من تكتيك الهجوم والاجتياح وثم انسحاب من بقي حياً إلى تكتيك الخطف والقتل او طلب الفدية.....اتساءل أين صارت ثورة الحرية والكرامة والديمقراطية؟!!!!...هل نجح النظام ياترى بتخليق معارضة مسلحة من جنسه وطبيعته؟

بهذا التعليق على ممارسات الجيش الحر، كثف المعارض السوري الدكتور منذر خدام، رؤيته لما يجري الآن على صعيد الحراك الثوري، السلمي والعنفي، في ترنيمة بدأت تعلو كثيرا هذه الايام، تحت جنح نقد الثورة وممارسات ثوارها..وهذا واجب لاغبار عليه، خاصة أننا نحن معشر الكتاب والمثقفين المعارضين أو حتى غير المعارضين!!

الحياديون مثلا، نريد أن يكون كل شيئ نموذجي على كافة الصعد والمستويات، وهذا حق أيضا..لكن إن لم يكن نموذجيا فهل يعني أن نكون منحازين كليا لنموذجنا غير المتحقق أصلا في التاريخ والواقع؟ ويصبح كل من هو خارج النموذج عبارة مرذول قولا وفعلا؟ لم تتعرض ثورة في التاريخ في سياق حدثها التفصيلي واليومي، لحالة من النقدية والتهجم والانكشاف كما تتعرض له الثورة السورية..إن ربط ظاهرة الجيش الحر، بما يكون في حالة انسانية عامة، وهو وجود ظواهر سلبية وجرائم، مثل الخطف وطلب الفدية ونشوء حالة من السلبية العنفية وعلى نطاق محدود، فيصبح تضخيم هذه الظواهر وربطها بالجيش الحر من أجل سبب واحد في الواقع وهو: تقويض الاساس الأخلاقي والتحرري لهذه الثورة، التي سجلت سابقة في التاريخ البشري، عموما والمعاصر خصوصا، حيث لم يواجه شعب كما يواجه شعبنا، جريمة عالمية منظمكة وفي وضح النهار، وبذلك يكون المثقف محكوم برؤيته السياسية والفكرية، ليس إلا!!

ومن جهة أخرى حتى لو كان ما يتم نشره في هذا السياق يشكل نقدا صائبا لظواهر الثورة، فيجب عدم التعامل معه على مبدأ ولا تقربوا الصلاة!! لكن السياسي المعارض، حافظ على نفس السوية منذ بداية الثورة وخاصة من هم في تيارات محسوبة تاريخيا على المعارضة التقليدية التي تفاجأت بالثورة، وبالاخص بعضا من التيار اليساري والقومي والعلمانوي، لأنه منذ بدء الثورة في الواقع وهو يتسقط دوما ما يقوض هذا الاساس الأخلاقي للثورة، فمنذ بدايتها، نلاحظ تلك السرديات:

انطلقت من الجامع، فهي مرذولة!! شعاراتها طائفية فهي مرذولة!! تريد تدخل خارجي فهي مرذولة!! يجب على المنشقين من الجيش والذين رفضوا قتل المدنيين من أبناء وطنهم أن يسلموا اسلحتهم للنظام ويذهبوا إلى الاعدام!! لأن الشباب يرفضون العنف والطائفية والتدخل الخارجي..والآن خرجوا علينا بترنيمة أن الجيش الحر معارضة مسلحة على شاكلة النظام..!!لهذا هي مرذولة وهذه رسالة ضمنية وصريحة لرفض دعم الجيش الحر، وفي النهاية وبمآلات السياسة وموازين القوى، يبقى النظام المجرم الطرف الوحيد الذي يمتلك السلاح واستخدامه بجرم واضح..الجميع من اصحاب هذه الطروحات يدركون أن طروحاتهم إنما تصب في النهاية في مصلحة استمرار العصابة الأسدية كطرف وحيد مسلح ويستخدم السلاح في قتل المدنيين..وتدمير مدنهم واقتصادهم وحياتهم.

كتبت منذ بدء الثورة أكثر من مرة تحذيرا، حول أن الوضع الدولي ووضع المعارضة السياسية التقليدية، يسير بالبلد نحو ما اسميته السيناريو الصفري، واسميته بالسيناريو الاسرائيلي، لأنه خيار إسرائيلي- كناتج موضوعي وذاتي ربما عند كثير من النخب في اسرائيل- يتمثل في دعم إسرائيل اللامحدود لعصابة آل الأسد، بحيث يتم تدمير الدولة والمجتمع- بغض النظر استمرت العصابة الأسدية أم لا ودون ان ننسى الموقفين الروسي والايراني بالطبع؟ هذا ما أدى إلى تزمين الوضعية السورية كما يفترض هذا الخيار، تحت معادلة تدميرية، لاتدعم المعارضة المسلحة ولا السلمية حتى!!ولا تدخل عسكري دولي، ولا تدع العصابة الأسدية تنتصر..هذه الوضعية هي التي كانت الفضاء المناسب لتخلقات مشوهة محسوبة على الثورة..مع ذلك سنقوم بمقارنة سريعة توضح:

جيش العصابة الأسدية ارتكب المجازر بحق المدنيين على اسس سلطوية وطائفية، دمر المدن والبيوت فوق رؤوس اصحابها، قتل من الاطفال والنساء أكثر مما قتلت إسرائيل من الفلسطينين خلال ثلاثة عقود..بينما الجيش الحر لم يقم بارتكاب أية مجزرة بحق المدنيين ولم يقصف المدن، ولم يتعرض للاحياء الموالية!! لم يقم الجيش الحر بتفجير مؤسسات الدولة أو بنهبها، بينما جيش العصابة ينهب ويقصف كل ما يراه.

مثال آخر..ثبت بالدليل القاطع أن العصابة الأسدية وراء كل التفجيرات التي قيل أنها تحمل بصمات القاعدة، لأننا لم نعد نسمع عن أي تفجير مشابه بعدما تأكدت العصابة الأسدية بأن مفعول تفجيراتها هذه لم يعطي نتيجة تذكر وان المجتمع الدولي لم ياخذ برسالتها واكتشف كذبها..والجيش الحر لم يقم بمثل هذه التفجيرات..

الاسلاميون على اختلاف انتماءاتهم السياسية هم جزء من الثورة..اتفقنا ام اختلفنا معهم، أما غالبية الجموع التي خرجت من المسلمين هم ليسوا منتمين سياسيا لأي تيار من التيارات المعروفة..

ثمة أمر انساني آخر يتم تجاهله، وهو أن ردة فعل البشر تجاه شبيحة العصابة الأسدية ليست متساوية، جراء ما قاموا ويقوموا به من تشبيح ومجازر..مع ذلك لابد من التأكيد أن الخروقات في جسد الثورة ليست قليلة ومدانة...لكنها لم ولن تكون هي الثورة، لأنها خروقات وإن تكررت فستبقى كذلك فكافاكم محاولات لا أخلاقية...