قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بتحذيرات خطابية شديدة من تسليح المعارضة السورية، قائلاً: (لن نسمح بسقوط النظام السوري أبداً متوكلين على الله مستمدين العون من المهدي المنتظر)، وهو يسمى الذين يدعمون الشعب السورى، بالأعداء ومحذرا العرب من مساعدة الشعب السورى أو مساندته

ليست هى المرة الأولى التى يستفيد منها نجاد فى قضية دعم المهدى المنتظر، فإن نجاد قد ذكره فى خطابه المطول فى الأمم المتحدة وقال أيضا أن أمريكا نفسها قامت بتفجيرات 11 سبتمبر وادعى ادعاءات كثيرة قد تضحك الثكلى وتظهر مستواه الفكرى

وقال نجاد أيضا (إن القوى العظمى مذهولة، هل تصدقون أن تصبح إيران قوة نووية هكذا؟ نحن نرى في ذلك اليد المدبرة للإمام الغائب). وفى كلمة نجاد فى اصفهان بتاريخ 23-2-2010، قال أن مجئ أمريكا للعراق هو لعلمها ومعرفتها بظهور المهدى قريبا وتريد القضاء عليه قبل ظهوره وانتصاره فهى أكبر عائق عن ظهوره. وفى خطابه الحماسى بقم وبحضور أئمتهم قال (أن الإمام المهدي يدير العالم كله، ونحن نرى يده المدبرة في شؤون البلاد كافة). ومن جانب آخر ادّعى ولى الفقيه خامنئى أنّ اليد الإلهية وراء نجاح نجاد فى الإنتخابات الأخيرة، رغم وجود التهم الكبيرة للتزوير الواسع ضد منافسه مير حسين موسوى، والثورة الخضراء لملايين الشعب الذى قمع بكل وحشية. كما قال المرجع الدينى المتشدد محمد تقى مصباح يزدى أن طاعة نجاد هى طاعة للمهدى المنتظر وطاعة لله تعالى، وأصدر يزدى الفتاوى الشديدة فى إهدار دماء معارضيه. إن أحمدى نجاد لايترك مناسبة ولا فرصة حتى فى القرى والأرياف فى ادعاءاته عن المهدى الغائب وكأنه يلتقى به كما زعم العديد من فقهائهم على مر التاريخ وتبين خطأ هذه الإدعاءات وعدم تحققها أصلا، بل المروى فى الآثار (من ادعى رؤيتى بعد اليوم فكذّبوه) (وسيأتي إلى شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر) (كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله) (مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ثم وقع من وكره تتلاعب به الصبية)، وأكثر من أربعين رواية اعتمدها المحدثون لحرمة الخروج على الحاكم قبل ظهور المهدى

إن نجاد هو الرئيس الإيرانى الوحيد الذى وقع على يدى خامنئى لتقبيلها فى أول رئاسته، وهو الرئيس الذى خرجت الملايين ضدّه تقول له (الموت للدكتاتور)، وهو الذى اتهم من البرلمان بحمايته للفاسدين الذين سرقوا مليارات الشعب ومصادرتها للخارج، وهو الرئيس الأكثر استغلالا لقضية المهدى حتى تبرع بالملايين لمسجد جمكران المبنى قرب قم باسم المهدى ويرتاده الكثيرون للصلاة والدعاء فيه وطقوس خاصة مثل أربعين أسبوعا لرؤية المهدى فيه.. إستغل نجاد قصة المهدوية فى مآربه السياسية ضد خصومه من الشعب الإيرانى الذى يخضعون للإقامة الجبرية أو السجن أو القتل أو الهجرة خصوصا مير حسين موسوى الذى سأل نجاد عن أصله ولقبه الحقيقى فبهت ولم يجد جوابا، وذلك فى مناظرات ما قبل الرئاسة

وقبل ذلك كانت الدولة الصفوية ومؤسسها الشاه إسماعيل الصفوى الذى ادعى لقاءه بالمهدى فى كهف مدينة تبريز الإيرانية وقال له المهدى (لقد حان وقت الخروج، إذهب فقد رخصتك) وادعى رؤيته للإمام على وأخبره أنه نائب المهدى فى غيبته، ومن وراء الشاه، كان الفقيه محمد باقر المجلسى الأصفهانى صاحب موسوعة (بحار الأنوار) واعظ السلطان وصاحب المقام وهو يدعى أن الملائكة تضع أجنحتها فى خدمة الشاه

فى عصرنا يحتكر أحمدى نجاد، للمهدى الغائب وحده ويحدد له وظائفه أن يكون مع الجلادين ضد الشعوب المقهورة والمظلومة

وفى الوقت الذى يحذر نجاد فيه العربَ من مساعدة الشعب السورى وتسليحه يعلن وقوفه ودعمه للنظام، والملاحظ تورط النظام الإيرانى دفاعا عن النظام الأسدى ومجازره ضد الشعب، فكيف يعقل من حقه الدفاع عن جرائم الحكام والقتلة وليس من حق الشعوب الدفاع عن نفسها وحريتها وكرامتها.. إنها قضية شعب كريم يطالب بالحرية والكرامة وحقوقه المشروعة

قامت الثورة الإيرانية على شعارات كبيرة وأن الشاه يظلم الشعب ويثرى على حساب الشعب المحروم وكذلك على فكرة المهدى وأن الخمينى نائبه العام فى ولاية الفقيه، رغم أن النظام الجديد قد أفقرهم وظلمهم أكثر من الشاه بكثير بل وباسم الدين وفكرة المهدى الغائب، كما استمرت الحرب العراقية-الإيرانية ثمان سنوات على أن المهدى يقودها وسوف ينتصرون ويسقطون صداما ويحررون القدس عن طريق كربلاء والخمينى يسلّم الراية للمهدى ولا مرجع بعده، وخطابات الخمينى (الحرب يقودها المهدى المنتظر وهو لن يفشل وهى حرب الإسلام ضد الكفر بقيادة الإمام، وصدام زائل فى نهاية الحرب وإقامة الإسلام وتحرير كربلاء الحسين فلا معنى للصلح معه ولا يقبل المهدى بذلك وسنحررالقدس عن طريق كربلاء وسنسلم الراية للمهدى)hellip; وغيره من الشعارات التى تبين خطؤها فقد وافق الخمينى على الصلح الذى اعتبره بمثابة تجرع السمّ ثم مات الخمينى قبل صدام بسنين ولم يسلم الراية للمهدى، الذى لم يظهر منذ غيابه لأكثر من ألف عام، والذى انقسم شيعة أبيه الحسن العسكرى إلى أربعة عشر فرقة كلها لاتؤمن بولادة طفل عمره خمس أعوام لم يروه ولم يعرفوه وهو خائف من المعتمد العباسى ليختفى فى سرداب سامراء عام 259 هجرية. غاب وهو خائف منذ أكثر من ألف عام وقد قامت باسمه دول شيعية كثيرة آخرها حكومة ولاية الفقيه فى إيران. وفى التراث ينقلون عن المهدى وعصر ظهوره أحاديث عجيبة منها (ما بقى بيننا وبين العرب إلا الذبح) (إتق العرب فإن لهم خبر سوء أما إنه لم يخرج مع القائم منهم أحد) (يسير -المهدى- فى العرب بما فى الجفر الأحمر-قتلهم-) (إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد) (ألا يا ويل بغداد من الري (طهران) من موت وقتل وخوف يشمل أهل العراق إذا حل بهم السيف فيقتل ما شاء الله... فعند ذلك يخرج العجم على العرب ويملكون البصرة) (إذا ظهر القائم قتل تسع أعشار العرب)... ومما يظهر انتقام الفرس من العرب وكأنه انتقام من القادسية التى انتصر بها العرب وزعيمهم الفاروق لتحطيم عنجهية وغرور الدولة الكسروية وعندما فرح المؤمنون بانتصارهم على ملوك الفرس، كما فرحوا بانتصار الروم على الفرس كما حدّثنا الله فى آيات خالدة (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون﴾ وأيضا يفرح المؤمنون عندما ينتصر الشعب السورى والشعوب الإيرانية على طغاتهم وتتحقق الكرامة والحرية للشعوب المقهورة

ولازالت الكثير من الفرق الشيعية الموجودة الآن لاتؤمن بمحمد بن الحسن المهدى المنتظر كالزيدية والإسماعيلية والبهرة والأغاخانية وغيرها

ومن هنا تظهر عشرات الأسئلة ومنها:

هل المهدى مع الشعوب المقهورة أم مع الطغاة القتلة فى سوريا وطهران؟ وهل أنه يكره العرب ويحب الفرس عكس أجداده؟

وهل يكون المهدى نقمة على العرب والأمة والناس أم رحمة للعالمين كجده رسول الله الذى قال الله له (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) سورة الأنبياء-الآية107