بعد محاكمات و متابعات قضائية إتسمت بالصرامة و الجدية و الدقة وعدم تلفيق أو فبركة الإتهامات صدر الحكم في إسرائيل على رئيس وزرائها السابق إيهود أولمرت بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بتهم تتعلق بالفساد وإستغلال المنصب! وقد أعلن الحكم علنا رغم الظروف الصحية السيئة لأولمرت ( سرطان البروستات ).. وقبلها بشهور طويلة تم الحكم على رئيس الدولة الإسرائيلية ( موشيه كساف ) بالسجن لمدة سبعة أعوام بعد ثبوت تهمة الإغتصاب الجنسي بحق إحدى الموظفات في مكتبه الرئاسي ونتيجة لإستغلاله لمنصبه في تحقيق رغباته و شهواته الخاصة وتم تنفيذ الحكم والرئيس الإسرائيلي السابق هو اليوم خلف القضبان يقضي عقوبته ويقطف ثمار زهوه بالمنصب الرئاسي الذي لم يمنع أبدا يد العدالة من أن تطاله وتنزل به القصاص، كما تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتانياهو سابقا لسلسلة طويلة من الملاحقات و التحقيقات القضائية عن ملفات فساد أتهم بها لم تثبت جديتها حتى اليوم دون أن يعني ذلك من أن صفحته قد برأت تماما!
داود البصري |
يحدث كل هذا في ( إسرائيل ) التي نصفها بمختلف الأوصاف، ونتفنن في تبيان وعرض جرائمها و إستباحتها ضد أشقائنا الفلسطينيين وضد العالم العربي عموما في عربدتها و إستهتارها وحتى خروجها عن القيم و القوانين الدولية، ولكن تلكم الممارسات الخارجية للدولة العبرية تقف خلفها إدارة داخلية صارمة للمراقبة والتحقق من الأداء السياسي و الإداري للمسؤولين مما جعل إسرائيل من الدول الناجحة في الإدارة الداخلية رغم دقة وحراجة الموقف الإقليمي ورفض دول الجوار لها.
إلا أن يد العدالة والقانون الصارمة لا ترحم أحدا ولو كان من عتاة الصهاينة الذين عملوا لبناء و تأسيس دولة إسرائيل، لقد تعرضت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير وهي من الرموز الإسرائيلية التاريخية لعملية محاسبة شديدة بعد حرب أكتوبر ( يوم الغفران ) عام 1973 بعد تقرير لجنة ( أغرانات ) وإتهام حكومتها بالتقصير في منع إندلاع تلك الحرب التي شكلت الهزيمة التكتيكية الأولى عسكريا في التاريخ الحديث ودفعت ثمن ذلك من حياتها السياسية التي كرستها أصلا لخدمة الحلم الصهيوني، وكذلك كان حال ومصير أحد قادة الصهيونية ومؤسس دولة إسرائيل وهو رئيس الوزراء الأسبق ديفيد بن غوريون، وهو ما أضحى أيضا مصير إسحق شامير وغيره من بناة المشروع الصهيوني الحديث، فلا أحد في إسرائيل يمتلك المعصومية والقدرة على الإفلات من التجاوزات و الأخطاء المقترفة، في مقابل ذلك نتابع ما يحصل في العالم العربي السعيد بلصوصه وبعضا من حكامه الطغاة والقتلة والذين هم أخطر من زعماء مافيا الدولية في إدارة عمليات النهب و الإستغلال و القتل و الإرهاب، فماذا نجد؟ طبعا لن نتحدث عن مافعله حاكم ليبيا الأسبق وملك ملوك إفريقيا المعتوه الذي كان القذافي وزمرته ومافعلوا بالشعب الليبي وبالثروة الوطنية هناك؟
ولن نتحدث أيضا عن زين الهاربين التونسي الذي ترك أموالا مخزونة ومحفوظة في جدران القصور الرئاسية؟ ولن نتطرق لمليارات صدام حسين المختفية و المنهوبة ولا لمصائب و ملفات عربية أخرى قد لا يسمح لنا مدير التحرير العزيز بإيراد إمثلتها لأنها ستخلق مشاكلا جمه وتثير زوابع لايراد لها أن تثار حاليا؟
ولكنني أتحدث تحديدا عن زمر اللصوص في جمهورية العراق الديمقراطية التحاصصية التي بلغ فيها لصوص السياسة والطائفية حدا من الكمال و التميز أكسبهم المعصومية شبه المطلقة ومكتهم من الإفلات من أي متابعات قضائية وقانونية أو حتى حملات ضغط خفيفة لإسترداد و إعادة جزء من المسروقات على أقل تقدير وهي سرقات و ملفات معروفة من قبل المخابرات الدولية لأن تلكم الأموال و الثروات المنهوبة تستثمر في دول اللجوء لتلكم العناصر وأبرز مثال على ذلك هو ملف وزير التجارة العراقي الأسبق المتدين حتى الثمالة وأحد رموز المشروع الطائفي الإيراني في العراق و الشرق الأوسط الدعوي المبارز عبد الفلاح السوداني الذي أثبتت المحاكم العراقية المختصة التابعة لولاية رفيقه نوري المالكي عن ثبوت سرقته لملايين الدولارات من قوت العراقيين ومن ثم سمح له بالهروب العلني و بتسهيلات سلطوية فائقة الجودة للهروب لمعقله اللندني وحيث يحمل الجنسية البريطانية منذ أيام اللجوء الإنساني هناك وحيث سرق مغارة علي بابا العراقية وأستثمرها في بلاد أعمامنا الإنكليز ( قدست أسرارهم )!!
وطبعا الإنتربول على مايبدو لاعلاقة له وبملفاته باللصوص الدوليين من الدعاة المؤمنين؟ وغير الرفيق عبد الفلاح الكثير من الأمثلة والنماذج، فهذا إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي الأسبق وأحد قادة حزب الدعوة أيضا لم تحاسبه أي محكمة عراقية على الفضائع التي جرت في عهده ومصرع أكثر من ألف عراقي غرقا في دجلة في فبراير 2005 دون معرفة الأسباب و المسببين حتى اليوم في إستهانة واضحة بقيمة الحياة البشرية في العراق؟
ومع ذلك ما زال الجعفري يخربش في الحالة السياسية العراقية الرثة ويتحول لزعيم إصلاحي خطير... ترى هل علمتم الفرق بين مصير لصوص إسرائيل ولصوص العرب....؟
التعليقات