كيف تُدار اللعبة السياسية بين أفرقاء العملية السياسية في العراق؟ والمقصود بالافرقاء هنا الكتل والاحزاب والمنظمات والتيارات والشخصيات ذات المساس المباشر وغير المباشر بالعملية السياسية في العراق، سواء كانت في الحكم فعلا أو خارج الحكم، كما هو في القائمة العراقية، وكتلة الاحرار، و دولة القانون، والحزب الاسلامي، وشيخ العشيرة هذا أو ذاك...
ليست هناك قواعد في تصوري بقدر ما هناك مقتربات، ومهما كان الاصطلاح المستعمل هنا، نريد أن نعرف كيف تدار اللعبة السياسية في هذا البلد بين قواه ومكوناته السياسية الفاعلة!
المقترب الاول: الاستقواء بالخارج، فليس سرا أن القوى السياسية في العراق في مفاصلها الرئيسة لها علاقة بالخارج بدرجة وأخرى، وصار من الواضح لدى المهتمين بالشان العراقي أن العراق سياسيا على أقل تقدير يُدار بشكل عام من قبل دول الجوار، وكل قوة من هذه القوى تحسب حساب علاقة القوة الاخرى باجندتها الخارجية، ربما الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو المملكة العربية السعودية أو تركيا، أو قطر، عملية الاستقواء لا تتم علنا، وبصريح العبارة، بل هي كامنة في صميم العملية، ويتبادل الافرقاء التهديد أو التخويف أو التحذير بلسان الحال والواقع.
المقترب الثاني: التهديد بالملفات، لا يوجد حزب أو شخصية سياسية لها علاقة بعمق ما يسمى بالعملية السياسية ولا يملك فايل من الفضائح تجاه الآخر، بل هذه الحالة متواجدة داخل الحزب الواحد، في الدائرة الواحدة، وقد تحولت العملية السياسية في العراق حرب فضائح، كلنا يتذكر تهديد السيد المالكي للقائمة العراقية أو بعض شخوصها أو تهديده للتيار الصدري بملفات يحتفظ بها، والعكس أيضا صحيح، فكثيرا ما نسمع على لسان الناطق الرسمي للقائمة العراقية بان قائمته تمتلك ملفات خطيرة ضد شخصيات محسوبة على السيد المالكي، اما بين المركز والاقليم فهذه قضية أصبحت مادة العملية السياسية في العراق.
المقترب الثالث، شراء الذمم، أو المال السياسي، سواء كان مالا منقولا، أو على شكل وظائف وصفقات ووزارات، لقد اتهمت العراقية آخرين بانها تبتزها باغراء بعض أعضائها وروادها بالمال والمناصب، وهناك كلام كثير حول كسب رجال عشائر بالمال والمغانم الوظيفية، وهناك اتهام للعراقية بانها تصرف الملايين من الدولارات لكسب الناخبين، هذا نموذج سريع بطبيعة الحال، فيما الحالة مستشرية بشكل مثير للغاية، والمال هذا ربما من خزينة الدولة أو من الخارج، او من تجار، المهم أن له دورا بارعا في تدوير العملية السياسية في العراق.
المقترب الرابع: التمترس الحزبي والأسري في الوزرات والمواقع المهمة من هيكل الدولة العراقية، فهذه الوزاة من حق هذا الفريق، وفيما ترشح القائمة وزيرها،يتمترس عائليا في وزارته، هذه احدى مقتربات سير العملية السياسية في العراق،ليس هناك معايير الكفاءة والنزاهة بل معايير الحصة الحزبية، ثم الحصة العائلية،وبقدر ما هو مقترب توافقي،هو مقترب صراعي بطبيعة الحال، حتى داخل الحزب الواحد.
المقترب الرابع: الإطمئنان الى نسيان الناس،العراقيون آلفوا المفخخات،ألفوا التفجيرات،آلفوا منظر الدماء اليومي،وبعض السياسيين مرتاحون لهذه الحالة المأساوية، لانها لا تكلفهم محاسبة ولا اعتراض، ففيما يحصل أنفجار كبير، يروح ضحيته عشرات الابرياء، ( قد ) لا يضطرب الحاكم أوالمسؤول،لانه تفهّم جيدا بان الناس ألفت هذه الحالة،ولذلك لا يخاف اعتراضا ولا ثورة ولا مظاهرة،الناس آلفوا...
المقترب الخامس: الشروط التعجيزية المتقابلة، فما من مشروع يطرح من قبل فريق سياسي حتى وإن بدت عليه معالم العقلانية والموضوعية حتى يُقابل من الطرف الآخر بشروط تعجيزية، ولذلك لم يتقدم البلد خطوة كبيرة إلى الامام، سواء فيما يخص الوضع الامني، أو الخدماتي، او السياسي.
هذه بعض مقتربات اللعبة السياسية بين أفرقاء العملية السياسية في البلد،ومحصلتها النهئية،العطل والبوار لا أكثر ولا أقل.
- آخر تحديث :
التعليقات