احتجت بعض الفعاليات الشعبية الأردنية، منتقدة الديوان الملكي، لتدخله في quot;طبخةquot; الانتخابات الأردنية المقبلة، التي قيل أنها ستُعقد في نهاية هذا العام. وبدأت quot;الجهات المختصةquot; التحضير والدعاية لها، مستخدمة رموز الفكاهة والغناء الشعبي المصري التهريجي كـ quot;شعبولاquot;، ومحمد سعد، وغيرهما. وقالت هذه الفعاليات في احتجاجها على تدخل الديوان الملكي، وتقشيره بصل quot;طبخةquot; الانتخابات متسائلة:
ما هي علاقة الديوان الملكي، ورئيسه بالانتخابات؟
واعتبرت الفعاليات، خطوة الديوان الملكي quot;تزويراً مبكراً وتدخلاً مباشراً في الانتخابات، وتعسفاً واضحاً في الصلاحيات وتحدياً سافراً لمشاعر الاردنيين.quot;
وهذا السؤال مستهجن جداً، وفي غير موضعه، إلا إذا قُصد منه إحراج الديوان، الذي لا حرج، ولا خوف عليه.
انتخابات الديوان أولاً وأخيراً
الانتخابات النيابية، أو أية انتخابات أخرى، هي انتخابات الديوان. وطبخة الانتخابات هي طبخة الديوان، والحكومة الحالية ما هي إلا خدم في مطبخ الديوان، تقوم بما تؤمر به، ثم يتم صرفها في الوقت المناسب. وعدد موظفي الديوان الذي تقول بعض المصادر إنه يفوق 4000 موظف، هم الدولة الأردنية الحاكمة الفعلية.
الديوان هو الدولة والدولة هي الديوان
وفي معظم الأنظمة الملكية الغربية والشرقية، يصبح رئيس الديوان هو رئيس الوزراء الفعلي وليس quot;طرطوراًquot; كباقي quot;الطراطيرquot; الأخرى في الدولة. وسائس quot;الإسطبل الملكيquot; هو الفارس الأول، والقائد العام، والزعيم الأوحد، ومن يتم السجود له في الأرض، والدعاء له، وتسييده. وهو الأول والآخر، والقاصي والداني، والحار والبارد، وكل ما تريد منه.
أمسكوا بالرأس لا بالذيل
والرأس لا الذيل، هو الذي يصرف الحكومات، ومجالس النواب، والأعيان، والأغنام، ويأتي بهم متى شاء، ومتى أراد، بإرادة سامية. وكل هذا باسم quot;الشعبquot; ومن أجل quot;الشعبquot; ولمصلحة quot;الشعبquot;. ولينفلق quot;الشعبquot;، ويقول ما يشاء، والديوان يفعل ما يشاء، لأن الحراك الشعبي الأردني الآن، يدوس على الذيل، ولا يدوس على الرأس.
فامسكوا بالرأس، لا بالذيل، لعلكم تفلحون!
جانب من الحراك الشعبي الأردني
العسكر هم الأمل الباقي
فالحراك الشعبي ما زال يخشى الرأس، بل يقدسه، ويصونه، ويحلف بحياته. وسيبقى الحال كذلك، إلى أن يأتي جيل شجاع من الأردنيين يفهم تماماً معنى قول الفرنسيين:
quot;إن السمكة تفسد من رأسها.quot;
ويقوم ضابط مغامر وشجاع، بقيادة انقلاب عسكري، يطيح بالنظام، ويفتح الطريق أمام فجر جديد كما تم في تونس، ومصر، وما يجب أن يتم في سوريا وإلا ستظل المذابح السورية اليومية مستمرة، وسيظل quot;المسلخ الأسديquot; يعمل كل يوم على قتل المئات. وستظل quot;الأمم المتحدةquot;، راوح مكانها، وتبعث مندوباً أسود، وأخضر، وأصفر، وأحمر في كل حين، لإطالة أمد عمل هذا quot;المسلخquot; البشري الشنيع.
وبعد هذا يتساءلون:
لماذا يدسّ الديوان أنفه فيما لا يعنيه؟!
فمثل هذه الأسئلة السخيفة والغبية، وهذه القناعات الصبيانيّة الساذجة، هي التي أدت بالحراك الشعبي الأردني إلى كُساحه الحالي الآن، وهي التي أخَّرت القيام بعملية عسكرية تغييرية شاملة، منذ 1957 حتى الآن!
التجهيل والتيه السياسي
ومن هنا، فإن نقد quot;حكومة الطراونةquot;، أو أية حكومة سابقة فيما فعلته، وفيما تفعله، ليس من الحكمة، والصواب، والرشد السياسي، في شيء، بل هو من التجهيل والتيه السياسي، الذي يمارسه زعماء الحراك الشعبي الأردني من اليمين، واليسار، والوسط.
ولن ينجح، ولن يفلح الحراك السياسي الأردني، ما دامت quot;قياداتquot; المعارضة تُدخل الشعب في هذه الانفاق السياسية المظلمة. ورغم أن قيادات الجيش الأردني من أبناء القبائل والعشائر الموالية للنظام، مقابل امتيازات كثيرة لها، إلا أنها تراقب أداء المعارضة الأردنية السيء حتى الآن، وتتساءل:
- لو أننا قلبنا النظام، فمن هي السلطة المدنية التي ستحكم غداً؟
- صحيح أن السلطة الحالية، سلطة عسكرية، ومنذ أكثر من 90 عاماً، ولم تكن مدنية في يوم من الأيام. فالأردن منذ 1921 وهو يعيش في قانون الطواريء. وما زالت سجون ومنافي quot;الجفرquot; الصحراوية مفتوحة، وما زالت هناك قوانين، وأنظمة، تتيح اعتقال، وتعذيب، وقتل المعارضين، والناشطين السياسيين. وما زالت quot;دائرة المخابرات العامةquot; هي العصا الغليظة بيد النظام. وهي التي تصدر قرارات البراءة، أو النجاسة، لكل مواطن أردني على وجه الأرض.
ورغم هذا ما زالوا يتساءلون:
- لماذا يتدخلون؟
- ولماذا يقشرون بصل quot;طبخةquot; الانتخابات على هذا النحو؟
السلام عليكم.
التعليقات