تداعيات الأحداث في سوريا منذ عدة أشهر تأتي مطابقة تماما لمعظم ما حدث قبل سقوط أنظمة صدام حسين ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح، وبالذات فيما يتعلق بالدوائر القريبة من رأس النظام وانشقاقاتهم أو هروبهم أو التحاقهم بالمعارضة والثوار، ولا غريب أن نسمع ذات الاسطوانات المشروخة والمملة في أن العالم باجمعه سيتدمر لو سقط نظامهم، وإنهم إنما يقاتلون الشر كله بالخير كله!؟ فلقد دأبت وسائل إعلام هذه الأنظمة بالتعاون مع حلفائها في كل من الصين وروسيا ومؤخرا ايران، على إيهام الرأي العام المحلي والعالمي بأنها مركز الخير والعطاء والأمن والسلام، وان المساس بهذا المركز سيفقد تلك البلاد وشعوبها والمنطقة هذه الميزات وسيشيع الفوضى في كل الشرق الأوسط، وما زالت وسائل إعلام أتباع صدام حسين وغيره من تلك الأنظمة الشمولية، تشيع بين الناس إن ما يجري في العراق واليمن وليبيا إنما هو بسبب زوال تلك الأنظمة، من خلال عمليات الإرهاب التي يتم تغذيتها وتنفيذ الكثير منها على أيدي بقاياهم وأموالهم التي سرقوها من خزائن دولهم. وحينما تساقطت شعاراتهم وانهارت هياكل أنظمتهم وبانت عوراتهم ومخازي أنظمتهم وما اقترفوه بحق شعوبهم، شهدنا مأساة تدميرهم لدولهم وإحراقها بدءً من صدام حسين الذي هدد الأمريكان بان جنودهم سينتحرون عند أسوار بغداد، ولم يستطع الحفاظ على أسوار بيته فانكفأ مخزيا في جحر بباطن الأرض وترك بلاده تحترق، وهكذا فعلا القذافي الأحمق حينما تصور إن الملايين سيزحفون من اجله، فانكفأ هو الآخر في أنبوب وسخ لكي يخرجوه ويعدموه شر إعدام كما فعل هو بشعبه طيلة أربعين عاما؟ إن ما يجري اليوم في سوريا من مذابح ضد الشعب السوري وقواه المقاومة، إنما يؤشر الانهيار السريع والعد التنازلي لسقوط واحدة من أكثر الدكتاتوريات بشاعة بعد دكتاتورية البعث في العراق والقذافي في ليبيا، وما يشعل أوار الحرب والحرائق في ارض الشام ومدنها العزيزة هي تلك المواقف الانتهازية أو المرتزقة لبعض الدول والأنظمة السياسية في العالم، والتي بتأييدها لنظام متهرئ آيل للسقوط بين فينة وأخرى إنما تصب الزيت على النار وتدفع النظام السوري إلى اقتراف جرائم الإبادة الجماعية للسكان كما حصل في العراق نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي في حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية في الجنوب والوسط العراقيين، وما حصل من دمار شامل للبلاد في كل من العراق وليبيا اثر إصرار مجموعة من الدول على مناصرة النظامين الدكتاتوريين. إن منطق التاريخ والأحداث وما يجري من صراع بين إرادتين ليس في سوريا فحسب وإنما في كل البلدان التي تجاوز سكانها حاجز الخوف والإرهاب السلطوي، يؤكد حقيقة لا مناص منها وهي سقوط الدكتاتورية وانتصار الخيار الديمقراطي، وبالتأكيد ستتحمل هذه الدول وأنظمتها السياسية مسؤولية تلك الحرائق والمذابح التي يقترفها النظام، وستخسر سمعتها وفرصها مع النظام الجديد كما حصل هنا في العراق وفي ليبيا وتونس ومصر واليمن وغدا في دمشق، أنها حتمية التاريخ سيسقطون وستنتصر إرادة الديمقراطية فلا تحرقوا سوريا اليوم لأنكم ستحترقون غدا بنيرانها!؟
- آخر تحديث :
التعليقات