائلة، وأن يفرض ذلك على الأمراء، والأميرات، والأشراف الذين يتكاثرون، وتتكاثر مصروفاتهم.quot;
وقد سبق لنا أن قلنا، في مقالنا: (quot;الأردن والملكية المُكلِّفةquot;، 3/7/2011):
quot;أن مصروفات العائلة المالكة الهاشمية السنوية أصبحت عبئاً ثقيلاً على بلد فقير، وقليل الموارد كالأردن، يعيش في معظم أيامه على الهبات والمساعدات الخارجية، ولم يتعدَّ دخل الفرد السنوي فيه أكثر من 2000 دولار، حسب أحدث تقرير نشرته مجلة quot;الإيكونومستquot; البريطانية. فالأردن البلد الصغير والفقير، يمكن أن يدار إدارة حازمة وديمقراطية ونظيفة وخبيرة وسليمة، بمبلغ لا يزيد عن عشرة ملايين دولار سنوياً، كما يتم في بريطانيا (راتب رئيس الوزراء السنوي 262 ألف استرليني)، أو فرنسا (240 ألف يورو سنوياً، بعد زيادته إلى الضعف مؤخراً)، أو ألمانيا (460 ألف دولار سنوياً)، أو حتى أمريكا(400 ألف سنوياً).
ولماذا نذهب بعيداً، ولنا في الدولة الإسرائيلية (راتب رئيس الدولة يحدده quot;الكنيستquot; كل مرة، ولا يتعدى نصف مليون دولار سنوياً) المثال والجار القريب منا، والذي نسمع بعض فضائح حكومتها وفسادها في الماضي وهذه الأيام، فنشمت بها فقط، ونتندر بهذه الشماتة، قبل أن نتعظ منها، ونتعلّم. quot;
كما طالب الشبيلات في التاريخ نفسه:
quot; بإعلان معلومات شفافة عن أسماء جميع الأمراء والأميرات والأشراف، ومخصصاتهم، ومصاريف خدماتهم، والأراضي التي يملكونها، وطريقة الحصول عليها، والأثمان التي تم دفعها لقاء انتقالها لهم.quot;
كما طالب الشبيلات:
quot;بإعلان قائمة بالأراضي المسجلة باسم كل من عمل في الديوان الملكي، ورؤساء أركان الجيش، وكبار الضباط، وجميع مديري المخابرات، والأمن العام، وطريقة الحصول عليها.quot;
ولكن لا حياة لمن تنادى!
وما زال بعضنا يبكي ويتباكى على فضح كل هذه السرقات!
ومن هنا، نضع أمام الجميع، حقيقة quot;أننا لسنا وحدنا النقاد القُساةquot;، للنظام الأردني، ولكن هناك كثيرين ممن سبقونا إلى مثل هذا النقد القاسي المكشوف، كما أننا كنا ممن سبقنا بعضهم في بعض الحالات.
السلام عليكم.
التعليقات